بران برس:
اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية مختلف أطراف النزاع في اليمن، بما فيهم الجهات الفاعلة (غير الحكومية) في إشارة إلى "الحوثيين" وما يعرف بـ"تنظيمي القاعدة وداعش" بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق اليمنيين مع الإفلات من العقاب.
جاء ذلك، في التقرير السنوي للخارجية الأمريكية، عن حالة حقوق الإنسان في اليمن للعام المنصرم، صدر الإثنين 13 مايو/ أيار 2024م، اطلع عليه “برّان برس”.
وفي التقرير، أشارت الخارجية الأمريكية أن جماعة الحوثي المصنفة في قوائم الإرهاب العالمي، صادرت "موارد الدولة، كما أنها جمعت "الضرائب" على قطاع الأعمال، وقامت بتحويل المساعدات الإنسانية".
وطبقاً للتقرير فقد أساء "الحوثيون استخدام فلول سلطات مكافحة الفساد السابقة لخنق المعارضة وقمع المعارضين السياسيين، وأن سيطرتهم في الشمال حد بشدة من قدرة الحكومة على إجراء تحقيقات في الانتهاكات أو الفساد.
وتوصل التقرير إلى أنه "لم تكن هناك تغييرات كبيرة في وضع حقوق الإنسان في اليمن خلال العام" بينما شملت أبرز قضايا حقوق الإنسان التي تورطت فيها أطراف النزاع، "عمليات القتل التعسفي أو غير القانوني، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء، الاختفاء القسري، التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما تطرق إلى تجنيد الأطفال وحرية التعبير وحرية الإعلام بما في ذلك العنف أو التهديد بالعنف ضد الصحفيين، والاعتقالات أو الملاحقات القضائية غير المبررة للصحفيين، والرقابة، وإنفاذ قوانين التشهير الجنائية أو التهديد بإنفاذها للحد من التعبير؛ والقيود الخطيرة على حرية الإنترنت، وغير ذلك من القضايا.
القتل التعسفي
وطبقاً لتقرير الخارجية الأمريكية، فإن تقارير عديدة تحدثت عن قيام القوات الحكومية والموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين والإرهابيين بارتكاب أعمال قتل تعسفية أو غير قانونية.
ونقل في هذا الصدد عن منظمات محلية ودولية منها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان والتي حققت في الفترة المشمولة بالتقرير، من أغسطس 2022 وحتى 31 يوليو 2023، في 76 حالة قتل خارج نطاق القانون في جميع أنحاء البلاد. ووجدت اللجنة الوطنية أن 15 حالة ارتكبتها القوات العسكرية والأمنية المدعومة من الحكومة، و35 حالة قتل تم الإبلاغ عنها ارتكبها الحوثيون.
بينما نقل التقرير عن منظمة مواطنة المحلية غير الحكومية لحقوق الإنسان (القريبة من الحوثيين) بأن القوات المدعومة من المجلس الانتقالي الجنوبي التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة كانت مسؤولة عن ثماني حوادث وثقتها خلال العام وأن الحوثيين كانوا مسؤولين عن خمس حوادث.
الإخفاء القسري والتعذيب
ذكر التقرير في هذا الجانب وقوع 102 حالة اختفاء قسري خلال العام، نسببها بمجملها إلى قوات الأمن الموالية للحكومة اليمنية بـ 41 واقعة، وتسع إلى القوات المشتركة (مصطلح شامل يشير إلى الجماعات المسلحة المناهضة للحوثيين المدعومة من الإمارات العربية المتحدة)، واثنتين إلى القوات الموالية للحكومة.
بينما قال إن 49 حالة اختفاء وراؤها الحوثيون، ولم يتمكن من نسب حالة اختفاء واحدة إلى أي طرف من أطراف النزاع، وفقاً للمصادر التي استند إليها.
وأشار إلى أنه في فبراير/ شباط المنصرم، أجريت مقابلات مع 12 معتقلاً سابقاً أفادوا بأنهم اختطفوا من قبل الحوثيين، واحتجزوا لعدة أشهر أو سنوات في مواقع مختلفة، وتعرضوا لمعاملة لا إنسانية ومهينة، بما في ذلك الضرب المبرح باستخدام الهراوات والأسلاك، والصدمات الكهربائية، والتعليق من الذراعين لساعات، مع تكرار الرش بالماء المثلج.
وبيّن أن الإفلات من العقاب مشكلة كبيرة بين قوات الأمن الحكومية، بما في ذلك الافتقار إلى آليات فعالة للتحقيق في الانتهاكات ومقاضاة مرتكبيها. كما أن السيطرة المدنية على الأجهزة الأمنية ضعيفة. ولم تكن هناك معلومات تفيد بأن الحكومة أو المجلس الانتقالي الجنوبي أو الحوثيين اتخذوا أي إجراءات للمحاسبة على هذه الانتهاكات.
