عدو الوحدة الحقيقي في صنعاء.. و"الانتقالي" دفع الجنوبيين للتمسك بها

مجدي محروس
لم يعد الانفصال الجنوبي مهدداً كبيراً لمصير الوحدة اليمنية بعد أن اختبر عملياً طيلة السنوات الماضية. لقد تهيأت كل الظروف والعوامل لنجاح الانفصال وإعلان فك الارتباط كما لم تتهيأ حتى لإعلان الوحدة نفسها.
ذهبت الدولة بكل مؤسساتها نحو عدن عقب الانقلاب الحوثي وخضعت المدينة بكل مؤسساتها لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وكان يمكن للانفصال أن ينجح لو أنه يمتلك مشروعاً بديلاً عن الوحدة اليمنية ،لكنه عجز حتى عن تطمين الجنوبيين.
لقد استطاع المجلس الانتقالي انتزاع العاصمة المؤقتة عدن من قبضة الشرعية والسيطرة على أغلب المؤسسات الحكومية فيها، لكنه فشل فشلاً ذريعاً في تقديم نموذج يمكن للبناء عليه.
لم يستطع الانتقالي توفير الحد الأدنى من الخدمات الضرورية والأساسية للناس في مناطق سيطرته ولا حتى تأمين العاصمة من الاغتيالات والانفلات الأمني، وعجزت قيادته عن إيجاد صيغة موحدة تجمع كل المكونات الجنوبية وتلبي تطلعاتهم وأحلامهم.
وبدون قصد منه، عمل المجلس الانتقالي على دفع الناس إلى التمسك بالوحدة، وتعزيز مشروعها لدى غالبية المكونات الجنوبية نتيجة سياسته الإقصائية. ومن الواضح أن الانتقالي يستخدم ورقة الانفصال لجني مزيد من المكاسب من خلال تواجده في الحكومة الشرعية و المجلس الرئاسي.
مع مرور الأيام لن تبقى ورقة الانفصال ورقة رابحة للانتقالي، خصوصاً في ظل انحصار دوره و عزلته بسبب تعدد الكيانات والاصوات الجنوبية المناهضة له والتي ترى في الأقاليم خياراً أنسب للجنوب.
إن الحديث عن الوحدة اليمنية في ذكراها الخامسة والثلاثين يأخذنا نحو الحديث عن أبرز التحديات والمخاطر التي تهددها اليوم. ولا يوجد مهدد فعلي وخطر حقيقي على الوحدة اليمنية كالحوثيين ولا توجد عوائق أمام استقرار البلاد مثلهم.
وحده المشروع الحوثي هو مشروع الانفصال الحقيقي في اليمن، ذلك انه الوحيد الذي يقع خارج نطاق الاجماع الوطني. ولا شيء يرعب الانفصال الحوثي ويهزمه كوحدة اليمنيين و التفافهم حول المشروع الوطني.
لهذا فإن أول خطوات الحفاظ على الوحدة اليمنية هو التخلص من الانقلاب الحوثي واستعادة سيادة الوطن ثم بعدها يمكن استئناف العمل بخارطة الطريق اليمنية والمتمثلة في مخرجات الحوار الوطني وما دونها مزيداً من الشتات والضياع والفرقة.