تقرير خاص أعده لـ“برّان برس” - سهيل الشارحي:
رغم ما يتمتعن به من عزيمة وإصرار على المواجهة لتحقيق شغفهن وطموحهن في الحياة والوصول إلى الحقيقة، إلا أن الصحفيات اليمنيات يواجهن الكثير من التحديات والصعوبات اليومية خصوصًا أثناء عملهن في الميدان.
فإضافة إلى نظرة المجتمع التي ما تزال تعتقد أن المرأة لا يحق لها العمل في مجال الإعلام، تشكّل الأوضاع الأمنية غير المستقرّة تحديًا إضافيًا حد عمل الصحفيات الميداني وجعل منها مغامرة محفوفة بالمخاطر الشديدة.
في هذا التقرير يستعرض “بران برس”، مع عدد من الصحفيات والإعلاميات ذوات الخبرات والتجارب في العمل الصحفي والإعلامي داخل البلاد، أبرز التحديات والمخاطر التي تواجه أدائهن وعملهن الصحفي والميداني.
تراجع حرية الصحافة
تقول “أبرار مصطفى”، وهي صحفية مستقلة، إن “المرأة الصحفية كانت قبل نشوب الحرب تمارس عملها بكل حرية، وكانت تتناول وتناقش مواضيع إعلامية في مختلف المجالات بطلاقة ودون قيود، لكن بعد الانقلاب والحرب التي بدأت منذ عام 2011 تم تكميم الأفواه وأصبح الإعلام مسير لا مخير”.
وتضيف “أبرار” في حديثها لـ“بران برس” أن التموضع السياسي لوسائل الإعلام وتخندقها خلف أطراف الصراع يجبر الصحفيات على أن تعمل وفق سياسات لا تقتنع بها خصوصًا أثناء تقدمها للعمل بأي قناة تلفزيونية.
وإضافة إلى ذلك، تقول “أبرار” إن “الصحفية في اليمن تواجه تهديدات وتنمر خاصة في النقاشات السياسية البحتة”.
وعن مستوى حصول الصحفيات على فرص العمل، تقول الصحفية أبرار، لـ“بران برس” إن “الجمال يكون سبباً في قبول ورفض بعض من الصحفيات”.
وبرأيها فإن “أغلب وسائل الاعلام في اليمن والوطن العربي تعتمد على الجمال دون الاهتمام بالموهبة وكذلك المحتوى الذي لا هدف له وبات لغرض الترفيه”.
الوضع الأمني
الصحفية “مها علي”، وهي مراسلة قناة بلقيس في تعز، تقول في تصريح لـ“بران برس” إن “تدهور الوضع الأمني من أبرز الصعوبات التي تواجه الصحفية اليمنية، حيث يقف عائقًا أمام عملها الإعلامي في الميدان”.
وتتفق معها الصحفية “لمياء الشرعبي”، أن “تدهور الوضع الأمني من أكثر الصعوبات التي تواجه الصحفيات في اليمن”، مؤكدة أنه “أثر عليها بشكل كبير أمنياً واقتصادياً واجتماعياً”.
ومن جانبها، تؤكد الصحفية “أبرار مصطفى”، لـ“بران برس” أن “المرأة الصحفية في اليمن تواجه صعوبة في الحصول على التصريحات أثناء النزول الميداني إلى مكان الحدث خاصة في جبهات القتال”.
وتضيف “أبرار”، أن “بعض المسؤولين في مكان الحدث يرفضون التصريح لصحفية”، وبرأيها فإنهم “يرون ذلك يعارض العادات والتقاليد”.
ووفق “أبرار”، فإن هذا الأمر “يجعل مستوى العمل لدي الصحفية يتراجع”، موضحة أن “بعض الصحفيات فقدن عملهن بسبب صعوبة الحصول على معلومات وتصريحات من المسؤولين خاصة العسكريين في جبهات القتال”.
صعوبات أخرى
وإلى ذلك، تقول “مها علي”، في حديثها لـ“بران برس” إن الصحفية اليمنية تواجه صعوبات أيضًا في الحصول على المعلومات من مصادرها لتأدية مهامها، ومنها تدهور الوضع الاقتصادي وتردي مستوى الدخل للفرد”.
