طارق.. سيف الجمهورية وقائد الشموخ اليمني

د. محمد العرب
هو ليس مجرد ضابط في سجل المؤسسة العسكرية، ولا مجرد ابن شقيق لرئيس سابق، بل هو اسم ارتبط بالهيبة والانضباط، ورمزٌ استعاد من تحت رماد الحرب بريق اليمن الجمهوري حين حاولت الرياح العاتية أن تطفئ وهجه. طارق محمد عبدالله صالح، ذاك الاسم الذي عاد من سطور المجد ليرسم خارطة النهوض، ويبعث روح المقاومة من جديد في جسد وطن أنهكته الخيانات والصراعات.
عندما تخاذل كثيرون، وحلّ الغبار على البنادق التي صمتت، كان طارق هو من أعاد ترتيب السلاح في يد الوطن، وصوّب البوصلة نحو الجمهورية التي لا تُقهر. لم يكن ظهوره بعد استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح مجرد ردة فعل، بل كان صرخة وعي، ونهوض قائدٍ يؤمن أن الوطن لا يُورث ولا يُباع، بل يُصان بالدم والكرامة.
طارق، الذي خَبِرَ دروب العسكرية مبكراً ، لم يكن غريباً عن ميدان القتال. فقد تشرب من مدرسة الصبر والانضباط، وتدرّب على التكتيك والقيادة قبل أن يعرف كثيرون الفرق بين بندقية وحقيبة. قائد حرس خاص سابقاً، ولكنه دائماً حارس للجمهورية وجدارها المتين. حين عاد للميدان، لم يعد بجراح الهزيمة، بل بروح الانبعاث… فعادته كانت مشروع مقاومة، وصوته كان صوت الأرض التي تأبى الذل.
أثبت طارق محمد صالح أنه ليس فقط ضابطاً بارعاً في تنفيذ الخطط، بل عقلٌ عسكري استثنائي يجيد قراءة الخرائط بعيون البصيرة لا فقط بعيون البوصلة. فحين أسّس قوات حراس الجمهورية ، لم يكن يراهن على العدد فقط، بل على نوعية الرجال، وعلى عقيدة القتال النابعة من صدق الانتماء، لا من شعارات تتغير مع تقلب المواقف.
من المخا إلى الساحل الغربي، ومن صرخة البداية إلى ثبات الميدان، حوّل طارق المنطقة إلى قلعةٍ منيعة، لا يدخلها الوهم، ولا يعلو فيها غير صوت الوطن. كان بارعاً في تكتيكاته العسكرية، يعرف كيف يضرب ومتى يتراجع ومتى يلتف على العدو. لا يقاتل بالحماس الأعمى، بل بالحكمة الميدانية، يعرف قيمة الأرض، ويقدّر نفسية المقاتل، ويُتقن فنون الكمائن والتحصينات والهجوم النوعي، ويعيد قراءة كل معركة كأنها الأولى… كأنه دائماً في حالة يقظة دائمة، وكأن الميدان لا يغفو إلا حين يطمئن أن طارق ما زال فيه.
أعداؤه يعرفونه جيداً … يعرفون أن الرجل لا يصرخ، بل ينفذ، وأنه لا يحب الأضواء، لكنه إذا حضر، خفتت كل الأدوار الهامشية. لذلك، يُحسب له ألف حساب، لا لأنه كثير الكلام، بل لأنه صادق الفعل. وشتّان بين من يتحدث عن الوطن، ومن يجعل جسده سُترة له.
وطنٌ مثل اليمن، بكل جراحه العتيقة وصراعاته المتشابكة، يحتاج رجالاً من طراز خاص، وطارق هو أحد هؤلاء القلائل الذين إن وقفوا، وقف معهم المجد، وإن تحركوا، تحركت الجغرافيا معهم شموخاً. لا يبحث عن المناصب، بل يحمل هدفاً أوضح من الشمس: استعادة الجمهورية، وترسيخ دولة الكرامة، ومحو آثار الخيانة من أرض كانت ميدان الفخر يوماً.
في طارق ترى الحزم اليمني في أبهى صوره، ترى الكبرياء الوطني حين يُصاغ بأخلاق العسكر وشجاعة القادة، ترى رجلاً يعرف متى يتحدث ومتى يصمت، يعرف أن الميدان هو الشاهد الأصدق، وأن التاريخ لا يكتبه إلا من يحمل السلاح بشرف، ويقوده بعقل.
اليوم، يلتف حوله أحرار الوطن من كل حدب وصوب، لأنهم رأوا فيه الرمز الذي لم ينحنِ، والصوت الذي لا يتاجر، والقبضة التي لا ترتخي. لا يقود الجنود فقط، بل يُحيي فيهم الروح، ويمنحهم يقيناً بأن الجمهورية لا تزال بخير، ما دام فيها رجل اسمه طارق محمد صالح.
هو فخر الجيش، وشموخ القادة، وحكمة الميدان. هو امتداد لعقيدة الأحرار، وترجمة حقيقية لمفهوم القائد الفذ. وفي كل خطوة يخطوها، يُثبت أن النصر ليس وعداً مؤجلاً، بل نتيجة حتمية حين يكون في المقدمة من يعرف كيف يُقاتل، ولماذا يُقاتل.
في زمن تكاثرت فيه الوجوه المتلونة، ظل طارق وجهاً صادقاً للجمهورية… وفي زمن تُباع فيه المواقف، ظل ثابتاً كالصخر… وفي وطنٍ يفتقد الثقة، بقي هو الجدار الذي يطمئن إليه الجميع.
إنه طارق… اسم إذا ذُكر، فاحت معه رائحة البارود المشرّف، وسكنت النفوس بروح الرجاء.