بران برس- خاص:
أشاد السفير اليمني لدى دولة قطر، ناطق الحكومة اليمنية سابقًا، راجح بادي، بموقف محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، في مواجهة انقلاب جماعة الحوثي على الدولة خلال العام 2014، مؤكدًا أن ما شهدته المحافظة يثبت أن 60 عامًا من الثورة اليمنية السبتمبرية ضد الإمامة لم يضع هدرًا.
وقال السفير بادي، في تصريح لـ“بران برس”، تزامنًا مع الذكرى العاشرة لمطارح مأرب: “كانت تلك أيامًا مجيدة ستظل في ذاكرة اليمانيين وفي صفحات تاريخ نضالهم ضد مشاريع الإمامة العنصرية شامة عز وفخار أن مأرب هزمت العدوان”.
وأضاف: “ففي وسط الظلام وتكالب الأعداء والمؤامرات وشيوع حالة فظيعة من اليأس وروح الاستسلام بمبررات الواقعية وقبول الأمر الواقع كان الصمود والانتصار وتحدي العدوان يبزغ من وقفة مأرب”.
وتابع حديثه أن مأرب “برجالها وشبابها وسلطتها المحلية وكياناتها الشعبية القبلية والسياسية لتقول للإمامة المغرورة كلمة لا كبيرة بحجم سد مأرب وقوية بصلابة أرض سبأ”.
وأردف قائلًا: “لا كانت صرخة من أعماق التاريخ أننا أولو قوة وبأس شديد، فاستعاد اليمانيون يومها ثقتهم بأنفسهم وحملوا السلاح ليقولوا للإمامة نحن هنا كما كنا، وكما سنظل نرفض أن نكون عبيدًا للبشر ونرفض أن نحني رؤوسنا إلا لله العظيم وحده”.
موقف رجولة واعتزاز
عن موقف القبائل، أوضح السفير بادي، أن “مأرب كلها وقفت موقف رجولة واعتزاز وتحد، وكان طبيعيًا أن يكون لقبائل مأرب الأبية مشاركتها الأساسية الحاسمة في التصدي للعدوان في ضوء حقيقة أن الدولة كانت قد انهارت بفعل الخيانات وقذارة المؤامرة ضد اليمن إنسانًا وأرض وحلمًا في مستقبل جديد يعيش فيه اليمانيون أخوة أحرارا أعزاء متساويين”.
وقال إن هذا “موقف تاريخي لقبائل مأرب ليس بغريب على أحفاد أرض سبأ من تشربوا من صخور السد القديم الصلابة ومن الصحراء نقاءها ومن الإيمان بالله وبالقيم والمبادئ الإسلامية العزيمة على رفض الباطل وعدم الخضوع”.
وحول موقف الأحزاب في مأرب، قال “بادي”، إنه “ليس عجبًا أن تكون في صف المواجهة الشعبية ضد العدوان الحوثي، ولو كانت بعض القيادات المركزية للأحزاب في صنعاء قد انساقت وراء حسابات صغيرة”.
وأوضح أن هذا الموقف “يؤكد استقلالية الشخصية المأربية وقدرتها على التفريق بين الواجب الوطني والحسابات الحزبية فانحازت للمصالح الوطنية العليا ورفضت المواقف الانتهازية“.
الانتصار لسبتمبر
وعن التجربة المأربية، قال “بادي”، إن “ما حدث في مأرب يؤكد أن 60 عامًا من الثورة السبتمبرية لم يضع هدرًا رغم الإخفاقات والسلبيات”، مضيفًا أن “مأرب التي ظلمت كثيرًا في الماضي انتصرت للثورة السبتمبرية دون حسابات ضيقة أو منّ أو عتاب أو محاولة استغلال حرج موقف الدولة وضعفها لمصالح ضيقة”.
وأضاف: “والحقيقة، أن مأرب تجاوزت كل التكهنات المريضة والصورة السلبية التي رسمها البعض عنها وعن قبائلها”.
وتابع حديثه قائلًا: “فكما كانت الشرارة الأولى للمقاومة والانتصار فقد تحولت إلى عاصمة شعبية حقيقية لكل اليمنيين، فتحت لهم أبوابها وأرضها وتعاملت معهم دون أي حساسيات أو استثناءات”. وبذلك أثبتت أن “قيم مأرب الحضارية الوطنية ما تزال تنبض بالحياة والأخوة للجميع”.
وعن كيفية الاستفادة من هذا النموذج، قال: “بالإنصاف والمحافظة على هذا النموذج المشرف، وتعميمه في كل وسائل الإعلام والثقافة والتوعية في أن توحيد جهود السلطات والأحزاب والمجتمع في مأرب قد أنقذ الوطن وهزم المؤامرة ورد المعتدين من قبل مأرب ودحرهم بعيدًا عنها”.
وأضاف: “لا بد من تعليم الشعب والأجيال الحاضرة والقادمة أن العبرة هو في الإخلاص وتمثل قيم التلاحم والتعاون وليس في الطنطنة وكثرة الكلام والتنظيرات”.
رسالة لمأرب
وفي ختام حديثه لـ“بران برس”، وجه السفير بادي، رسالة إلى مأرب وقبائلها وأحزابها وسلطتها المحلية في الذكرى العاشرة للمطارح، قائلًا: “لقد كنتم الأمل وبشارة الانتصار يوم عمّ اليأس وغلبت روح الانهزام”.
وأضاف: “عليكم في الذكرى العاشرة لانتصاركم للوطن وثورته السبتمبرية المحافظة على ذلك التاريخ المشرف والاستمرار درعًا لليمن ومنارة لليمانيين المدافعين عن أرضهم وشرفهم وكرامتهم أن يتلاعب بها غلمان السلالة العنصرية ومرتزقة المشروع التدميري الذي يستهدف عروبة اليمن ودينه السمح وتقاليده العظيمة”.
وفي 18 سبتمبر/أيلول 2014، أقامت القبائل في مأرب معسكرات شعبية مسلّحة عرفت بـ“المطارح” في الأطراف الشمالية والغربية والجنوبية، لمواجهة هجوم الحوثيين المتصاعدة بهدف السيطرة على المحافظة بالقوّة.
وجاءت هذه الخطوة، التي تعد عرفًا قبليًا متوارثًا لمواجهة الأخطار، بعد نحو شهرين من تحشيدات الجماعة، واعتدائها على أبناء القبائل بالمناطق الحدودية مع محافظتي الجوف وصنعاء، وذلك عقب سيطرتها على مدينة عمران في يوليو/تموز 2014، ومع زحفها نحو العاصمة صنعاء وحتى إسقاطها في 21 سبتمبر/أيلول 2014.