تجويع وإخضاع.. الحوثي يمنع المساعدات في الحديدة

عبدالجبار سلمان
في الوقت الذي ينتظر فيه الفقراء والمحتاجون في اليمن شهر رمضان بآمال معقودة على روح التكافل والتضامن، أقدمت مليشيا الحوثي على اتخاذ إجراءات قمعية جديدة، تمثلت في منع توزيع المساعدات الغذائية والمالية في محافظة الحديدة، وفرضت قيودًا صارمة على التجار والمطاعم لمنعهم من تقديم أي شكل من أشكال الدعم للفقراء.
لم تكتفِ الجماعة بهذا الإجراء، بل هددت المخالفين بعقوبات صارمة تشمل غرامات مالية باهظة، وإغلاق المحلات، والاعتقال، مما حرم عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة من معونات كانت تمثل لهم مصدرًا رئيسيًا للغذاء خلال الشهر الفضيل.
في ظل هذه الإجراءات التعسفية، أجبرت مليشيا الحوثي المطاعم في الحديدة على تقديم وجبات إفطار مجانية يومية لعناصرها الأمنية، بينما تُركت الأسر المحتاجة تعاني الجوع والحرمان.
هذه السياسات لا تعكس فقط استهتار الحوثيين بمعاناة السكان، بل تؤكد محاولاتهم المستمرة لإحكام قبضتهم على جميع أشكال النشاط الخيري والإغاثي، بحيث لا يتم تقديم أي مساعدات إلا عبر قنواتهم الخاصة، مما يتيح لهم التحكم بها وتوزيعها وفقًا لمصالحهم السياسية والعسكرية.
لطالما كان رمضان فرصة للتجار وأصحاب المطاعم والمواطنين الميسورين لمساعدة المحتاجين، لكن هذه المبادرات الخيرية باتت مستحيلة في ظل القيود الحوثية. فإن أي مطعم أو تاجر يحاول توزيع الطعام أو المال على الفقراء يُواجه بإجراءات انتقامية، قد تصل إلى مصادرة ممتلكاته أو إغلاق محله بالقوة.
منذ سيطرتهم على الحديدة، وسّع الحوثيون رقابة صارمة على المساعدات الإنسانية، حيث يتم توجيه أغلب الدعم إلى مقاتليهم وعائلاتهم، بينما يُترك المدنيون لمواجهة الجوع.
هذه السياسة ليست جديدة، فقد سبق أن وثقت منظمات حقوقية وانسانية نهب الحوثيين للمواد الإغاثية ومنع وصولها إلى الفئات الأشد احتياجًا. ومنع المساعدات عن الفقراء في الحديدة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو سياسة متعمدة تهدف إلى تجويع السكان وإجبارهم على الخضوع للسلطة الحوثية، حيث يتم استخدام الغذاء كسلاح للابتزاز السياسي والاقتصادي.
تأتي هذه الإجراءات الحوثية في ظل أزمة إنسانية خانقة يعاني منها سكان الحديدة، حيث يعيش معظمهم تحت خط الفقر، وتعاني آلاف الأسر من انعدام الأمن الغذائي. وبدلاً من التخفيف من معاناتهم خلال الشهر الفضيل، زادت المليشيا من القيود التي تحرمهم حتى من لقمة العيش البسيطة، مما يجعل الوضع الإنساني في المدينة أكثر خطورة.
مع تفاقم الأزمة، تزداد المطالبات المحلية والدولية بضرورة التدخل لوقف الانتهاكات الحوثية، وإجبار الجماعة على السماح بوصول المساعدات دون قيود أو استغلال. كما تتصاعد الدعوات لمحاسبة الحوثيين على استخدامهم المساعدات الإنسانية كسلاح سياسي وأداة للضغط على السكان، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية.
إن منع المساعدات خلال شهر رمضان لا يعكس فقط سياسة تجويع ممنهجة، بل يكشف أيضًا عن نية الحوثيين في إحكام سيطرتهم على كل جوانب الحياة في اليمن، دون أدنى اعتبار لمعاناة السكان. ومع استمرار هذه الانتهاكات، يظل الفقراء والمحتاجون هم الضحية الأكبر، في ظل غياب أي تحرك حقيقي لوقف هذه الجرائم الإنسانية المستمرة.