|    English   |    [email protected]

مطارح مأرب ... فرصة تاريخية أعادت التوازن لليمنيين.

الخميس 19 سبتمبر 2024 |منذ شهرين
عبدالرزاق قاسم

عبدالرزاق قاسم

كانت اليمن تتهاوى قرية قرية؛ مديرية مديرية؛ والمدن الكبرى تفتح أبوابها للجان الحوثية المسلحة؛ ومن تطوع إلى جانبهم في خطيئة هدم الدولة، دون أي مقاومة تذكر.

تبدلت المفاهيم وأصبح المقاوم والمتمسك بستار الدولة على خطأ، والمليشيات التي تعربد في أرض قحطان قوة فتية صاعدة؛ يتسابق الجميع للحصول امتياز للعمل مع أحد مشرفيها.

كانت الصرخة الخمينية تدوي في كل مكان؛ والقماشات المطبوعة عليها اللعنة الإيرانية ترفع على ساريات العلم الجمهوري في الساحات والميادين، وعلى حنبات الطرق وأعمدة الإنارة التي انطفأت لحظة السقوط المدوي للدولة ومؤسساتها.

كان النشيد الوطني قد استبدل بشعار الولاء لعبدالملك الحوثي، وكانت المعسكرات " فاغرة فاهها " بعد أن سلمت عتادها وشرفها للجحافل الخارجة من الكهوف التي أختبأت فيها السلالة سنينا طويلة.

أما المؤسسات فكأنها كانت في ماراثون " عُراة " لنيل شرف استضافة المشرف الحوثي أولاً. 
وكان الناس في ذهول مما يحدث، أو قُل أصابهم التبلد؛ ولم يعودوا قادرين على فهم الأحداث أمامهم، فضلاً عن التحرك لمواجهتها.

من بين ذلك المشهد البائس كله، وحدها مأرب انبرت وكان لها رأي مختلف؛ أتبعته بالفعل على الأرض، وبدأ رجالها بحشد المقاتلين إلى المطارح القبلية، التي نصبت على حدودها وفي مناطق التماس مع الكهنوت الذي سرى كسرطان خبيث في الجسد اليمني.

تداعت القبائل المأربية العريقة إلى المطارح، وتنظمت فيها الحشود، وتوزعت إلى تشكيلات عسكرية في مهمة تاريخية للدفاع عن المحافظة التي بقيت وحدها واقفة أمام الحشود الحوثية المحاصرة لها من أكثر من اتجاه.

بهذا الفعل منحت مأرب فرصة ثمينة لكل الأبطال في بقية المحافظات، وقدرة على استعادة التوازن، لتتحول إلى مطرح واحد توافد عليه الرجال من كل بيت وقرية ومحافظة يمنية حتى أصبحت مأرب هي اليمن الكبير، الذي كان الناس قد انصدموا من تلاشيه بتلك السهولة أمام الجائحة الحوثية.

موقف مأرب هذا وإن بدا في أول الأمر بأنه لحماية المحافظة؛ إلا أن ما تلاه أثبت أنه كان من أجل حماية اليمن من شرقها إلى غربها، بل تعدت أهميته إلى ماهو أبعد من الحدود اليمنية، ولولا ذلك الموقف لكانت المنطقة برمتها تشهد وضعاً مختلفاً عما نحن عليه اليوم، وهي الحقيقة المشهودة التي لا يمتلك أحداً جرأة القفز عليها.