|    English   |    [email protected]

باحثون ومختصون يتحدثون لـ"بران برس" عن تداعيات القصف الإسرائيلي على الحديدة وموقع إيران من التصعيد في اليمن (تقرير)

الأحد 21 يوليو 2024 |منذ 4 أشهر
تداعيات القصف الإسرائيلي على الحديدة - برّان برس تداعيات القصف الإسرائيلي على الحديدة - برّان برس

برّان برس - وحدة التقارير:

مساء السبت 20 يوليو/ تموز، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، غارات على ميناء الحديدة (غربي اليمن) مستهدفة خزانات للوقود ومحطة للكهرباء ومنشآت أخرى، ردًا على هجمات الحوثيين خلال الفترة الماضية.

وبسحب إحصائية حوثية، بلغت الخسائر جراء القصف الإسرائيلي قتيلين وإصابة 80 آخرين من المدنيين، في هجوم عدّه الكثيرون الأول من نوعه منذ انخراط الحوثيين في عمليات عسكرية ضد إسرائيل بحجة نصرة غزة، وذلك في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.

وعقب القصف الإسرائيلي، سارع الحوثيون إلى التأكيد على جاهزيتهم للرد، حيث ظهر "يحيى سريع" المتحدث العسكري باسم الجماعة، والذي قال إن جماعته سترد على “العدوان السافر على الحديدة”، مشدداً على أنها لن تتردد في ضرب الأهداف الحيوية للعدو الإسرائيلي".

وما بات يخشاه الشارع اليمني هو استغلال الحوثيين للهجمات الإسرائيلية على الأراضي اليمنية في تجنيد المزيد من اليمنيين تحت مبررات مواجهة إسرائيل، كما فعلت مع الهجمات الأمريكية، التي أطلقتها بالاشتراك مع بريطانيا ودول أخرى إثر استهداف جماعة الحوثي للسفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

"برّان برس" ناقش مآلات هذا التصعيد مع خبراء ومختصين، لبحث السيناريوهات المحتملة بعد الاستهداف الحوثي والرد الإسرائيلي؟ وكيف يمكن استغلال أي هجمات من قبل الاحتلال الإسرائيلي لتجنيد مقاتلين جدد؟ وهل يمتلك الحوثي القدرات لإصابة أهداف بهذه المسافة؟.

استثمار

في بداية حديثه، الخبير والمحلل العسكري العميد "محمد الكميم"، توقع الاستثمار الإسرائيلي للقصف الحوثي، بدءاً من "كل الأعمال التي يرتكبها الحوثيون في البحر الأحمر وصولاً إلى القصف الأخير على تل أبيب".

وقال في تصريحه لـ"برّان برس"، إن "أمريكا وإسرائيل تستثمران هذه العربدة استثماراً قوياً جداً"، لافتاً إلى "العسكرة الأمريكية في البحر الأحمر بحجة الدفاع عن إسرائيل وحماية المنطقة من أي توسع والصراع"، مضيفاً: "والآن إسرائيل تشتكي مظلومية الدفاع عن نفسها نفس ما يدعي الحوثيون".

وذكر أن من "الحجج الإسرائيلية، ادعاء مواجهتها الأذرع الإيرانية، وأنها في حالة دفاع عن نفسها وفي استمرار في معركتها التي لن تتوقف"، مشيراً إلى أن الحوثيين أعطوا الكيان الغطاء اللازم لاستمرار معركته في غزة".

في هذا السياق، قال "الكميم"، إن "إسرائيل قامت بكثير من العمليات في سوريا ولبنان، لكن لم تتجرأ الدولتان على الرد لأنهما خائفتان على مصالحهما، بينما الحوثيون ما زالوا مستمرين في الاستثمار والتسويق العالمي لمظلوميتهم وكسب التعاطف الدولي".

لا ضرار على إسرائيل

وعن جدوى الهجمات التي يشنها الحوثيون، يرى المحلل "الكميم" بأنها لا تؤثر على أمريكا ولا على إسرائيل وبالدليل على ذلك أن حتى ردود الفعل الامريكية تجاه الضربات الحوثية هي من أسخف وأغبى ما رأيت في حياتي في كل مراحل الصراع في العالم كله".

ومضى قائلاً بسخرية "الحوثيون يضربون أمريكا بهذه بشناعة بحسب زعمهم، وأمريكا تقول بأنها تخوض معركة أكبر من معركة الحرب العالمية الثانية في البحر، ومع ذلك أمريكا ترد رد أشبه بالمسرحية فعلاً ليش؟.

