فساد المنظمات الإنسانية في اليمن.. الأسباب والآثار والحلول الممكنة
عبدالجبار سلمان
تعتبر المنظمات الإنسانية من الجهات الأساسية التي تقدم المساعدات والدعم للمحتاجين في اليمن، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها البلد نتيجة النزاعات المسلحة والتدهور الاقتصادي. ومع ذلك، تبرز قضايا الفساد كعقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف الإنسانية المنشودة.
اليمن التي تعيش أزمة إنسانية غير مسبوقة نتيجة للحرب المستمرة منذ سنوات، مما جعلها وجهة رئيسية للمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية. ومع ذلك، ظهرت تقارير متعددة حول حالات فساد في هذه المنظمات، مما أضر بمصداقيتها وأدى إلى تدهور الوضع الإنساني. الفساد في المنظمات الإنسانية في اليمن يعكس تحديات متعددة تتطلب حلولاً جذرية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
ومن أسباب الفساد في المنظمات الإنسانية، ضعف الرقابة والإشراف حيث يعد غياب الرقابة الفعالة على عمليات المنظمات الإنسانية سببًا رئيسيًا لتفشي الفساد. ضعف الشفافية في إدارة الأموال والمشاريع يمكن أن يؤدي إلى سوء استخدامها. ان عدم وجود آليات فعالة للرقابة والمساءلة داخل المنظمات الإنسانية أدى إلى استغلال الأموال والموارد بشكل غير شفاف. بالإضافة الى انه قد يستغل بعض الموظفين المحليين مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المساعدات الإنسانية، سواء من خلال اختلاس الأموال أو توزيع المساعدات على غير مستحقيها أو مساومة المحتاجين وابتزازهم لتحقيق رغباتهم الشخصية. أيضاً ساهمت الصراعات المسلحة والسياسية في تعقيد البيئة التي تعمل فيها المنظمات الإنسانية، مما يزيد من فرص الفساد. الأطراف المتنازعة قد تضغط على المنظمات لتحقيق مصالحها الخاصة. وذلك لأن البيئة غير المستقرة والصراعات المسلحة توفر غطاءً للأنشطة غير القانونية وتسهّل الفساد. وأيضاً عدم كفاية التدريب والتأهيل للموظفين في مجالات الإدارة والشفافية يساهم في ارتكاب أخطاء يمكن أن تكون فرصًا للفساد. حيث ان العديد من المنظمات تعاني من ضعف في الإدارة والهيكلة، مما يؤدي إلى سوء إدارة الموارد.
ومن أشكال الفساد في المنظمات الإنسانية
اختلاس الأموال حيث يقوم بعض العاملين بسرقة الأموال المخصصة للمشاريع الإنسانية وتحويلها إلى حساباتهم الشخصية، وأيضاً يتم توقيع عقود مع شركات أو جهات معينة بناءً على مصالح شخصية أو رشوة، وليس بناءً على الكفاءة والجدارة. بالإضافة الى توزيع المساعدات بناءً على المحسوبية، مما يحرم الفئات الأشد حاجة من الحصول على الدعم. ومن الآثار السلبية للفساد حرمان المحتاجين من المساعدات حيث ان الفساد يؤدي إلى فقدان الثقة في المنظمات الإنسانية ويحرم الفئات الأشد احتياجًا من الحصول على الدعم الضروري.
فإن تحويل الموارد إلى غير مستحقيها يزيد من معاناة المتضررين ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. وأيضاً تؤدي ممارسات الفساد إلى تشويه سمعة المنظمات الإنسانية وتقليل مصداقيتها أمام الجهات المانحة والمجتمع، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بين المجتمع المحلي والمتبرعين الدوليين، حيث يقل الدعم الدولي مما يؤدي إلى نقص التمويل وتقلص حجم المساعدات الإنسانية.
بإلإضافة الى ان الفساد يعمق الأزمات الإنسانية، حيث يؤدي سوء إدارة الموارد إلى تفاقم المعاناة الإنسانية ويطيل أمد الأزمات. حيث ان عدم وصول المساعدات إلى الفئات المستحقة يزيد من انعدام الأمن الغذائي وتدهور الحالة الصحية للسكان. وعلى الرغم من ان وجود الفساد في المنظمات الإنسانية يمكن أن يعزز الفساد في المؤسسات المحلية ويعمق مشكلة الفساد في المجتمع ككل، إلا ان هناك بعض الحلول الممكنة لمكافحة الفساد، ومنها تعزيز الشفافية والمساءلة يجب على المنظمات الإنسانية تبني سياسات صارمة للشفافية والمساءلة في إدارة الموارد وتوزيع المساعدات. وأيضاً تقوية الرقابة الداخلية والخارجية وذلك بإنشاء هيئات مستقلة لمراقبة عمليات المنظمات والتأكد من سلامة الإجراءات والتقارير المالية. وتدريب الموظفين عن طريق تقديم برامج تدريبية مستمرة للموظفين حول أفضل الممارسات في الإدارة والنزاهة. والتعاون مع الجهات المحلية وذلك بتعزيز التعاون مع السلطات المحلية والمجتمعات لضمان توزيع المساعدات بشكل عادل وفعّال. وتنسيق الجهود بين المنظمات الدولية والمحلية لضمان توزيع عادل وفعال للمساعدات. وإشراك المجتمع المحلي في عملية توزيع المساعدات لضمان وصولها إلى مستحقيها. ونشر تقارير دورية عن الأنشطة المالية والإدارية للمنظمات الإنسانية لزيادة الثقة والشفافية. واعتماد التكنولوجيا الحديثة في تتبع توزيع المساعدات وضمان وصولها إلى المستحقين بشكل صحيح. إن الفساد في المنظمات الإنسانية في اليمن يمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق الأهداف الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب اليمني. يتطلب مواجهة هذا التحدي جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع الدولي، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتعزيز الثقة في العمل الإنساني. ومن ضمن هذه الجهود تعزيز الشفافية والمساءلة، تدريب وتأهيل العاملين واختيار المؤهلين منهم، تحسين الإدارة والتنسيق، القضاء على الفساد والمحسوبيات، مكافحة الابتزاز الجنسي والمساومة مقابل المساعدات، وادخال التكنولوجيا الحديثة في نظام المساعدات، يمكن أن تساهم تلك الجهود في ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتحسين الوضع الإنساني في البلاد.