|    English   |    [email protected]

العميد أحمد بن صالح العقيلي.. القائد السبئي المخلص للجمهورية (بروفايل)

السبت 22 يونيو 2024 |منذ 5 أشهر
العميد أحمد بن صالح العقيلي.. القائد السبئي المخلص للجمهورية (بروفايل) العميد أحمد بن صالح العقيلي.. القائد السبئي المخلص للجمهورية (بروفايل)

برّان برس - وحدة التقارير:

“نحن مع الدولة ونرفض أن تحل مليشيات بدلًا عنها... نتصارع، ونحتكم للدولة، وهي مرجعية الجميع”.. هذه واحدة من المقولات التاريخية للشيخ القبلي والقائد العسكري البارز العميد “أحمد بن صالح العقيلي”.

سجل “العقيلي” هذا الموقف بينما كانت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا على قوائم الإرهاب، تطوي المدن اليمنية وتسيطر عليها بعد اجتياحها العاصمة صنعاء أواخر العام 2014، وتحشد مسلحيها وعتادها تجاه محافظة مأرب.

إلا أن “قبائل مأرب” كان لها كلمتها الفاصلة والحاسمة، حيث رفضت الانقلاب الحوثي على الحكومة اليمنية، وأعلنت وقوفها إلى جانب الدولة، وكان الشيخ “العقيلي” واحد من أبرز مشائخ المحافظة الذين تصدّروا المواجهة.

وحلت أمس الجمعة 21 يونيو/حزران 2024م، الذكرى السادسة لاستشهاد العميد العقيلي، الذي استشهد وهو يقود المعارك ضد جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب.

والعميد أحمد صالح أحمد العقيلي، من مواليد 15 أغسطس/آب 1968، وهو أب لسبعة أولاد وأربع بنات.

يعد أحد مشائخ “قبيلة آل عقيل” التي تواجد بمديريتي حريب جنوب شرق محافظة مأرب وعين غرب محافظة شبوة، وعرف بمواقفه الاجتماعية، وأدواره حل الخلافات والمشاكل المجتمعية، ومعالجة حروب الثأر بين القبائل.

مع الدولة ضد الهيمنة

كان “العقيلي” أحد أبرز مؤسسي المعسكرات الشعبية للدفاع عن محافظة مأرب، والتي عرفت بـ“مطارح نخلا والسحيل” وانطلقت في 18 سبتمبر/أيلول 2014، وتوافد إليها كافة أبناء مأرب بمختلف انتماءاتهم السياسية والمجتمعية.

وفي حوار مع “الجزيرة نت” نشر بتاريخ 12 يناير/كانون الأول 2015، قال “العقيلي”، إن القبيلة المأربية "تمتلك القوة الكافية" للدفاع عن نفسها وعن المنشآت الحيوية بالمحافظة إذا قررت جماعة الحوثي السعي لدخول مأرب.

وعن أهداف الحوثيين من السيطرة على مأرب, أوضح أنهم “غزاة معتدين يريدون الهيمنة والسيطرة على النفط والغاز ومصادر الطاقة”. وقال إن “هذه ثروة كل اليمنيين، ولا نقبل أن تقع بأيدي الحوثيين ليتحكموا بالدولة”.

وأكد أن القبائل “تقف مع الدولة وليست بديلة عنها في حماية حقول النفط والغاز ومحطة توليد الكهرباء بمأرب”.

قائد عسكري شجاع

ميدانيًا، شارك “العقيلي” في القتال ضد جماعة الحوثي في العديد من جبهات القتال على امتداد مسرح العمليات من صنعاء إلى مأرب والبيضاء وشبوة.

وفي فبراير/شباط 2015، حشد “العقيلي” أبناء مديريته لمساندة المقاومة الشعبية في “جبهة قانية” جنوبي محافظة مأرب على الحدود مع محافظة البيضاء، التي كانت جماعة الحوثي قد اجتاحتها انطلاقاً من صنعاء وذمار.

وأواخر مارس/آذار 2015، قاد “العقيلي” معركة الدفاع عن مديرية حريب جنوب مأرب، ومديريات بيحان وعين غرب محافظة شبوة.

وفي ابريل/نيسان 2015، شارك في قيادة المعارك ضد جماعة الحوثي في مديرية صرواح غرب محافظة مأرب، وتعرض خلالها لثالث إصابة.