مكسب

ويعتقد الكميم، أن الولايات المتحدة، لا تريد القضاء على الحوثيين، وتعتبرهم مكسباً بالنسبة لها، لأنها تستفيد منهم كثيراً، مؤكدًا أن بقاء الحوثيين مهم لها، لأسباب عدة منها، أن تظل الجماعة الحوثية شوكة في خاصرة الجزيرة العربية، كما أنه يتم الاستفادة منها إعلامياً.

وقال "لذلك أرى أنه ما زالت الآمور كلها في إطارها البسيط بالنسبة للأمن الإسرائيلي والأمريكي، ولم يتعد الحوثيون خطوطهم الحمر، وبالتالي ستكون ردود الفعل بسيطة"، مبيّناً أنه "عندما يصل الحوثيون إلى مرحلة ما قد يؤذون فيها أمريكا وإسرائيل فنحن نعلم أن أمريكا وإسرائيل سيتعاملون مع الخطر الحوثي كما يجب".

استغلال عاطفة اليمنيين

ويشير إلى أن للحوثيين معاركهم الخاصة البعيدة عن أمريكا وإسرائيل، وقال "نعلم أن أمريكا وإسرائيل هي عبارة عن شعارات فقط لتجنيد الناس وتحشيدهم واستغلال عواطفهم في هذه النقطة، ويستغل أن الشعب اليمني محب عاطفي ومحب ومتعصب لدينه، وفي غالبيته يكره أمريكا وإسرائيل بسبب صراع العرب مع الصهاينة، والحوثي مستغل لهذه النقطة جيداً وبدأ يحشد لحروبه الداخلية، باسم الموت لأمريكا والموت لإسرائيل".

وبحسب "الكميم" "أن كل معارك الحوثيين من 2004، لم تستهدف إلا اليمنيين وكانت الحشود والتعبئة والتعزيزات باسم الموت لأمريكا والموت لإسرائيل".

ومن هذا المنطلق، يرى بأن الحوثيين قد يستفيدون اليوم بدرجة رئيسية عندما يقولون "نواجه دول الاستكبار العالمي، ونواجه أمريكا وإسرائيل مباشرة، من أجل تحشيد عشرات الآلاف لكي يزج بهم في المعارك الداخلية ".

وقال "الحوثيون بدأوا في تنفيذ ذلك منذ يوم الـ7 من أكتوبر، من خلال التحشيد وتعزيز الجبهات والقتال والتهديد فالحوثيون يحشدون وينفذون دورات طائفية تجهيلية وعروضاً عسكرية ودورات قتالية ومناورات، كلها تهيئ لحرب داخلية".

وأضاف "الحوثيون يستغلون هذه النقطة لخوض جولة حرب جديدة في اليمن بالذات واليوم يهددون السعودية والعالم، ومن ثم يحشد لتنفيذ هذه المخططات".

ضجيج إعلامي 

أما عن ما يمتلكه الحوثيون من تقنيات حربية حديثة، قلل المحلل والخبير العسكري "الكميم" من ذلك، وقال "نحن نعلم والعالم كله يعلم أن الحوثي لا يمتلك تلك التقنيات، إذا كانت إيران أطلقت قبل شهر أو شهر ونصف مئات الصواريخ والطائرات المسيرة ولم تصل واحدة منها إلى إسرائيل، فما بالك بالحوثيين".

وأضاف أن "الحوثي ما هو إلا أداة ونحن نعلم أيضاً أن الحوثي يمتلك الأسلحة الإيرانية، ويطلقها من اليمن خبراء وعناصر من حزب الله والحرس الثوري، ومع ذلك الأسلحة التي يطلقها هي عبارة عن أسلحة بدائية".

وتابع بالقول "ورأيت أمس عندما ضربت الطائرة المسيرة إذا افترضنا صحة انطلاقها من اليمن رأيت أنها عبارة عن ماكينة دراجة نارية تقريباً أي أشبه بالدراجة نارية وصلت كما هي".

وأكد أن الطائرة التي أطلقها الحوثيون لم تكن لها أي قوة تدميرية، وقال "عندما تطلق الطائرات أو الصواريخ من مسافات بعيدة من 2000 كيلو متر، يضطر المتخصصون تخفيف الكثير من منظومة الطائرة أو الصاروخ حتى صل إلى وجهته، حتى تضطر أن تخفف من المتفجرات والعبوات الموجودة فيها، وبالتالي قدرة التأثير والتدمير لهذه الطائرات تنعدم عندما تطير مسافات بعيدة، لأنها طائرات وصواريخ بدائية ليست صواريخاً ذكية وهذا هو سبب التعجب يعني".

