|    English   |    [email protected]

تقرير | ليلة القدر.. مكانة دينية عظيمة ومعتقدات وخرافات خاطئة

الجمعة 28 مارس 2025 |منذ 3 أيام
تقرير | ليلة القدر.. مكانة دينية عظيمة ومعتقدات وخرافات خاطئة تقرير | ليلة القدر.. مكانة دينية عظيمة ومعتقدات وخرافات خاطئة

أعد التقرير لـ"برّان برس" - إيناس الحميري:

تعد “ليلة القدر” واحدة من أعظم الليالي في الإسلام، وتحتل مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، حيث وردت الإشارة إليها في القرآن الكريم في سورة “القدر” بوصفها “خير من ألف شهر”، وفيها يضاعف الله الأجر والثواب. 

ويترقب المسلمون حول العالم هذه الليلة باهتمام كبير في العشر الأواخر من شهر رمضان، وتحديدًا الأيام الفردية منها، ويحرصون على استثمار هذه الليالي في الصلوات وسائر العبادات ابتغاء الأجر والثواب العظيم.

ومع الاهتمام الكبير بهذه الليلة، يثار الكثير من الجدل حولها لدى كثير من المسلمين، وتنتشر بعض المفاهيم الخاطئة والخرافات بشأنها، سواء فيما يتعلّق بتوقيتها، أو الظواهر الكونية التي ترافقها أو المكاسب التي يعتقد البعض الحصول عليها خلالها.

فضائل عظيمة

الشيخ نجيب العامري، إمام مسجد بمدينة تعز، قال لـ“بران برس”، إن الإقبال على الصلاة والعبادة يزداد بشكل ملحوظ في العشر الأواخر من رمضان، حيث يتحرى المسلمون ليلة القدر ويحرصون على اغتنامها”.

وانتقد الشيخ العامري، البعض ممن يقصر العبادة على ليلة القدر فقط، ويهملوا بقية أيام رمضان، والتي قال إنها تحمل فضائل عظيمة، مؤكدًا أن الله يضاعف الأجر في جميع الليالي، وليس فقط في ليلة معينة.

"السنة النبوية أكدت عظمة هذه الليلة، حيث بلغ عدد الأحاديث التي وردت بشأنها حد التواتر، ما يعزز مكانتها في الشريعة الإسلامية"

من جانبه، قال أستاذ الفقه الإسلامي، الدكتور فاروق الهاشمي، إن ليلة القدر حقيقة قرآنية جاءت في سورة كاملة باسمها، لافتًا إلى قول الله تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر".

وأوضح أن العبادة فيها تعادل أكثر من 83 عامًا من الطاعات. كما أنها الليلة التي أنزل فيها القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا لقوله تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر”. مضيفًا أن السنة النبوية أكدت عظمة هذه الليلة، حيث بلغ عدد الأحاديث التي وردت بشأنها حد التواتر، ما يعزز مكانتها في الشريعة الإسلامية.

تصورات خاطئة

الشيخ العامري، استعرض في حديثه لـ“بران برس”، بعض التصورات الخاطئة حول ليلة القدر، مثل: الاعتقاد بأنها الفرصة الوحيدة لمغفرة الذنوب، وأن من لم يدركها فاته الخير كله. مؤكدًا أهمية دور الدعاة في تصحيح هذه الأفكار، سواء عبر الدروس الدينية أو عبر وسائل الإعلام التي أصبحت مؤثرة بشكل كبير. 

ونصح بعدم التركيز فقط على “علامات ليلة القدر”، بل استثمار كل ليالي رمضان في الطاعة والعبادة. مضيفًا أن العلماء والدعاة يتفقون على أن ليلة القدر فرصة عظيمة يجب استغلالها بالعبادة والذكر والدعاء، بعيدًا عن المبالغات والخرافات.

وقال إن “العبرة ليست برؤية علامات معينة، بل بالاجتهاد والإخلاص في العبادة، طيلة العشر الأواخر”.