في يونيو/حزيران 2015 بدأ بتشكيل “كتائب الحزم“، وخاضت إلى جانب اللواء 26 مشاة ميكا بقيادة اللواء الركن مفرح بحيبح، وكتائب المقاومة الشعبية وغيرها من الوحدات معارك ضارية ضد الحوثيين في بيحان.

ومن ثم انتقل لمساندة المقاتلين في جبهات البلق والجفينة والسد وكوفل حول مدينة مأرب، وشارك في عملية تحرير تلك المناطق وصولاً إلى مشارف مدينة صرواح في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

وفي جبهات صرواح، شارك “العقيلي” في قيادة المعارك ضد الحوثيين حتى مارس/آذار 2016. وفي الشهر ذاته، انتقل للمشاركة في قيادة معركة تحرير مديريتي حريب وعين وصلًا إلى منطقة مجبجب شمال بيحان.

وأواخر ديسمبر/كانون الثاني 2016، قاد عملية تحرير جبال الساق شمال بيحان، وظل يرابط في الجبهة ذاتها حتى عملية تحرير بيحان منتصف ديسمبر/كانون الثاني 2017، وخلال المعركة أصيب في ذراعه الأيمن أثناء تقدمه صفوف المقاتلين في عملية التحرير.

ورغم إصابته إلا أنه شارك في عملية استكمال تحرير بيحان، وكذا تحرير مديريتي نعمان وناطع شمال البيضاء. وفي “جبهة ناطع“ خاض “العقيلي” عدة مواجهات ضد الحوثيين متقدمًا صفوف المقاتلين بكل شجاعة وإقدام في جبال القرحا غرب ناطع على حدود مديرية الملاجم.

في 15 مارس/آذار 2018، صدر قرار جمهوري بتشكيل “محور بيحان” ضمن المنطقة العسكرية الثالثة، بقيادة اللواء الركن مفرح بحيبح، وتسمية “كتائب الحزم” باللواء 153 مشاة بقيادة “العقيلي”، وتشكيله ضمن ألوية المحور إلى جانب كلًا من اللواء 26 مشاة ميكا، واللواء 19 مشاة، واللواء 163 مشاة، واللواء 173 مشاة.

وفي 20 يونيو/حزيران 2018، تقدم “العقيلي” صفوف المقاتلين في معارك التحرير من محور ناطع وصولاً إلى قطع الطريق الرابط بين عقبة القنذع وفضحة شمال البيضاء.

نهاية مسيرة بطولية

ومساء الخميس 21 يونيو/حزيران 2018، وبينما كان “العقيلي” يتقدم صفوف الجنود لاستكمال تحرير الطريق الاسفلتي المؤدي إلى القنذع في مديرية ناطع شمال البيضاء، تعرّض لانفجار عبوات ناسفة واستشهد على إثرها.

وهنا كانت نهاية مسيرة أحد أبرز القيادات القبلية والعسكرية التي تصدّرت معارك الدفاع والتحرير في محافظات مأرب وشبوة والبيضاء لنحو نصف عقد من الزمن، وفي مرحلة وصفت بأخطر المراحل التي شهدتها اليمن.

مناضل جسور

وقال رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، حينها، خلال اتصال هاتفي أجراه بوالد الشهيد الشيخ صالح احمد العقيلي، إن الوطن خسر برحيل العميد، “رجلاً من أنبل رجالاته، ومناضلاً جسوراً ومقداماً شجاعاً ومخلصاً وفياً”. معتبرًا “رحيله في مثل هذه المرحلة الاستثنائية التي كان له دورًا محوريًا فيها يمثل خسارة وطنية كبيرة”.

وأضاف “لقد تقدم الشهيد العميد أحمد صالح العقيلي الجبهات، وشارك في معركة تحرير محافظات مأرب وشبوة والبيضاء من المليشيا الإجرامية التابعة للحوثي، التي استباحت اليمن، وراحت تعبث فيها دماراً وخراباً وبذل الغالي والنفيس من اجل اليمن وأهلها واستبسل فأنتصر لوطنه”.