وقال "المحور الإيراني يستطيع أن يقصف بآلاف الصواريخ من مسافات قريبة جداً من إسرائيل ومع ذلك يتم إطلاق واحدة مسيرة من اليمن واحد، والهدف الضجيج الإعلامي المطلوب لهدفهم الرئيسي بينما الحوثي كان خلال يومين قد أرتكب جرائم في اليمن في رداع وفي تعز وفي عمران".

استثمار متبادل

إلى ذلك يقول رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، "عادل الأحمدي"، إن إسرائيل تستفيد من هكذا هجمات، لتقنع شعبها والمجتمع الدولي الضاغط عليها أنها في حرب حقيقية وأن هناك تهديداً وجودياً لها".

الأحمدي توقع رداً إسرائيلياً لكنه بعمليات محدودة، على اعتبار أن الخسائر ليست أكثر من قتيل" وقال في يوم هجوم الحوثيين على تل أبيب قتلوا وأصابوا 13 يمنياً في محافظة عمران".

وأشار أن استغلال الحوثيين لضربتهم العمق الإسرائيلي للتحشيد داخلياً، لا يعتقد أن الأمر سيكون له تأثيراته؛ كون اليمنيين يكتوون بنار الحوثي بالنار بالفعل، حتى لو حارب الشيطان، فإن هذا لا يشكل فارقاً لشعب يعلم من هو الحوثي" وقال "من واجبنا جميعاً أن نوضح لبعض العرب المنخدعين كيف أن المعارك الحقيقية هي التي يخوضها الحوثيون ضد اليمنيين".

خدمة وليست ضربة

وقّلل الأحمدي من تقنية الحوثيين التي استطاعت الوصول إلى تل أبيب، بأنه في المحصلة إذا كانت طائرة إيران الحوثية قد اخترقت الدفاعات الجوية للاحتلال الإسرائيلي، فإنهم لم يحققوا نصراً بالضرورة لأنها ليست ضربة موجعة بل على العكس، أن تأتي طائرة مسيرة تكشف عن ثغرة ما في الدفاعات الجوية فإنها تتحول إلى خدمة، لأن العدو سيسعى لتلافيها، وبالمثل الشعبي "الضربة التي لا تكسر تقوي".

رئيس مركز أبعاد للدراسات "عبدالسلام محمد" بدأ حديثه لـ "برّان برس" من زاوية أخرى بأنه "بعد كل هجوم على هدف نوعي ضد إيران وميليشياتها، يترك فرصة لميليشيات إيران الرد ضمن قواعد الاشتباك، ويبدو بالأمس فقد حزب الله قيادات نوعية، في عملية إسرائيلية، ما ترك اليوم لمسيرة تابعة لحلفاء إيران الوصول إلى قرب السفارة الأمريكية قلب إسرائيل".

وقال "عبدالسلام محمد" "المحللون الإسرائيليون يقولون بأن خطأ بشرياً وراء ترك درونز واحدة لم يتم التعامل معها من أربع مسيرات أرسلت، وكأن إسرائيل تعمدت ترك تلك الدرونز الوصول دون إسقاطها ".

وأشار أنه "في حين أعلن الحوثيون مسئوليتهم عن المسيرة التي ضربت تل أبيب وهناك قتيل على الأقل، سارع أفيخاي أدرعي وجماعته الصهيونية تأكيد ذلك، فما الذي تهدف إليه إسرائيل من إعطاء الحوثيين البطولة وليس حزب الله؟ مع أن قواعد الاشتباك الإيرانية الاسرائيلية تفترض إتاحة الفرصة لحزب الله للانتقام بعملية لا كلفة فيها ولا ضحايا".

وقال "إسرائيل وإيران متفقتان على عدم التصعيد في جبهة الشمال الإسرائيلي، ولذلك فإن قواعد الاشتباك الجديدة تفترض إعلان الرد من غير حزب الله، وفيما تستفيد إسرائيل من تصفية قيادات عسكرية خطيرة في حزب الله تفرض على إيران رداً باهتاً أعطى هذه المرة شرفا للحوثيين رغم أن المسيرات التي لدى الجماعة لا يمكنها أن تعبر أكثر من ألفي كيلو متر وهي محملة بالمتفجرات".

مكسب لإسرائيل

ويرى رئيس مركز أبعاد للدراسات بأن ضربة الحوثيين، "استفاد منها نتنياهو الذي يلاقي ضغوطا دولية، في وقت أصدرت محكمة العدل الدولية مجموعة قرارات ضد إسرائيل، فيما وصول الدرونز بالقرب من السفارة الأمريكية هو تسويق لمصالح إسرائيل لتكون على أولوية قائمة وعود المرشحين الرئاسيين الديمقراطي والجمهوري".

