برّان برس - وحدة التقارير:
في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، أطلقت الولايات المتحدة عملية “حارس الازدهار”، كاستجابة دولية للتصدي لهجمات جماعة الحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب، التي تستهدف السفن التجارية في البحر الأحمر.
ومنذ نوفمبر/ تشرين الأول الماضي، بدأت جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن الشحن التجارية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
وأدت هجمات الجماعة إلى زيادة تكاليف التأمين البحري، ودفعت العديد من شركات الشحن الدولية إلى تفضيل الممر الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية.
ولردع الحوثيين، بدأ تحالف “حارس الازدهار”، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتشارك فيه بريطانيا بشكل رئيس، في يناير/ كانون الثاني 2024، ضربات جوية على مواقع للحوثيين في اليمن، فيما وسّعت الجماعة نطاق عملياتها لتشمل السفن المرتبطة بواشنطن ولندن، وفق إعلانها.
إلا أنه بعد 8 أشهر من بدء عملية التحالف الدولي، وضرباتها ضد جماعة الحوثي، يبدو أنها لم تحقق أهدافها بالتأثير على قدرات الحوثيين، والذين أعلنوا استهدافهم “تل أبيب” فجر الجمعة 19 يوليو/ تموز، وأدى الاستهداف وفقاً لهيئة البث العبرية، إلى مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.
وعلى إثر هذا الاستهداف، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء السبت 20 يوليو/ تموز، غارات على ميناء الحديدة (غربي اليمن)، مستهدفة خزانات للوقود ومحطة للكهرباء ومنشآت أخرى، ما أدى إلى احتراقها واشتعال النيران فيها لأيام.
وبلغت الخسائر جراء القصف الإسرائيلي 9 قتلى وإصابة 80 آخرين من المدنيين، وخسائر مادية كلفت الجماعة، وفقا لتقارير صحفية، أكثر من 320 مليون دولار، في هجوم عدّه الكثيرون الأول من نوعه منذ انخراط الحوثيين في عمليات ضد السفن التجارية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
ومنذ الهجوم الذي شنّه الإحتلال الإسرائيلي على ميناء الحديدة (غربي اليمن)، بداية الأسبوع الماضي، والذي قوبل بتنديد واستنكار محلي وعربي واسع، تشهد منطقة البحر الأحمر، هدوءً لافتًا منذ فيما تواصل القوات الأمريكية غارات محدودة ضد مواقع وقدرات الجماعة العسكرية.
وطيلة الـ10 أيام الماضية، لم تسجّل أي عملية هجومية من قبل جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب، وكان آخر هجوم تبنته الجماعة قبل يوم من الهجوم الإسرائيلي على الحديدة، وبالتحديد في 19 يوليو/تموز 2024، واستهدف سفينة (Lobivia) في خليج عدن.
تكيف واستثمار
وعن إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية في تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وردع هجمات جماعة الحوثيين، بعد 8 شهور من إطلاق عملية “حارس الإزدهار”، تحدث “برّان برس”، لعدد من الخبراء والباحثين، للحديث عن أسباب ذلك الإخفاق.
الباحث اليمني في شؤون الإعلام والاتصال، “صادق الوصابي”، يرى أن عدم “تمكن واشنطن من ردع هجمات الحوثيين وتأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر بشكل فعال، يعود لـ“كون جماعة الحوثي أظهرت قدرة على التكيف مع تلك الهجمات العسكرية”.
ويضيف “الوصابي” في حديث لـ“برّان برس”، أن الجماعة “استثمرت لصالحها لكسب المزيد من التعاطف وحشد المزيد من المقاتلين، مما ساعد في استمرار هذه الهجمات”.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول: “كانت الاستجابة الدولية محدودة، حيث لم تشارك بعض الدول الكبرى بشكل مباشر في التحالف، مما قلل من فعالية العمليات المشتركة”.
ويرى “الوصابي”، أن “الغرب اعتمد لا سيما الإدارة الأمريكية، في البداية على تقارير مضللة حول الحوثيين، مما أدى إلى التأخر في إدراك حجم التهديد الذي تشكله هذه الجماعة على المصالح الإقليمية والدولي”.
استثمار أمريكي
بدوره، يرى المحلل السياسي “ياسين التميمي”، إن “الاشتباك العسكري المعلن بين الأمريكيين والحوثيين لم يتأسس على نوايا أمريكية لإنهاء الدور العسكري للحوثيين أو حتى إضعافهم”. فجماعة الحوثي، وفق التميمي، “استثمار أمريكي”.
وأضاف “التميمي”، في حديثه لـ“برّان رس”: “ما يزال الأمريكيون يعتقدون بأهمية دور الحوثيين الطائفي في تدمير مقومات الأمة وتغيير هويتها، وهو دور تاريخي لطالما قام به شيعة المنطقة طيلة القرون الماضية”.
وبرأي “التميمي”، فإن “الحوثيين يقومون بكل ما يقومون به في البحر الأحمر بتنسيق كامل مع الأمريكان، لهذا لا نرى أثراً للضربات الجوية الأمريكية على الحوثيين وقياداتهم وإمكانياتهم العسكرية”.
وبخصوص الضربة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة، قال “التميمي”، إنها “تثبت بأن جبهة اليمن المزعومة ليست إلا "مكسر عصا أو ميدان للرماية، لإثبات أن هناك قوة تدافع عن المظلومين في غزة وتنفس الاحتقان لدى شعوب المنطقة من جراء جرائم الابادة التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة” حد قوله.
وأضاف أن “التحالف الذي أسسته أمريكا وبريطانيا لحماية السفن في البحر الأحمر لم يستهدف يوما الحوثيين ولم تتوفر معلومات حقيقية تؤكد مصداقية البيانات العسكرية الأمريكية”.
حفظ ماء الوجه
من جهته، أوضح الباحث السياسي والديبلوماسي السابق “مصطفى الجبزي”، أن عدم ردع جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، حتى الآن يعود لأنه مجرد “تدخل جراحي لحفظ ماء الوجه فقط لا غير”.
وأضاف “الجبزي” في حديثه لـ“برّان برس”، أن “الحوثيين لن يرتدعوا ويرون انهم أصبحوا طرفاً فاعلاً في المعادلة الإقليمية الدولية”.
وبرأيه فإنه “بعد تجربة التحالف العربي العسكرية لن يجرؤ أحد على خوض حرب في اليمن، كما أن يدركون أنه لا توجد رغبة في توسيع نطاق الصراع خارج غزة”.
وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير الماضي، نحو 560 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.
وتقول الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، إن الضربات الغربية ليست ذات جدوى لتحييد الخطر الحوثي على الملاحة، وأن الحل الأنجع هو دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وبقية المناطق الخاضعة للجماعة.
ورغم من استمرار الجماعة في تبني المزيد من الهجمات البحرية، لم تسجل أي حوادث خطرة أو إصابات في السفن سوى 3 سفن من 162 سفينة قالت إنها استهدفتها منذ نوفمبر الماضي.