|    English   |    [email protected]

50 ألف مستعبد.. الأفارقة وقود حرب الحوثيين في اليمن

السبت 19 أكتوبر 2024 |منذ شهر
محمد العرب

محمد العرب

في ظل الحرب المستعرة في اليمن نتيجة الانقلاب الحوثي المدعوم ايرانيا ، حيث تشتد المعارك وتتعقد المصالح، يتضح أن المأساة الحقيقية ليست فقط في الدمار والقتال بين الأطراف المتنازعة، بل في استغلال الفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة. من بين هذه الفئات، يبرز المهاجرون الأفارقة الذين هربوا من بلدانهم بحثاً عن الأمان ليجدوا أنفسهم أسرى في أرض لم يتوقعوا أن تتحول إلى فخ لهم. فبحسب تقارير حقوقية دولية، يتم استغلال ما لا يقل عن 50 ألف مهاجر أفريقي من قبل مليشيات الحوثي كعبيد طوال فترة انقلابهم المشؤوم ، مرتزقة، ودروع بشرية في واحدة من أبشع صور الاستغلال البشري في العالم.

تتكون الغالبية العظمى من هؤلاء الأفارقة من الصوماليين والإثيوبيين، الذين فروا من أوطانهم هرباً من الصراعات والجوع. كان أملهم في الوصول إلى دول الخليج العربي أو أوروبا للحصول على حياة أفضل، لكنهم بدلاً من ذلك وقعوا في أيدي المليشيات الحوثية التي حولتهم إلى أدوات حرب. تُستخدم هذه الفئة كوقود للصراع، حيث يجبرون على أداء مهام خطرة وقاتلة، من القتال في الخطوط الأمامية إلى نقل الذخائر وحفر الخنادق.

مليشيات الحوثي لا تتورع عن استخدام المهاجرين كدروع بشرية، حيث يتم وضعهم في أماكن استراتيجية على الجبهات ليتلقوا الضربات الأولى في الاشتباكات. الحوثيون يعرفون تماماً أن المدنيين لا يشكلون تهديداً عسكرياً ، لكنهم يستخدمونهم كأدوات حماية لأنفسهم، ضاربين بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان عرض الحائط. تلك الممارسات اللاإنسانية لا تؤدي فقط إلى خسائر في الأرواح، بل تدمر أيضًا حياة الناجين الذين يُتركون يعانون من إصابات وإعاقات دائمة بعد تعرضهم للألغام الأرضية أو القصف.

الأطفال الأفارقة هم الأكثر عرضة للاستغلال في هذا النزاع الوحشي. يتم تجنيدهم قسراً من قبل الحوثيين، حيث يُؤخذون من معسكرات اللاجئين أو من خلال شبكات التهريب التي تتاجر بالبشر في اليمن. هؤلاء الأطفال، الذين لا يعرفون حتى اللغة العربية في بعض الأحيان، يُجبرون على الانخراط في القتال أو تنفيذ مهام لوجستية خطيرة. كثير منهم يُلقون حتفهم في ساحات المعارك، بينما يُترك آخرون بإصابات جسدية ونفسية دائمة.

النساء الأفريقيات كذلك لم يُستثنين من هذا الاستغلال. يتم استغلالهن جنسيًا من قبل الحوثيين أو يتم بيعهن في أسواق الرقيق الحديثة التي انتشرت في ظل الفوضى الأمنية في اليمن. تُجبر هؤلاء النساء على العمل في الدعارة أو يُستخدمن في خدمة الجنود الحوثيين في ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الإنسانية.

التقارير الدولية تشير إلى أن مليشيات الحوثي تحصل على دعم من ايران، مما يساعدها في تعزيز قوتها العسكرية. ولكن ما يغفل عنه الكثيرون هو أن هذه المليشيات لا تعتمد فقط على الدعم العسكري واللوجستي من الخارج فقط ، بل تعتمد أيضاً على استغلال الأفارقة الذين يقعون في أيدي الحوثيين والذين لا يحصلون على أي نوع من الحقوق، بل يُعاملون كسلع تُباع وتُشترى في سوق الاستعباد الحديث.

منظمات حقوق الإنسان أصدرت العديد من التقارير التي توثق هذه الانتهاكات، لكن المجتمع الدولي لا يزال عاجزاً عن اتخاذ خطوات فعالة لوقف هذه الجرائم. الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تدرك حجم المعاناة التي يواجهها المهاجرون الأفارقة في اليمن، لكنها تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذه الأزمة، خاصة في ظل استمرار الحرب وتعقيداتها السياسية.

الضحايا من المهاجرين الأفارقة في اليمن ليس لديهم صوت مسموع. يعيشون في ظروف قاسية في معسكرات احتجاز مليئة بالانتهاكات الجسدية والنفسية، ويُتركون دون أي حماية قانونية. الحوثيون يرون فيهم وسيلة سهلة لتحقيق مكاسب عسكرية دون الحاجة إلى الالتزام بأي معايير أخلاقية أو قانونية. فبالنسبة لهم، هؤلاء البشر ليسوا سوى أدوات قابلة للتضحية في معاركهم السياسية والعسكرية.

المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في حماية هؤلاء الأفراد الضعفاء. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقف مكتوف الأيدي بينما يتم استغلال الأبرياء في صراعات لا تعنيهم. يجب فرض ضغوط على الأطراف المتورطة في هذه الجرائم، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. كما يجب تعزيز الجهود الإنسانية لإنقاذ هؤلاء المهاجرين وتقديم الحماية لهم، سواء من خلال إعادة توطينهم في بلدان آمنة أو توفير الحماية اللازمة داخل اليمن.

إن استخدام الأفارقة كعبيد ومرتزقة ودروع بشرية في اليمن هو وصمة عار على جبين الإنسانية. هؤلاء الأفراد، الذين فروا من ويلات الحروب والجوع في بلادهم، وجدوا أنفسهم مرة أخرى ضحايا في حرب لا علاقة لهم بها. إن الصمت الدولي تجاه هذه الانتهاكات يجب أن ينتهي، ويجب أن تبدأ حملة عالمية لإنقاذ هؤلاء المستضعفين وتقديم العدالة لهم.