|    English   |    [email protected]

لماذا اختفى الحوثيون عن المعركة؟.. تحليل أمريكي يورد 3 تفسيرات لغياب الجماعة عن مساندة إيران (ترجمات)

الاثنين 30 يونيو 2025 |منذ 5 ساعات
الباحث والمحلل الأمريكي الدكتور غريغوري جونسون - بران برس الباحث والمحلل الأمريكي الدكتور غريغوري جونسون - بران برس

برّان برس - ترجمة خاصة:

لعل أكثر ما أثار الدهشة في المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، التي استمرت 12 يومًا وشهدت قصفًا أمريكيًا لثلاثة مواقع قبل التوصل إلى وقف إطلاق نار، هو الغياب الملحوظ لجماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، فقد ظلت الجماعة، التي تعد الحليف الإقليمي الأكثر فاعلية لإيران، خارج دائرة الصراع إلى حد كبير.

اقتصر التدخل الحوثي على إطلاق عدد محدود من الصواريخ باتجاه إسرائيل يومي 14 و 15 يونيو. وفي 21 يونيو، تعهدت الجماعة بمهاجمة الولايات المتحدة إذا تدخلت ضد إيران، لكن بعد ساعات من هذا التعهد، نفذت الولايات المتحدة ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، وجاء الرد الحوثي حينها مقتصرًا على بيان يدين الهجمات.

أثار غياب الرد الحوثي المباشر حيرة الباحثين والمحللين على حد سواء، فلطالما أظهر الحوثيون استجابة سريعة للتحركات الإسرائيلية، كما حدث في أكتوبر 2023 عندما أطلقوا حملة واسعة النطاق استهدفت حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر بعد دخول إسرائيل إلى غزة. 

ورغم الأهمية الأيديولوجية والخطابية للقضية الفلسطينية بالنسبة للحوثيين، إلا أن الدعم الإيراني – خاصةً عبر تهريب مكونات الصواريخ الباليستية – هو ما يُمكن الجماعة من الاستمرار ويُتيح لها تهديد الملاحة التجارية وإسرائيل. كل هذا يدفع إلى تساؤل بسيط: لماذا كانوا غائبين عن هذا الصراع تحديدًا؟

تفسيرات محتملة للغياب

وعن سر اختفاء الجماعة من ساحة المعركة الإسرائيلية الإيرانية، نشر معهد دول الخليج العربي، ومقره "واشنطن"، تحليلاً أعده الباحث الدكتور غريغوري جونسون، وترجمه إلى العربية "بران برس"، أورد فيه ثلاثة تفسيرات محتملة لعدم تدخل الحوثيين الفعلي في الصراع. 

وبحسب الباحث "جونسون"، فإن التفسير الأول يتمثل في أن الجماعة غير قادرة على تنفيذ الهجمات، ويفترض هذا التفسير أن الحوثيين لم يتمكنوا من تنفيذ هجمات خلال الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل لأن حملة القصف الأمريكية في "عملية رف رايدر" كانت أكثر نجاحًا مما أدركته الولايات المتحدة. 

فبعد انتهاء العملية، قدّرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن الحوثيين "تعرضوا لبعض التدهور" لكنهم سيكونون قادرين على إعادة تشكيل قوتهم. لكن يقول "جونسون"، إنه ربما كان هذا التقدير خاطئًا، وربما تسببت قرابة شهرين من القصف الجوي المتواصل في أضرار أكبر بكثير لمخازن أسلحة الحوثيين مما رصده الخارج. 

ويضيف: "خلال العملية، نفذت الولايات المتحدة أكثر من 1100 ضربة جوية. وعند الأخذ بعين الاعتبار أن الحوثيين نفذوا خلال العام السابق ضربات على الشحن التجاري وعلى إسرائيل، فمن المحتمل أن مخزونهم من الصواريخ أصبح أقل بكثير مما كان يُعتقد".

‏وأردف: "ينتج الحوثيون بعض المواد محليًا، ويشترون بعض الطائرات المسيرة الجاهزة من السوق، لكن بالنسبة لمكونات الصواريخ الباليستية، فهم يعتمدون على تهريب المواد من إيران. إذا كانت تلك المخزونات منخفضة ولم يُعاد تزويدهم بها، فقد يكون السبب في عدم انخراطهم في القتال هو ببساطة عدم امتلاكهم للذخائر اللازمة لمهاجمة الولايات المتحدة أو إسرائيل، رغم رغبتهم في ذلك".

