المثلث العدمي.. والخيارات الصعبة

الشيخ/ علوي الباشا بن زبع
ترامب رئيس قوي، يفاوض بقسوة وبشعور مفرط بالقوة، ولا يُفضل الدخول في الحروب ما لم يكن تجنبها مستحيلاً. وهذا النوع من القادة لا يمكنك تفادي الصدام معه، إلا إذا انحنيت له أو ضبطت بوصلته بالقوة القاهرة. وربما أزماته مع الصين وإيران، وحتى مع إيلون ماسك، نماذج حية لذلك.
خامنئي، قائد متشدد، قضى خمسين عامًا من عمره محاطًا بهالة من القداسة المصطنعة والشعور بقوة لم تُختبر بعد. وهو اليوم يجد نفسه أمام مفاوضات مهينة لم يسبق لها مثيل: يُطلب منك أن تفاوض تحت التهديد، وعلى محددات مُقدَّرة سلفًا، وفي الوقت نفسه تكون على بُعد خطوات من امتلاك السلاح النووي. ويُخيَّر بين سحق هذا السلاح أو سحق نظامه، وكلا الخيارين أسوأ من الآخر بالنسبة لطهران.
أما نتنياهو، فهو زعيم متهور في نظام توسعي دموي، مثقل بتركة “منيلة بستين نيلة” من ملفات الفساد والإخفاقات والصراعات الداخلية، فضلًا عن الحروب والجرائم في الخارج، وعلى رأسها جريمة الدمار والدماء في غزة المنكوبة. وهو يقف الآن على مشارف انهيار “الكنيست”، ومعه مستقبل حكومته السياسي وربما القانوني. ومن الملحوظ أن “وصفته السحرية” الوحيدة للنجاة من هذا الانهيار هي تصدير الخطر إلى الخارج، عبر أقصى درجات المغامرة والذهاب إلى حافة الهاوية.
وأمام هذا المثلث العدمي، لا يمكن للمتابع الموضوعي إلا أن يفترض مواجهة قاسية على هامش مفاوضات الملف النووي، تلك المفاوضات التي يجري ترقيعها دون نتائج، وترحيلها من أسبوع إلى آخر دون حلول. مواجهةٌ يمكن التنبؤ ببداياتها ونهاياتها، وفي أي وقت.
ثمة أمر آخر: ثقافة “كبس الزر” في مثل هذه الحروب ضربٌ من الخيال. لا يوجد زرٌّ يمنع اندلاعها، ولا آخر يُطلق حربًا عالمية ثالثة. إنما يوجد خيار الحرب الخاطفة: قاسية، مكلفة جدًا، قصيرة الأمد إلى حدود لا يمكن تخيلها – لكنها قد تحدث. المسألة مسألة وقت؛ إذ لا يمكن لإيران أن تنحني بالقدر الذي يريده ترامب ونتنياهو، وليس لدى نتنياهو فرصٌ حقيقية للبقاء في السلطة أو حتى الإفلات من السجن دون إشعال الحروب. أما ترامب، فقد نال كل ما أراد من سلطة وثراء إلى حد البذخ، ولم يعد يبحث إلا عن أن يكتب لنفسه تاريخًا كبطل قومي لأمريكا العظمى – حتى لو كان هذا التاريخ مخاطرةً بأمن المنطقة، وبمصالح بلاده على المدى الطويل.