وتدارك بالقول "إن إسرائيل وإيران تتنافسان على النفوذ في المنطقة وتتسابقان، لكنهما في إطار مقنن ومحوكم باتفاق يجعل من هذا التنافس ينتقل من مرحلة استخدام القضية الفلسطينية إلى مرحلة تفكيك المنطقة وتقاسم النفوذ على المقدسات والثروة".

وأضاف "أن ما نراه من حرب إسرائيلية في فلسطين هو إنهاء المقاومة الإسلامية السنية واستبدال حلفاء إيران محامين للقضية الفلسطينية فهم الأكثر أمانا على حدود إسرائيل، ولا ينافسون نفوذها الجيوسياسي إذا أتاحت لهم نقل الحرب من الأقصى إلى مكة".

عنتريات

وبالعودة إلى القصف الأخير على ميناء الحديدة يؤكد المحلل والخبير العسكري "الكميم" أن هذه نتيجة مباشرة للعنتريات الحوثية وللصلف الحوثي ولعدم تقديره للموقف بشكل واضح".

وقال "ننتظر ونرى لأنه الآن ما زلنا في البداية هل ننتظر ردة الفعل الحوثي على هذه الضربات ونتوقع إذا استمر الحوثيون في تبني الضربات ضد الكيان الصهيوني فنتوقع أيضاً ردة فعل صهيونية عنيفة، لأن الصهاينة دولة إجرامية ودولة خبيثة، وستقصف بلا هوادة وستضرب أهدافاً اقتصادية حيوية وهي اليوم تدعي أنها تدافع عن نفسها".

وبين أن "إسرائيل تقول اليوم نحن ندافع عن أنفسنا وتدعي المظلومية وأنا الآن أحدثك وأنا أسمع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نفس الكلام الذي حذرنا به".. مضيفاً "المتحدث الإسرائيلي أكد بأن إسرائيل ستضرب بلا هوادة وإذا أستمر الحوثيون بتبني الضربات الإيرانية، وهذه المشكلة ما زالت الأمور في البداية ننتظر الفعل ورد الفعل".

استدعاء للتدخلات

رئيس مركز أبعاد للدراسات، قال "بالنسبة للحوثيين وتدخلاتهم مثل إعلانهم أنهم وراء المسيرة رغم أن كثيراً من المحللين العسكريين يذهبون إلى أن المسيرة أطلقت من منطقة أخرى قريبة من البحر الأبيض المتوسط قد يكون وراء حزب الله وغيره.

وأضاف أن "إعلان الحوثيين مسؤوليتهم أعطى فرصة لإسرائيل، حتى أن إسرائيل قالت إن الحوثيين الذين أرسلوا المسيرة لأن لديها بنك أهداف تريد تنفيذها وها هي نفذت هدفها الأول بضرب المنشآت النفطية في الحديدة وميناء الحديدة، وبالتالي استدعى الحوثيون العدوان الإسرائيلي على اليمن بطريقة تحمل وراءها كثيراً من الاتهامات لإيران بأنها تريد نقل معركة مع بدء نهاية معركة غزة هناك توقعات بحرب مع لبنان تريد إيران تجنيب حزب الله من هذه الحرب.

وقال "إن إيران الآن تدفع بإسرائيل والحوثيين إلى المواجهة بعيداً عن لبنان أو بعيداً حتى عن مناطق نفوذها وحدودها في هذه المناطق وفي منطقة بعيدة في البحر الأحمر، وأيضاً مناطق اليمن لأنه ترى أنه يمكن استنزاف إسرائيل هناك وهذا يحقق أيضاً مصالح إسرائيل التي تبحث للعودة بقوة عسكرية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب".

ويرى "محمد" أن الأداء الإيراني الإسرائيلي يصب في مكان واحد وهو نقل الحرب إلى اليمن والحوثي ما هو إلا أداة من أدوات تحقيق هذا الهدف، ويبدو أن قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران أصبحت واضحة وهو عدم الصدام في الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع جنوب لبنان والذهاب لتصفية الحسابات بعيداً وهو ما يحصل في اليمن”.

وأوضح أن “هذا يدل على غباء الحوثيين فعلاً في تسليم مصالح البلد لصالح حروب الوكالة بين إسرائيل وإيران، بل أصبحت اليمن ميدان معركة مباشرة بين إيران وإسرائيل بمعنى أنه جعلوا من اليمن مصلحة إيرانية بحتة”.

مواضيع ذات صلة