هناك تصورات خاطئة تحيط بليلة القدر، حيث يعتقد البعض أنها ليلة خارقة تحدث فيها ظواهر كونية غريبة مثل انشقاق السماء أو سجود الأشجار، ويظن آخرون أن اللحظة التي تمر فيها لا يلاحظها إلا "المغفلون"

واتفق الباحث في الدراسات الإسلامية، أحمد الماس، بأن “هناك تصورات خاطئة تحيط بليلة القدر، حيث يعتقد البعض أنها ليلة خارقة تحدث فيها ظواهر كونية غريبة مثل انشقاق السماء أو سجود الأشجار، ويظن آخرون أن اللحظة التي تمر فيها لا يلاحظها إلا "المغفلون"”.

واعتبر الباحث الماس، في حديثه لـ“بران برس”، إن “هذه التصورات ليست سوى موروثات شعبية لا أساس لها، حيث يفضل البعض الاعتقاد بهذه الخرافات بدلاً من الاجتهاد في العبادات”. 

وأشار إلى أن “الترويج لهذه الأفكار يشكل خطرًا على العقيدة الإسلامية، إذ يحرف المسلمين عن الفهم الصحيح للشرع القائم على الوحي والعلم”، مبينًا أن “هذه الأساطير انتشرت في فترات الانحطاط الفكري للأمة الإسلامية، وتأثرت بثقافات أجنبية مثل الإغريقية والفارسية”.

ومع ازدياد الوعي وانتشار الصحوة الإسلامية في القرن الماضي، قال: “بدأت هذه المفاهيم الخاطئة بالتراجع، بفضل جهود العلماء الذين أوضحوا أن ليلة القدر هي ليلة عظيمة ينبغي استثمارها في الطاعة والعبادة، لا انتظار المعجزات والخوارق“. 

موعد ليلة القدر

فيما يتعلق بتحديد موعد ليلة القدر، قال الدكتور فاروق الهاشمي، إن هناك خلافًا بين العلماء؛ فالبعض يرى أنها ليلة السابع والعشرين استنادًا إلى حديث النبي ﷺ: “أراني أسجد في صبيحتها في ماء وطين”. 

والرأي الراجح، وفقًا للهاشمي، أنها ليلة متنقلة بين العشر الأواخر استنادًا لحديث النبي ﷺ: “التمسوها في العشر الأواخر”.

"ذكر العلماء عدد من دلالات على ليلة القدر، مثل: طمأنينة القلب، وشروق الشمس في صبيحتها بلا شعاع، وهو ما فسره العلماء بكثرة نزول الملائكة وصعودها. لكن هذه العلامات ليست قطعية، فقد تتوفر في سنة معينة دون أخرى"

ويرى أن عدم تحديد موعدها الدقيق حكمة إلهية تدفع المسلمين للاجتهاد في العبادات طيلة العشر الأواخر، بدلاً من التركيز على ليلة واحدة فقط. محذّرًا من الخرافات المنتشرة عنها، مثل نزول ضوء غريب أو سكون الحيوانات، مؤكدًا أن هذه التصورات لا تستند إلى أدلة شرعية.

دلالات وتحذير

من جهته، قال الدكتور محمد سنحان، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة تعز، إن “ليلة القدر مثبتة في القرآن والسنة، وأن الله سبحانه وتعالى أخفاها لحكمة، حتى يجتهد المسلمون في العبادة طوال العشر الأواخر”.

ولفت إلى ما ذكره العلماء من دلالات على ليلة القدر، مثل: طمأنينة القلب، وشروق الشمس في صبيحتها بلا شعاع، وهو ما فسره العلماء بكثرة نزول الملائكة وصعودها”. مستدركًا أن “هذه العلامات ليست قطعية، فقد تتوفر في سنة معينة دون أخرى”.

وحذر الدكتور سنحان، “من الروايات الضعيفة التي تدّعي أمورًا غير صحيحة، مثل حديث “جبريل ينزل في كوكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم وقاعد”.

وقال إن “الصحابة والتابعين كانوا يتحرون ليلة القدر في العشر الأواخر، ولم يقتصر اجتهادهم على ليلة معينة”، ويرى أن “عدم تحديدها بشكل دقيق يشبه إخفاء الله ساعة استجابة الدعاء يوم الجمعة، حتى يظل الإنسان على استعداد دائم للعبادة”.

مواضيع ذات صلة