وقال إن الظروف في السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة والمجلس الانتقالي والحوثيون والقبائل الريفية الواقعة تحت سيطرتهم قاسية وتهدد الحياة.
وأفاد أن منظمات الرصد أبلغت عن الاكتظاظ، ومحدودية التهوية، وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة للغاية، وعدم الوصول إلى الضوء الطبيعي، ومرافق الحمامات، والرعاية الصحية، والمياه، والوجبات الكافية.
وأشار إلى سوء الأوضاع في "سجن الأمن والمخابرات" الذي يديره الحوثيون في صنعاء. وبحسب ما ورد لم يتمكن المعتقلون من الحصول على الرعاية الصحية.
ووجدت منظمة الحقوق والحريات (سام)، وهي منظمة غير حكومية مقرها جنيف، أنه في بعض الأحيان عندما يتم نقل المعتقلين إلى المستشفى، تضطر أسر المعتقلين إلى تغطية نفقاتهم الطبية، على الرغم من أن رابطة أمهات المختطفين لاحظت في بعض الأحيان السجناء وحُرموا من الأدوية التي تقدمها عائلاتهم. كما أفادت المجموعة أن السجناء يفتقرون إلى البطانيات في العديد من مرافق الاحتجاز الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وعن مراقبي حقوق الإنسان المستقلين والمنظمات الإنسانية اتهم التقرير كلاً من الحكومة والمجلس الانتقالي والحوثيين، بأنهم منعوا المراقبين من الوصول إلى مرافق الاحتجاز.
وقال "في كثير من الأحيان، لا يعرف المحتجزون جهة التحقيق التي قامت باعتقالهم، وكثيراً ما تؤدي هذه الأجهزة إلى تعقيد الأمور من خلال نقل احتجاز الأفراد بشكل غير رسمي بين الأجهزة"، وأشار أن "المحاكم" الخاضعة لسيطرة الحوثيين تمنح الكفالة فقط إذا تلقت رشوة.
وقالت الخارجية الأمريكية إن الحوثيين يم يقدموا أية معلومات بشأن وضع ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لديهم، اثنان منذ نوفمبر 2021 وواحد منذ أغسطس.
وتوفي الموظف في منظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية، هشام الحكيمي، أثناء احتجازه لدى الحوثيين في سبتمبر/أيلول. ولم يقدم الحوثيون معلومات بشأن ظروف وفاته حتى نهاية العام.
تجنيد الأطفال
طبقاً للتقرير فإن الأطراف في اليمن متورطة في تجنيد واستخدام الجنود الأطفال.
وقال إن منظمة "مواطنة" وثقت تجنيد واستخدام ما مجموعه 3402 طفلاً جندياً تم تجنيدهم بين عامي 2015 ومارس/آذار. بينما جندت القوات الحكومية 552 طفلا، وجندت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات 284 طفلا، وجندت قوات الحوثي ما لا يقل عن 2566 طفلا.
انتهاكات أخرى
وأشار إلى الانتهاكات الأخرى المرتبطة بالصراع، منها فرض الأطراف بشكل روتيني قيودًا صارمة على حركة الأشخاص والبضائع والمساعدات الإنسانية.
وقال إن الصحفيين واجهوا انتهاكات من قبل أطراف النزاع وتعرضوا لخطر الاختطاف أو سوء المعاملة أو التعذيب أو القتل.
ونقل عن نقابة الصحفيين اليمنيين التي أفادت بوقوع 82 انتهاكاً ضد الصحفيين والعاملين ووسائل الإعلام خلال العام، يُعزى ما يزيد قليلاً عن نصفها إلى الحكومة.
وبحلول نهاية العام احتجز المجلس الانتقالي أحمد ماهر وناصح شاكر، واحتجزت قوات الحوثي وحيد الصوفي ونبيل السعداوي، واحتجزت القاعدة في شبه الجزيرة العربية محمد قايد المقري.
وعن الرقابة أو تقييد المحتوى على أعضاء الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، بما في ذلك وسائل الإعلام عبر الإنترنت، قال التقرير إن جميع أطراف النزاع قامت بالانتقام بشكل روتيني من وسائل الإعلام والعاملين الذين يعبرون عن آراء انتقادية، وفرضت رقابة على وسائل الإعلام في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
كما قامت جميع أطراف النزاع بتقييد وصول المراسلين الدوليين، وكذلك هيئات توثيق الحقوق. ولاحظت منظمة مراسلون بلا حدود أن التقارير الموضوعية عن الحرب نادرة لأن أطراف النزاع تسيطر على وسائل الإعلام وتهدد الصحفيين المستقلين بالاعتقال التعسفي والمعاملة المسيئة.