تداعيات الهجوم الحوثي والرد الإسرائيلي على مستقبل السلام في اليمن
عبدالجبار سلمان
البحر الأحمر، بموقعه الاستراتيجي الحاسم، لطالما كان محورًا للصراعات الإقليمية والدولية. ومع استمرار النزاع في اليمن وتصاعد التوترات بين الحوثيين وإسرائيل، أصبحت المنطقة أكثر اضطرابًا. هذه التوترات لا تهدد فقط الاستقرار الإقليمي، بل تثير أيضًا تساؤلات حول مستقبل السلام في اليمن وتأثير ذلك على العلاقات الإقليمية والدولية. خلال الأشهر الأخيرة، شهد البحر الأحمر تصاعدًا كبيرًا في التوترات نتيجة لهجمات الحوثيين على أهداف إسرائيلية وسفن تجارية مرتبطة بإسرائيل.
بدأت هذه الهجمات في إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث أطلق الحوثيين المدعومين من إيران سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ضد إسرائيل، واستهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أثر بشكل كبير على حركة الملاحة والتجارة في المنطقة. تعتبر هجمات الحوثيين على إسرائيل تطورًا خطيرًا في النزاع اليمني.
الحوثيون، يستخدمون تقنيات متطورة في هجماتهم، مستفيدين من الدعم الايراني بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة. هذه الهجمات تستهدف مناطق استراتيجية، بما في ذلك الموانئ والبنية التحتية الحيوية في إسرائيل. تهدف هذه الهجمات إلى نقل الصراع من الساحة اليمنية إلى مستوى إقليمي أوسع، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويجعلها أكثر خطورة.
هذه الهجمات أدت إلى زيادة رسوم التأمين على السفن المتجهة إلى إسرائيل، واضطراب في حركة الشحن، حيث قامت بعض شركات الشحن بتحويل مسارات سفنها لتجنب المرور عبر البحر الأحمر. كما تأثرت موانئ إسرائيلية مثل ميناء أشدود، حيفا ، وإيلات حيث شهدت انخفاضًا في حركة المرور بسبب التهديدات الأمنية، كما استهدف الحوثيين مؤخراً تل أبيب بطائرة مسيرة قتل فيها شخص وأصيب عشرة آخرون.
إن الهجمات الحوثية على إسرائيل لها تداعيات عدة ومنها تعزيز التحالفات الإقليمية حيث قد تؤدي هذه الهجمات إلى تقوية التحالفات الإقليمية بين إسرائيل وبعض الدول العربية وخصوصاً دول الخليج، هذا التعاون قد يتمثل في تنسيق أمني مشترك ومشاركة المعلومات الاستخباراتية. كما انه يمكن أن تؤدي الهجمات إلى تصعيد عسكري بين إسرائيل والحوثيين، مما يضيف جبهة جديدة للصراع في الشرق الأوسط. إسرائيل قد ترد بضربات عسكرية تستهدف مواقع الحوثيين في اليمن، مما يزيد من تعقيد الصراع.
بإلاضافة إلى التأثير على الملاحة الدولية حيث ان البحر الأحمر ممر بحري حيوي للتجارة الدولية، وأي تصعيد في التوترات يمكن أن يؤثر على حركة السفن التجارية والنفطية، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي.
في المقابل، قامت إسرائيل برد سريع وحاسم بعد هجوم الحوثيين على تل أبيب وذلك بشن غارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن، خاصة في محافظة الحديدة كون لديها ميناءً رئيسيًا، يلعب دورًا هامًا في العمليات اللوجستية للحوثيين. هذه الهجمات الجوية تهدف إلى تقويض قدرات الحوثيين العسكرية ومنعهم من مواصلة الهجمات على الأهداف الإسرائيلية.
قصفت إسرائيل خزانات النفط في ميناء الحديدة، وأيضاً مكاتب في الميناء تتبع لشركة النفط اليمنية، كذلك، قصفت المحطة الرئيسية لتوليد وتوزيع الكهرباء في مدينة الحديدة. كانت الهجمات الاسرائلية تركز على قطاع النفط والمحروقات، حيث هدف إسرائيل الرئيسي من هذه الهجمات هو شل المرافق الحيوية في البلاد. وقد تبنت إسرائيل قصف ميناء الحديدة وقالت إنها قصفت أيضاً مواقع عسكرية للحوثيين.
ألحقت الغارات الإسرائيلية خسائر كبيرة بقطاع الطاقة في الحديدة وبالميناء الرئيسي للبلاد. ويمثل ميناء الحديدة أهمية كبيرة لليمن، فهو الميناء الرئيسي الذي تدخل منه التجارة والمساعدات للبلاد. وقد أعلنت وزارة الصحة في اليمن التابعة للحوثيين سقوط قتلى وجرحى إثر الغارات الإسرائيلية على منشآت تخزين النفط في ميناء الحديدة، من دون أن تشير إلى حصيلة محددة.
كانت الضغوطات الاميركية البريطانية والمجتمع الدولي سبباً في إتفاقية ستوكهولم في عام 2018 مع الحكومة الشرعية في اليمن وذلك تحت ذريعة الجانب الإنساني وانه اذا لم يتم ايقاف معركة تحرير الحديدة سوف تكون هناك أسوء أزمة إنسانية في العالم، ولكن كانت هذه الاتفاقية دعماً غير مباشر للحوثيين ولم يعاني منها غير الشعب اليمني وخصوصاً منطقة تهامة، والان بعد ان دمرت وقتلت واعتدت إسرائيل على عدة أهداف ومنشآت مدنية في عدوان سافر على اليمن كانت الضحية مجدداً هي منطقة تهامة حيث لم يعاني أو يخسر الحوثيين أي شيء يذكر، وبالعكس تماماً فإن الحوثيين يسعون جاهدين لتحويل اليمن لنسخة مكررة من غزة.
بالنسبة لمستقبل السلام في اليمن، فإن هذه التطورات تزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد، خصوصاً إذا استمرت الهجمات والتصعيد، فإن الصراع اليمني قد يستمر لفترة أطول، مما يزيد من معاناة المدنيين ويعقد جهود الإغاثة الإنسانية، وايضاً قد تدفع التوترات المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لتحقيق السلام في اليمن، من خلال ضغوط دبلوماسية على الأطراف المتنازعة لتبني حوار سياسي شامل.
وأخيراً إن البحر الأحمر يظل منطقة حيوية واستراتيجية على مستوى العالم، وأي تصعيد في التوترات قد يكون له تداعيات واسعة النطاق. فالهجمات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل، بالإضافة إلى الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها على مواقع الحوثيين، تزيد من احتمالات تصاعد الصراع وتوسع نطاقه، مما يهدد أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.
إن هذه الهجمات تعكس تعقيدات الصراع اليمني وتشابكاته الإقليمية، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحقيق تسوية سياسية تنهي معاناة الشعب اليمني وتعيد الاستقرار إلى المنطقة. التعاون الدولي والإقليمي سيكونان أساسيين في هذا السياق لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وسلامًا للبحر الأحمر واليمن. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري تعزيز الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية وتخفيف التدخلات الخارجية التي تزيد من تعقيد الصراع والضغط على الأطراف المتحاربة للعودة إلى طاولة المفاوضات، والعمل على وضع حد للعنف وتحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن استقرار اليمن والمنطقة ككل.