|    English   |    [email protected]

اليمن.. أكبر سوق للأسلحة في العالم

الأربعاء 30 أكتوبر 2024 |منذ 4 أسابيع
محمد العرب

محمد العرب

اليمن، الذي يعرف ببلد الحضارات القديمة، تحول إلى ساحة ضخمة لتجارة الأسلحة، حيث تزايدت هذه التجارة بشكل كبير بعد الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، ليصبح اليمن أكبر سوق للأسلحة الفردية في العالم، وسط انهيار القانون وانتشار الفوضى.. 

الأسلحة الشخصية جزءاً لا يتجزأ من الثقافة القبلية اليمنية، حيث تُعتبر رمزاً للقوة والشرف ، ولكننا هنا نتحدث عن تقديرات دولية ترجح عدد قطع السلاح في اليمن ما بين 50 إلى 60 مليون قطعة، مما يعني أن لكل شخص في اليمن، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، هناك قطعتان من السلاح…!

هذه الأرقام الصادمة توضح حجم الانتشار الهائل للسلاح في البلاد، مما يجعل اليمن من أعلى الدول كثافة في امتلاك الأسلحة الشخصية.

ولكن، ما هي أسباب هذا الانتشار الكبير؟ منذ عام 2014، بعد الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية ، انتشرت الفوضى وغياب الاستقرار، مما أسهم في نمو تجارة الأسلحة غير المشروعة. ومع ضعف السلطة المركزية في كثير من المدن التي حولتها المليشيات الى ثكنات عسكرية ، أصبحت حدود البلاد معبراً لتهريب الأسلحة، حيث أشارت تقارير أممية إلى تزايد تهريب الأسلحة بشكل ملحوظ، لاسيما عبر البحر الأحمر وباب المندب، بدعم مباشر من إيران.. 

ووفقا للتقارير الأممية، قامت إيران باستخدام سفن شحن تُخفي الأسلحة وسط البضائع، مما أتاح للحوثيين الحصول على أسلحة متطورة، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، إضافة إلى كميات هائلة من الأسلحة الخفيفة.

استغل تجار السلاح المحليون والدوليون هذا الوضع، حيث أصبحت الأسواق السوداء في مدن كصنعاء وصعدة وعموم مدن تهامة تعج بمختلف أنواع الأسلحة، من البنادق الآلية إلى قاذفات الصواريخ وتشير التقديرات إلى أن سوق السلاح غير المشروع في اليمن يدر أرباحاً سنوية بمئات الملايين من الدولارات، إذ يُباع السلاح على نطاق واسع لكل من يريد امتلاكه، بما في ذلك الجماعات المسلحة وحتى القبائل المحلية.

وتحت سيطرة الحوثيين على السوق، يُعتقد أنهم يتحكمون بنسبة كبيرة من هذا السوق غير الشرعي، ويتاجرون بالأسلحة التي يحصلون عليها عبر التهريب أو من خلال المصادرة من القبائل التي ترفض وجودهم ، وقد أدى هذا الوضع إلى تصاعد النزاعات العنيفة في اليمن، حيث انتشرت الصراعات حتى على مستوى القبائل والجماعات الصغيرة. وتخزن بعض القبائل أسلحة بكميات ضخمة، تحسباً لجولات صراع مستقبلية أو تحسباً لانهيار أمني شامل.

تأثرت الأوضاع الإنسانية بشدة نتيجة لهذا الانتشار، إذ يواجه الأطفال والنساء وكبار السن خطراً متزايداً، حيث أُجبرت آلاف العائلات على النزوح عن ديارها، وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية بعد توقف الأنشطة التجارية والزراعية في كثير من المناطق التي تسيطر عليها المليشيات او تلك التي تتعرض لقصف حوثي شبه مستمر ، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، شهدت البلاد خلال العقد الأخير زيادة في معدلات العنف بنسبة 60%، وهي نسبة تتزايد سنوياً بسبب توفر السلاح بشكل غير مسبوق.

ما لم يتم اتخاذ إجراءات دولية حازمة للحد من تهريب الأسلحة ودعم جهود السلام، سيظل اليمن عرضةً لاستمرار هذا النزيف المسلح، وسيظل الأمل في تحقيق الاستقرار بعيد المنال.