إضافة إلى ذلك تتحدث “مها علي” عن “صعوبة الحصول على معلومات وتصريحات من منظمات المجتمع المدني، وخاصة عندما تكون المعلومات عبارة عن إحصائيات والتي تكون عائق أمام إكمال المواد الإعلامية والصحفية”.
تحرشات وابتزاز
وفق الصحفية “لمياء الشرعبي”، فإن “أغلب الصحفيات يواجهن أثناء العمل في الميدان تحرشات ومضايقات من المجتمع، فيما الأجهزة الأمنية تقف صامتة أمام تلك المشكلة”. مؤكدة أنها “لا تحرك ساكنًا”.
وبرأيها، فإن سبب هذا هو أن المجتمع اليمني ما يزال يعتقد أن “المرأة لا يحق لها أن تذهب للعمل وتغطية الأحداث دون محرم”.
وإلى ذلك، تقول الصحفية “لمياء” إن “الابتزاز الإلكتروني” يعد من “أهم المعوقات والصعوبات التي تواجه المرأة”، مشيرة إلى أن هذا أثر على الصحفية اليمنية “نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وأمنياً بشكل كبير، دون وجود رادع قانوني يحمي ويحد من هذه الظاهرة”.
وتضيف أن “من أبرز الصعوبات التي تواجهه الصحفية اليمنية، نظرة المجتمع للمرأة الصحفية أثناء العمل المشترك مع الصحفيين”. إضافة إلى “تحول أغلب وسائل الإعلام إلى منابر لجهات وأطراف معينة، وحصر دور المرأة الإعلامية ضمن هذه الانتماءات لأطراف معينة”.
تحليل جنساني
يقول تحليل حديث لـ“منظمة دعم الاعلام الدولي”، الذي يقدم تحليلًا لـ“النوع الاجتماعي للمشهد الإعلامي في اليمن”، إن “حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي– آخذة في الارتفاع”.
ويدرس التحليل الجنساني لقطاع الإعلام في اليمن، الذي أعدته خبيرة التطوير الإعلامي الدكتورة عايدة القيسي، الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في تعزيز دور المرأة في مستقبل اليمن، وينتج توصيات لتعزيز التقارير بصورة أكثر أمانًا وإنصافًا وأكثر جنسانية. وكذلك برامج إخبارية وإعلامية شاملة وحساسة.
ووفق التحليل فإن السلامة الجسدية للنساء لا تزال “تتعرض للتقويض بسبب النزاع- القصف والقنص والغارات الجوية والألغام الأرضية ولكن أيضًا زيادة المضايقات والتهديدات والاختطاف والاعتداء الجنسي- أصبحت الأسلحة السائدة التي تستخدمها قوات الأمن ضد النساء في وسائل الإعلام”.
وبحسب التحليل فإن “التحرش بالنساء من خلال منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي منتشر على نطاق واسع ويعكس الانتشار المتزايد للعنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي كتكتيك للحرب وفي غياب آليات عدالة عادلة وشفافة”.
وذكر أن “المواقف الأبوية والمحافظة متجذرة بعمق من الناحيتين الهيكلية والاجتماعية، وهناك نقص في الإرادة السياسية لمعالجة القضايا النظامية أو تحدي الأعراف الاجتماعية”. مضيفًا أنه “من المسلم به أن العديد من المؤسسات الإعلامية أقل احتمالاً للعمل مع الصحفيات لأن التعامل مع القيود المفروضة على السفر يصبح مرهقًا وبيروقراطيًا”.
وحتى في مدن مثل تعز وعدن، قال التقرير إن “الظروف أكثر تسامحًا مع النساء ووسائل الإعلام، لا تزال التقارير الميدانية بالنسبة للنساء صعبة”.
ولفت إلى قلة “احتمالات ظهور النساء في المناصب الإدارية العليا في وسائل الإعلام بسبب مجموعة من العوامل التي تشمل الفجوة في الأجور بين الجنسين، ومحدودية فرص الترقية، وسياسات التوظيف والاحتفاظ للنساء”.
ونتيجة للعوائق الهيكلية، أشار التقرير إلى أنه “لا يزال تمثيل المرأة في وسائل الإعلام اليمنية يمثل مشكلة.