‏خشية على وجودهم

‏التفسير الثاني الذي أورده التحليل، يفترض أن الحوثيين امتنعوا عن شن هجمات لأنهم شاهدوا مدى تغلغل إسرائيل داخل إيران ونجاح حملتها في الأيام الأولى، حيث اغتالت كبار قادة الحرس الثوري والعلماء النوويين. ونتيجة لذلك، يخشون على وجودهم. 

وكما قالت الخبيرة في الشأن اليمني إليزابيث كيندال لصحيفة وول ستريت جورنال: "ربما يعتقدون أنه من الأفضل البقاء في حالة هدوء الآن. إذا بدأوا في التحرك، فإنهم يعرضون أنفسهم ويكشفون مواقعهم".

‏وقد تعززت هذه الفكرة، وفقًا للتحليل، في 14 يونيو عندما كادت إسرائيل أن تغتال محمد الغماري، رئيس هيئة الأركان العسكرية للحوثيين، في ضربة دقيقة. التفاصيل ما زالت غير واضحة، لكن بحسب مصادر في اليمن، يبدو أن الغماري أُصيب بجروح خطيرة لكنه نجا، على الأقل مبدئيًا.

‏ومع ذلك، يرى معد التحليل أن "هناك بعض الثغرات في هذا التفسير"، الأولى هي أن إسرائيل أمضت عقودًا في التغلغل داخل إيران، مما منحها القدرة الاستخباراتية لتنفيذ ضربات دقيقة منذ الأيام الأولى. بالمقابل، لم يكن الحوثيون يشكلون تهديدًا مباشرًا لإسرائيل إلا في السنوات الأخيرة، مما يعني أن اختراقهم استخباراتيًا أصعب. 

أما الثغرة الثانية التي يراها الدكتور "جونسون" في تحليله، والتي قال إن ربما هي الأهم، تتمثل في "أن الحوثيين يدركون اعتمادهم الكبير على إيران للبقاء. فهم يحتاجون إلى دعم إيران وتكنولوجيتها الصاروخية من أجل أن يظلوا لاعبًا إقليميًا، ولديهم طموحات تتجاوز حدود اليمن".

‏الوقت المناسب 

ويتمثل التفسير الثالث لغياب التدخل الحوثي، وفق تحليل معهد دول الخليج العربي، الذي نقله إلى العربية "بران برس"، في أن الحوثيون "‏ينتظرون الوقت المناسب لتنفيذ الهجمات"، مشيراً إلى أنه من المحتمل أنهم لم يشعروا بأن لديهم الحرية الكافية للتحرك بمفردهم ضد إسرائيل. 

وبدلاً من ذلك، قال إنهم كانوا "يسعون للتنسيق مع إيران، لكن الضربات الإسرائيلية الناجحة التي قطعت رؤوس القيادة في الأيام الأولى، ولجوء المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى ملجأ سري (بحسب التقارير، كان التواصل يتم عبر مساعد موثوق)، جعلت التنسيق أكثر صعوبة من السابق".

‏في هذا السيناريو، يرى معد التحليل، إن الحوثيين يمتلكون الذخيرة والإرادة لمهاجمة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنهم أرادوا التأكد من أن ضرباتهم تتماشى مع استراتيجية الرد الإيرانية.

 وتشمل الخيارات في هذا السياق: "إغلاق البحر الأحمر ومضيق هرمز بالتنسيق مع إيران، أو تنفيذ هجمات صاروخية مشتركة ضد إسرائيل بهدف إنهاك أو اختراق أنظمة الدفاع، أو تنفيذ عمليات غير متماثلة مثل الهجمات الإرهابية".

وويرى معد التحليل أن الأهم الآن هو ما سيأتي لاحقًا، ففي 24 يونيو، صرّح الحوثيون بأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران لا ينطبق عليهم، مما يثير تساؤلات حول دورهم المستقبلي في ظل المشهد الإقليمي المتغير.

فإذا كان الحوثيون يمتلكون مخزونًا كافيًا من الذخائر، فمن المرجح -وفق التحليل- أن تستمر إيران في استغلال هذه الجماعة لممارسة الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن هذا "قد يمنح النظام الإيراني الوقت لإعادة تنظيم صفوفه وإعادة النظر في استراتيجيته، خاصةً في ضوء الأداء الضعيف لإيران في الحرب القصيرة الأخيرة وضعف شبكة وكلائها".

مواضيع ذات صلة