تقرير خاص أعده لـ“بران برس” - أمة الغفور السريحي:
منذ بواكير عمرها، كانت الصحفية والمصورة الفوتوغرافية، حبيبة راجح (28 عاماً) شغوفة بالتصوير الفوتوغرافي، وأصبح حلمها واقعًا بعد نزوحها إلى محافظة مأرب عام 2018، حيث باتت تعمل في تصوير المناسبات النسائية، واضعة خطواتها الأولى في هذا المجال، وتاركة بصمة مميزة في كل صورة تلتقطها.
تقول “حبيبة” لـ“بران برس”: “فكرت بمشروع تصوير المناسبات النسائية، لندرة المصورات في هذا الجانب، ومن واقع الاحتياج البالغ في المجتمع لمشروع نسائي متخصص في التصوير النسائي والأطفال”، مشيرة إلى أنها تحرص أن يتسم المشروع “بالثقة والإتقان والأمان”.
وإلى جانب هذا، سعت “حبيبة” إلى توسيع آفاق حلمها من خلال تأسيس مشروعها الخاص والذي أسمته “معامل برواز للتصوير الفوتوغرافي والإنتاج الإعلامي”.
وحول مشروعها الجديد، تقول “حبيبة” في حديثها لـ“برّان برس”، إنها حرصت أن يضم “كادر نسائي مختص“، إيماناً منها بقدرات المرأة وإمكانياتها، مؤكدة نجاح مشرع “معامل برواز” في “تقديم خدمات متميزة في مجال التصوير النسائي والأطفال، ليصبح علامة تجارية رائدة في مأرب”.
وتضيف أن “بيئة العمل في مأرب مناسبة ومشجعه للعمل”، مؤكدة أن “المرأة اليمنية في مأرب تحظى بمكانة مرموقة، ونالت خلال السنوات التسع الماضية فرصاً متعددة للمشاركة في مختلف المجالات”.
دعم رسمي
وطبقًا لعدد من النساء التي التقاهن “برّان برس”، بالإضافة لتصريحات رسمية لقيادات في السلطة المحلية، تحظى المرأة في محافظة مأرب بالمزيد من التشجيع والاهتمام، وهو توجه فريد لقيادة السلطة المحلية.
توجه السلطة المحلية لتشجيع المرأة وتمكينها من الوظيفة العامة، جعلها تحتل مكانة مرموقة، وتنال فرصاً متعددة للمشاركة في مختلف المجالات، لاسيما الإدارية منها، في ظل ما تتعرض له النساء في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب من تضييق واضطهاد.
وخلال السنوات الماضية، أكدت قيادات السلطة المحلية بمأرب حرصها على تشجيع المرأة وتسخير كل الإمكانيات وتذليل الصعوبات أمامها للحصول على حقوقها في مجالات التعليم والصحية والوظيفة العامة، إضافة إلى تخصيص برامج ومبادرات لدعم مشاريع النساء، وتوفير فرص التدريب والتأهيل لهنّ بمختلف المجالات.
وسجلت المرأة في مأرب، حضورًا لافتًا في المجال الإنساني في ظل ظروف الحرب وما أحدثته من أوضاع معيشية وإنسانية غاية في الصعوبة.
تشير تقديرات شبه رسمية، إلى أن عدد المنظمات والمؤسسات التي تقودها المرأة في محافظة مأرب بلغ 12 منظمة ومؤسسة، إضافة إلى إدارة المرأة بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل وبهذا تكون 13 منظمة بقيادة نسائية وتهتم بشؤون المرأة في محافظة مأرب.
أول مجمع نسائي
ذكرى الحملاني (42 عامًا)، سيدة أعمال تحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، ومدربة في إدارة المشاريع، أتت إلى مأرب وسعت إلى ترك بصمة إيجابية على مجتمعها من خلال تأسيس “مركز فرست ليدي”.
تقول “ذكرى” لـ“برّان برس”، إن “مركز فرست ليدي، هو أول مجمع نسائي متكامل في محافظة مأرب، بدأت في تأسيسه بعد تأسيس ثلاثة مشاريع استثمارية قبله في محافظة مارب ناجحة، ومازالت مستمرة إلى الآن منها معهد المعالي للعلوم الصحية والإدارية، وأكاديمية المعالي للتدريب والتأهيل، ومركز سمارت للتدريب والاستشارات، ليأتي مركز فرست ليدي وهو أول مجمع نسائي بالمحافظة”.