مثالاً للقائد المحنك

فيما أشاد نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن صالح، حينها، في برقية عزاء، “بمناقب الشهيد وبطولاته التي سطرها في مختلف الجبهات، وسكب فيها دماءه الطاهرة لمرات عديدة، عاود بعدها الكرة تلو الأخرى ليلقى ربه شهيداً مقبلاً غير مدبر؛ دفاعاً عن كرامة الشعب ومبادئه وأهداف ثورتيه المجيدتين”.

وقال “لقد كان العميد العقيلي مثالاً للقائد المحنك، وللجندي المخلص، ولليمني الحر الأبيّ الذي يرفض الكهنوت ويرفض محاولات إنتاج الكهنوت ويقف بشجاعة واستبسال أمام هذه المليشيات الغازية التي عاثت في الأرض الفساد”.

وأضاف: الشهيد العقيلي لا تقتصر مواقفه التاريخية خلال هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها بلادنا فحسب، بل اتسم بالحكمة والشجاعة والعطاء طيلة حياته، وعُرف بصدقه، وكرمه، ونبل أخلاقه، وحسن سيرته، ومعشره مع الجميع”.

وأكد أن “هذه الطريق التي يخطو نحوها الشهداء من القادة والضباط والصف والجند كأمثال العميد العقيلي ومن سبقه تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عزم الجيش، وكل أحرار اليمن، وإصرارهم على المضي قدماً حتى تحرير كل شبر في اليمن، وإهالة التراب على آخر مخلفات الإمامة الكهنوتية العنصرية المُرتهنة لمشروع إيران التخريبي”.

دور اجتماعي

وبدوره، أشاد رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، حينها، ببطولات الشهيد العقيلي، وتضحياته في عدد من جبهات مارب وبيحان والبيضاء. لافتًا إلى دوره البارز في إسناد الجبهات، ودوره على المستوى الاجتماعي في “إصلاح ذات البين وحل القضايا في المنطقة”.

وقال “برحيل الشهيد العقيلي خسر الوطن أحد رجالاته الأوفياء والمخلصين.. حيث استشهد وهو يدافع عن وطنه وقيم الجمهورية”، مضيفًا أن “التاريخ سيذكر تضحياته في صفحاته البيضاء؛ حيث رفض الإمامة والعبودية والسلالية وخرج مدافعاً مقاتلاً عن الوطن وشرعيته الدستورية والدولة الاتحادية التي أتفق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني”.

قائد شجاع ومخلص

وكانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، قد نعت القائد العقيلي، وقالت إنه كان “أحد القيادات العسكرية التي سجلت أدوارًا بطولية ونضالات خالدة في إعادة بناء المؤسسة العسكرية، وفي معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية ومكتسباتهما العظيمة”.

وأضافت أنه “برحيله خسر الوطن واحدًا من أنبل وأصدق وأخلص رجالاته الكبار الذين سجلوا مواقف شجاعة في مواجهة المليشيا الحوثية الانقلابية وسطروا بطولات نموذجية في مختلف ميادين الشرف والفداء.

وجاء في البيان، “كان الشهيد مقدامًا شجاعًا ومناضلًا وفيًا وقائدًا مخلصًا وصاحب مواقف صادقة في الولاء والوفاء الوطني، ووقف شامخًا وفي وقت مبكر أمام المليشيا الحوثية الانقلابية والمشاريع التخريبية الحالمة للعودة إلى الماضي المظلم”، مضيفًا أنه “كان من أوائل الرجال الذين انحازوا للوطن وخيارات الشعب اليمني ونذروا أنفسهم لحراسة المكتسبات الوطنية وآمال وتطلعات اليمنيين في استعادة أمنه واستقراره وبناء مستقبله”.

وميدانيًا، قال بيان وزارة الدفاع: ”لقد سطّر الشهيد البطل مواقف شجاعة، ووقف شامخا في مختلف معارك دحر المليشيا الانقلابية، وكان في مقدمة الصفوف مجسدًا الجندية والعسكرية، وتقدم معارك التحرير في جبهات مأرب والجوف وصنعاء وشبوة والبيضاء، وقاد عمليات استعادة عدد من المواقع والمناطق، ولم تثنه الإصابات الكثيرة التي تعرض لها عن مواصلة النضال والتضحية بكل صدق وإخلاص وبذل الغالي والنفيس من أجل اليمن”.

مواضيع ذات صلة