اتفاق الهدنة.. هل يكشف زيف شعارات الحوثيين ويعري أجنداتهم الإرهابية ؟
عبدالجبار سلمان
الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل أثارت تساؤلات كبيرة حول تأثيراتها الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمواقف الجهات الفاعلة الأخرى التي تسعى لاستغلال القضية الفلسطينية لتحقيق أجنداتها السياسية والعسكرية.
مليشيا الحوثي، التي طالما تبنت شعارات دعم فلسطين ونصرة غزة كذريعة لتبرير ممارساتها وجرائمها، تجد نفسها في وضع حساس بعد الهدنة. فهذه الهدنة قد تسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين الذين استخدموا القضية الفلسطينية كورقة سياسية للتغطية على جرائمهم ولفت الانتباه بعيدًا عن سجلهم الأسود في اليمن. من غير المحتمل أن تكون الهدنة بين حماس وإسرائيل “طوق نجاة” للحوثيين. على العكس، فإن التهدئة في غزة قد تعري الحوثيين أمام العالم العربي والإسلامي، حيث لم يعد بإمكانهم تبرير عملياتهم العدائية في البحر الأحمر والمنطقة تحت ستار “نصرة غزة” أو “رفع الحصار عن فلسطين”. الهجمات التي شنتها مليشيا الحوثي في البحر الأحمر، خاصة بعد أحداث “طوفان الأقصى”، أظهرت أنهم يستخدمون القضية الفلسطينية كوسيلة لتحقيق مصالحهم الخاصة، وليس بدافع حقيقي لدعم الشعب الفلسطيني. القصف الإسرائيلي الذي استهدف مواقع في اليمن، ردًا على الهجمات البحرية الحوثية، ألقى الضوء على التداعيات الكارثية لهذا التلاعب.
تدمير البنية التحتية اليمنية، بما في ذلك محطات الكهرباء والمياه والموانئ، أضر بشكل مباشر بالشعب اليمني، وليس بإسرائيل، مما يكشف أن الحوثيين على استعداد للتضحية بمصالح بلادهم وشعبهم من أجل أجندات ضيقة.
من المؤكد أن الحوثيين سيحاولون إيجاد ذرائع جديدة لتبرير عملياتهم الإرهابية. شعار “تحرير فلسطين” قد يُستخدم مرة أخرى كغطاء لاستمرار أنشطتهم في البحر الأحمر والمنطقة، ولكن مع تناقص المصداقية الدولية والإقليمية لهذه الذرائع، سيكون من الصعب عليهم تسويق مثل هذه الادعاءات. الحوثيون يعتمدون بشكل كبير على خطاب “المقاومة” و”محاربة الاستعمار”، لكن ممارساتهم على الأرض، من قتل واختطاف وابتزاز واغتصاب واعتقال، تقوض هذا الخطاب. محاولاتهم تصوير أنفسهم كـ”مدافعين عن الإسلام والعروبة” أصبحت مكشوفة أمام الشعب اليمني والمجتمع الدولي، خاصة مع استمرارهم في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين واستهداف البنية التحتية في اليمن.
الحوثيون، كجماعة إرهابية مسلحة تعتمد على العنف والتدمير، لن يتخلوا عن أساليبهم بسهولة. الإرهاب والقتل وإراقة الدماء هي الأدوات التي يعرفونها لإبقاء سيطرتهم على الأرض. لذلك، فإن استمرارهم في تنفيذ عمليات بحرية أو هجمات أخرى تحت ذرائع متجددة ليس أمرًا مستبعدًا. بل قد يسعون لاستغلال أي حدث أو تطور جديد لتبرير وجودهم وعملياتهم الإرهابية. إن الهدنة بين حماس وإسرائيل قد تشكل تحديًا كبيرًا للحوثيين، إذ تفقدهم ذريعة رئيسية كانوا يستخدمونها للتغطية على جرائمهم وتعزيز شعبيتهم بين بعض الفئات. ومع ذلك، من المرجح أن تستمر المليشيا في محاولاتها لاختلاق أعذار جديدة لتبرير عملياتها، لكن مصداقيتها تتآكل مع كل يوم. التحدي الحقيقي يكمن في مدى قدرة المجتمع الدولي والإقليمي على كشف هذا النفاق الحوثي والتعامل معه بحزم لمنع استمراره في تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي.