|    English   |    [email protected]

وقف إطلاق النار ليس كافيًا.. ما هي استراتيجية ترامب التالية لمواجهة الحوثيين؟

الثلاثاء 13 مايو 2025 |منذ 13 ساعة
ندوى الدوسري

ندوى الدوسري

لم يتردد الرئيس دونالد ترامب، خلال أول 100 يوم من ولايته، في تبني نهج مختلف جذريًا للتعامل مع أزمة البحر الأحمر. ففور توليه السلطة، صنفت إدارته الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وفرضت سلسلة عقوبات من وزارة الخزانة تستهدف واردات الوقود والتدفقات المالية والتجارة غير المشروعة وشبكات الأسلحة، بالإضافة إلى قادة الحوثيين، بما في ذلك المتحدث الرسمي باسم الجماعة.

كما أطلقت الإدارة عملية راف رايدر "الفارس الخشن"، وهي حملة جوية مكثفة استهدفت أكثر من ألف هدف، وأسفرت عن مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وقادتهم. ومن خلال هذه الحملة العدوانية، سعى ترامب إلى تمييز نفسه عن النهج الدفاعي المحدود الذي تبنته إدارة بايدن، وإظهار عقيدته "السلام من خلال القوة" على أرض الواقع.

بحلول أوائل مايو، أدت الضربات الجوية والصاروخية الأمريكية إلى تعطيل كبير لعمليات الحوثيين، وأجبرت قادتهم على الاختباء، مما أثار تكهنات بأن القوات الموالية للحكومة اليمنية قد تستغل الزخم لشن هجوم بري. لكن في 6 مايو، أعلنت إدارة ترامب فجأة عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين. هذا القرار، رغم أنه لم يكن مفاجئًا تمامًا، أثار تساؤلات حول ما إذا كانت فرصة حاسمة قد أُهدرت.

جاء وقف إطلاق النار مدفوعًا جزئيًا بالدبلوماسية الإقليمية، خاصة زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى طهران، حيث حثت الرياض إيران على كبح جماح الحوثيين، بالإضافة إلى جهود الوساطة العمانية. كما أن الرسائل القوية من كبار المسؤولين الأمريكيين، التي حذرت إيران من عواقب استمرار هجمات الحوثيين، أوضحت لطهران أن مصالحها، وربما وجودها، على المحك. لكن الأهم من ذلك، بالنسبة للحوثيين أنفسهم، كان حجم الدمار الذي لحق بهم، والضغوط الاقتصادية المتزايدة، والتهديد الوشيك بشن هجوم بري، عوامل جعلت وقف إطلاق النار مسألة بقاء.

يمثل وقف إطلاق النار الحالي فرصة للحوثيين لإعادة تنظيم صفوفهم وتجديدها، ووضع استراتيجيات للمرحلة التالية، وهو نمط دأبوا عليه منذ بداية الحرب. فبعد الموافقة على اتفاقية ستوكهولم التي توسطت فيها الأمم المتحدة عام 2018، والتي أجبرت الحكومة اليمنية على وقف تقدمها نحو الحديدة، استغل الحوثيون الهدنة لتعزيز سيطرتهم وتحقيق مكاسب ميدانية كبيرة، ثم تصعيد الوضع لاحقًا بتهديد الملاحة الدولية.
ما لم يتم إضعاف الحوثيين بشكل حقيقي، فإن وقف إطلاق النار الحالي قد يؤدي إلى تمكينهم. فقد أعلن ترامب أن الحوثيين "استسلموا"، لكن الجماعة نفت ذلك، وتستغل وقف إطلاق النار للاحتفال بـ"انتصارها" على قوة عظمى. هذه الرواية ستساعد الحوثيين على إحكام قبضتهم على السكان، الذين يعتبرونهم قاعدة للتلقين والتعبئة والتجنيد في خدمة حربهم "الإلهية" ودعوتهم "المسيحانية".

طالما أن الحوثيين يسيطرون على الأراضي ويتمتعون بالوصول إلى البحر، سيواصلون استغلال شبكات التهريب والتجارة غير المشروعة الواسعة التي ساعدهم الحرس الثوري الإيراني في بنائها، لتجديد مخزونهم من الأسلحة، ودعم اقتصاد الحرب، وتطوير مصادر دخل أكثر موثوقية وصعوبة في الكشف عنها. وبدعم وإرشاد مستمر من الحرس الثوري، يوسعون أيضًا نطاق نفوذهم خارج اليمن، ويعززون علاقاتهم مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في الداخل، ومع حركة الشباب وداعش في الصومال. إنهم يتعلمون ويتكيفون، ويستعدون للعودة بقوة أكبر ونفوذ إقليمي أوسع.

مع استعداد ترامب لزيارة الخليج، يجب عليه استغلال هذه الفرصة لحث الرياض وأبو ظبي على دعم القوات الحكومية اليمنية، وتبني استراتيجية عسكرية لهزيمة الحوثيين. هذه السياسة، التي تستثمر مكاسب عملية "راف رايدر"، ضرورية لضمان تحييد تهديد الحوثيين للملاحة الدولية والأمن الإقليمي، وبالتالي النفوذ الإيراني الخبيث، بشكل نهائي.

*المقال نشره معهد الشرق الأوسط للدراسات - ترجمه إلى العربية "بران برس"