وعن خدمات المجمع، توضح “الحملاني”، أنه يقدم خدمات عديدة للنساء في مأرب مثل “نادي رياضي نسائي، كافي نسائي، مكتبه للقراءة والمطالعة، محل تجميل، قاعات تدريب للمهارات النسائية كالخياطة الكوافير المعجنات والحلويات التصوير الحاسوب الإدارة، وتوفير العاب للأطفال، وتقديم الاستشارات في الصحة والتغذية والصحة النفسية والقانونية والإستثمارية”.
وعن فكرة المشروع، بيّنت “ذكرى” في حديثها لـ“برّان برس” أنها “جاءت من احتياج النساء بالمحافظة لمكان خاص بالنساء تجد فيه المرأة كل ما تحتاجه للترويح عن النفس أو للتدريب والتأهيل”.
وعن المشاريع النسائية في مأرب عمومًا، قالت “الحملاني”، قالت إنها تتمتع بإقبال كبير مع الكثافة السكانية الموجودة، واحتياج الساكنين للمشاريع الخدمية، وكذلك التوسع العمراني المهول، وتشجيع المحافظ لجميع المشاريع سواء الكبيرة أو الصغيرة لما تسهم في تنمية الاقتصاد بالمحافظة وتغطية الاحتياجات للمجتمع”.
ووجهت “نصيحة لكل النساء أن ينطلقن في مشاريعهن الخاصة، بما يجعل المرأة عنصر بناء لهذا المجتمع”. وقالت إن “الفرص متاحة، ومشجعة للعمل”. داعية النساء لأن “يتركن بصمة وأثر، وأن يسهمن في التنمية الاقتصادية سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع”.
دور قيادي
الحقوقية “ياسمين القاضي”، واحدة من أبرز نساء مأرب المؤثرات في المجتمع، وهي مؤسسة ورئيسة لواحدة من أهم مؤسسات المجتمع المدني بالمحافظة، وحاصلة على جائزة المرأة الدولية للشجاعة عام 2020 ضمن 13 امرأة عالمية.
تقول “ياسمين”، وهي رئيسة “مؤسسة فتيات مارب”، لـ“بران برس” إن معظم المنظمات في محافظة مأرب يقودها الرجال إلا أن هناك منظمات محلية تم تأسيسها بقيادات نسائية وكانت مؤسسة فتيات مارب صاحبة السبق، مبينة أن “مؤسسة فتيات مارب” كانت “أول منظمة تنشأ بقيادة نسائية في مأرب”.
وأضافت: “رغم كل التحديات والصعوبات التي واجهتها خلال وبعد مرحلة التأسيس إلا أن ذلك مثل دافعًا للعديد من النساء لإطلاق منظمات ومبادرات تقودها النساء".
وعن عمل المؤسسة، تقول “ياسمين القاضي”: “نعمل في المؤسسة على دعم وإسناد تلك المنظمات للقيام بأعمالها وممارسة أنشطتها في محافظة مأرب”. وبرأيها فإن “تمثيل المرأة ما زال ضئيل، ولم تنل حقها في الفرص وتطمح للكثير”.
وتقول إن “الحرب والصراع الدائر في اليمن ضاعف معاناة المرأة، وأضاف عليها أعباء اقتصادية ومسئوليات كبيرة”، مضيفة “أصبحت معظم النساء بسبب فقدان الكثير من الأسر لمن يعولها يتحملن مسئولية إعالة الأسر”.
وبالنسبة لمحافظة مأرب، تقول “ياسمين” إنها “لا تختلف كثيرا عن بقية محافظات ومناطق اليمن الأخرى إلا أنها شهدت بعض التغييرات النسبية في حياة النساء والفتيات”.
وخلال السنوات الأخيرة، تقول إن “هناك عدة فرص أتيحت للمرأة في محافظة مأرب، ومن أبرزها التدريب والتأهيل، التعليم، التمكين الاقتصادي، المشاركة في الأنشطة المتعلقة ببناء السلام، العمل في المنظمات المحلية، المشاركة في أنشطة وفعاليات العمل الإغاثي والإنساني، ارتفاع نسبة التحاق الفتيات والنساء بالتعليم بمختلف مراحله”.
