عوامل كثيرة تدفع اليمنيين إلى المبالغة في الاحتفاء والفرح باعلان إيقاف الحرب على غزة وتوقف آلة الموت المجنونة عن إخوانهم الغزيين بعد عام وثلاثة أشهر من حرب الإبادة الجماعية المدمرة .
و إيقاف الحرب على غزة لا يعني بالنسبة لليمنيين انتصار المقاومة الفلسطينية وهزيمة مشروع التهجير القسري وفشل أهداف الحرب فقط ، بل يعني لهم أيضاً فشل المشروع الايراني في اليمن .
إيقاف الحرب على غزة معناه انتفاء مبرر المغامرات الحوثية الطائشة بمستقبل اليمن وحياة اليمنيين و انتهاء موسم إستثماراتهم الرخيصة في القضية الفلسطينية .
نجاح الصفقة و إيقاف الحرب يعني تجريد الحوثي أهم ورقة رابحة بيده ظل يزايد ويتاجر بها و يتكسب من خلالها و يبتز بها اليمنيين والغرب والعالم كله لاكثر من عام .
إيقاف الحرب على غزة يضع الحوثي في مواجهة مباشرة مع اليمنيين فالمجاعة في مناطق سيطرته تكاد أن تفتك بالناس جميعاً في ظل تردي الخدمات وانقطاع المرتبات و هناك حالة من الاحتقان الشعبي على وشك الانفجار .
تحت يافطة دعم ومساندة غزة نهب الحوثي اليمنيين ونكل بهم ، ومن يخالفه منهم انتهت به الامور إلى أقبية الظلام وزنازين الموت بتهمة الجاسوسية والعمالة لاسرائيل .
إن استدامة الهدنة و إيقاف الحرب على غزة يعني انطلاق طوفان اليمنيين نحو تحرير ما تبقى من أرضهم من مليشيات ايران الطائفية وبقايا المحور المنحط والمحطم .
لقد كانت حرب غزة بمثابة مترس كبير للحوثيين يختفون خلفه ويشترون من خلاله مزيداً من الوقت وكانت مواقف اليمنيين الوطنية بالنسبة لهم جزء من حرب اسرائيل عليهم .
ليس للحوثي اليوم أي حجة أو مبرر لاستمرار أعماله الدعائية والعدائية في البحر الأحمر وتقطاعته في طرق الملاحة الدولية وتعريض مصالح اليمنيين للاستهداف بعد إيقاف الحرب على غزة .
سيحاول الحوثي إيجاد أي ثغرة في تنفيذ اتفاق صفقة التبادل بين حماس واسرائيل من اجل أن يبقى حاضراً في المشهد .
لن يفرط الحوثيون بورقة غزة الرابحة وسيتمسكون بها قدر الامكان
ومن المتوقع من خلال سلوك نتنياهو انه سيخرق الاتفاق ويمنحهم فرصة اخرى ويوفر لهم مبرراً لعودة استعراضاتهم وإفراطهم الصوتي .
حرص نتنياهو على تماسك حكومته قد يدفعه إلى خرق الاتفاق ذلك أن اشتراطات سموتريش للبقاء في الحكومة من اهمها الالتزام بالعودة للقتال بعد اليوم الثاني والاربعين من الصفقة .
ومن سوء الطالع أن مصالح الحوثي ونتنياهو تلتقي عند حاجتهما الى شراء مزيد من الوقت وهذا سبب كاف لأن تستمر المناورات بينهم .
لذا من الواضح أن عمليات الحوثي ستستمر و تزداد حدتها خلال الأيام القليلة القادمة في البحر الاحمر على الاقل في المرحلتين الاولى والثانية من الصفقة مالم تأتي التوجيهات الايرانية بالتوقف .
سيحاول الحوثي بعد أن خلت له الساحة وحده ،توظيف هذه الفترة لتكثيف مشاغباته ولفت أنظار العالم إليه أكثر من أي وقت مضى .
وقد تشهد الايام القادمة كثيراً من الضجيج والازعاج وصواريخ الافراط الصوتية وسيطل المتحدث العسكري بشكل شبه يومي وباسهال بياني حاد ومبالغ فيه .
و في المقابل سيجد نتنياهو في مهاجمة اليمن فرصة للبقاء في المشهد الاستعراضي و حالة الحرب واطالة عمر التوتر في المنطقة مالم يكن لترمب موقفاً حازماً كالذي رأيناه قبل توقيع الصفقة .