حضور في الوظيفة العامة
مديرة عام مكتب المرأة بمحافظة مأرب، فندة العماري، تقول في تصريح لـ“بران برس”، إن المرأة في مأرب “حظيت بالفرص في كافة المجالات، وأصبحت مشاركة وموظفة في كافة القطاعات الحكومية والخاصة، وتقلدت مناصب منها مدير عام، ونائب مدير عام في مكاتب الخدمة المدنية والصحة وغيرها”.
ويأتي هذا، وفق “العماري”، في “إطار تعزيز دور المرأة في المكاتب الحكومية، ولمشاركة المرأة في التنمية”، موضحة أن هذا “بفضل الله ثم بفضل اللواء سلطان العرادة عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظة المحافظة، إعادة تفعيل دور اللجنة الوطنية للمرأة”.
وتقول “العماري”: نحن ننظر إلى دور المرأة، نظرة أمل وتفاؤل وفخر لما نشوفها تنافس للالتحاق بالتعليم”، موضحة أن “عدد الجامعيات أكثر من 5000 طالبه، وأيضًا التنافس في مجالات عدة منها التأهيل والتدريب المهني وغيرها من التعليم والتوظيف في كافة المجالات”.
وأكدت “العماري” أن “الفرص متاحة ومشجعة من التأهيل والتدريب والإقبال على المشاريع الخاصة التي تلبي احتياجات المجتمع، وعائد إيجابي عليها، والتوسع في الجمعيات والمؤسسات الخاصة بالمرأة وهذا مشجع في حد ذاته”.
دور رسمي مشجع
لم تقتصر مشاركة المرأة في مأرب على المجال الإداري فقط، بل تعدت لتشمل مجالات أخرى مثل التعليم والطب والهندسة والأعمال الحرة، فقد فتحت أمامها أبواب المدارس والجامعات لتلقي العلم واكتساب المهارات.
الدكتورة “بدور الماوري”، واحدة من النساء اللاتي أتيحت لهن الفرص في قطاع التعليم، حيث تعمل حاليًا نائبة رئيس جامعة إقليم سبأ للشؤون الأكاديمية”.
تقول “الماوري” في تصريح لـ“بران برس” إن ترشيحها لموقع نائب رئيس الجامعة، لم يكن وليد اللحظة، وإنما نتيجة تدرج وظيفي وعلمي في مراحل متعددة، مضيفةً “أيضاً لا أنسى دور السلطة المحلية ممثلة بعضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ محافظة مأرب اللواء سلطان العرادة، في تشجيع المرأة اليمنية، وإشراكها مع الرجل بحسب كفاءتها”.
وعن إقبال المرأة على التعليم في مأرب، تقول “الماوري” إنه “كبير”، وبرأيها فإن “البيئة الجامعية مهيأة في جميع التخصصات، خصوصاً في تخصصات النوعية الحاسوب والطب والعلوم المالية”.
وعن الطالبات، تقول إنهن “مندفعات وبقوة إلى التخصصات الذي يحتاجه سوق العمل”. وفي إطار جامعة إقليم سبأ، تقول إن “إقبال الطالبات لهذا العام كبير مقارنة مع الجامعات الأخرى وهي ما بين 30% ــ 35%، وبلغ عدد الطالبات 929 طالبة في جميع الكليات لهذا العام”.
وحول الدور الإداري والأكاديمي للمرأة في الجامعة، تقول “الماوري”، إن المرأة “أصبحت أستاذة أكاديمية، ونائبة رئيس الجامعة، وعميدة كلية، ورئيس قسم علمي، ومديرة إدارة”. وبرأيها فإن “هذا يدل على أن هناك تشجيع للمرأة وعدم هضم حقوقها".
واختتمت “الماوري” تصريحها لـ"برّان برس”: قائلة” نثق بقدرات المرأة، وبأنها عضو فعال في المجتمع”، داعية المرأة لأن “تعمل على تطوير وتأهيل نفسها في المجالات التي ترى أنها ستبدع فيها”.