برّان برس | أعد التقرير - عمار زعبل:
على وقع زيارة مستمرة لرئيس مجلس القيادة في اليمن "رشاد العليمي" إلى محافظة حضرموت (شرقي اليمن)، ومعه عضوا المجلس "عبدالله العليمي باوزير" و"عثمان مجلي" صعدت قبائل المحافظة عسكرياً لمنع إعادة تصدير النفط.
فمساء الجمعة 2 أغسطس/ آب 2024، احتشد مسلحون قبليون من مناطق هضبة حضرموت في مطارح قبلية، قالوا إنها تلبية لدعوة سابقة حلف قبائل حضرموت، لمنع تصدير النفط من المحافظة حتى استجابة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لمطالب أبناء المحافظة.
وفي وقت سابق الخميس احتشد المئات من المواطنين أمام بوابة مطار الريان في مدينة المكلا، للمطالبة بحصة أبناء المحافظة من المخزون النفطي في ميناء "الضبة" وحقل "المسيلة" النفطي، وتحسين الأوضاع، وخفض الأسعار.
وذكرت مصادر محلية لـ"برّان برس"، إن المحتجين من أبناء منطقة شخير في المكلا، تجمعوا أمام بوابة مطار الريان منذ صباح اليوم، بعد ساعات من إعطاء حلف قبائل حضرموت، مهلة 48 ساعة للحكومة اليمنية المعترف بها، بشأن حصة أبناء المحافظة من المخزون النفطي في ميناء "الضبة" وحقل "المسيلة" النفطي.
وأوضحت المصادر أن بين المحتجين، صيادون محتجون على منعهم من الاصطياد من قبل القوات الإماراتية المتواجدة في المطار منذ سنوات، دون مراعاة للظروف الاقتصادية التي يمرون بها.
وأول أمس الأربعاء أمهل حلف قبائل حضرموت الحكومة الشرعية 48 ساعة، لتنفيذ مطالبه المتمحورة حول "شراكة حقيقية فاعلة" بشأن المخزون النفطي في ميناء ضبة وحقل المسيلة.
جاء ذلك في اجتماع للحلف لوّح فيه بالسيطرة على ميناء الضبة وحقل المسيلة، كحق من حقوق المحافظة، لا نتنازل عنه وفق بيان اللقاء الاستثنائي لقيادات ورموز الحلف.
عوامل الإضطراب
هذه التحركات السياسية والتي وصلت إلى بدء التحرك العسكري لقبائل محافظة حضرموت النفطية، أرجعها الباحث السياسي "الدكتور ناصر الطويل" وكل المشهد الذي يعتمل في المحافظة إلى “أداء السلطة المحلية وخاصة المحافظ مبخوت بن ماضي".
وقال "الدكتور الطويل" في حديث خاص لـ"برّان برس" إن المحافظ "بن ماضي" لم يقدم أداء جيداً، في إدارة المحافظة، مشيراً إلى أن هذا عامل رئيسي، عزز من تراجع عائدات المحافظة أو مخصصاتها، نتيجة تمكن الحوثيين فيما بعد من منع تصدير النفط.
وأضاف "إذا كانت السلطة الشرعية تأثرت في حد كبير من خلال منعها من خلال تصدير النفط، وحرمها من موارد كثيرة، فإن هذا ينطبق على حضرموت باعتبارها تأخذ ما يقارب من 35 % من عائدات تصدير النفط".
ويرى أستاذ العلوم السياسية أنه بذلك تعززت ثلاثة عوامل، وهي التي سببت الاضطرابات في محافظة حضرموت أولها طريقة إدارة المحافظ، لافتاً إلى أن "المحافظ بن ماضي" خيب آمال قطاعات واسعة من أبناء المحافظة، كون أدائه متواضعاً إلى حد كبير.
أما عن العامل الثاني وفق "الدكتور الطويل" فيعود إلى أن الأداء المتواضع لإدارة حضرموت ترافق مع حالة عالية من الفساد". وقال "هذا ضاعف من حالة الاحتقان الشعبي".
وتابع قائلاً: "الأمر الثالث هو، الوضع العام في البلاد، يعني تدهور الأوضاع المعيشية للناس وتراجع قيمة العملة" مشيراً إلى أن تلك العوامل في مجملها ساهمت في تصاعد الاضطرابات في محافظة حضرموت".
وأشار إلى عامل رابع وهو أن “المحافظ لا يدير المحافظة من خلال نهج توافقي”، لافتاً إلى أنه "ينفرد بالقرارات".
وقال: "هذا عامل أيضاً حساس في حضرموت، التي فيها قوى مؤثرة اجتماعياً وسياسياً، وعدم التوافق أو عدم أخذ آرائها وقيادة المحافظة من خلال نهج توافقي ساهم في هذا الاضطراب".
وعن أسباب زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي" لحضرموت يرى "الباحث السياسي الطويل" بأنها تأتي بدرجة رئيسية “لمحاول تهدئة الاضطرابات وتمكين المحافظ بن ماضي في المحافظة”.
زيارة العليمي
وقال إن "بن ماضي يعدّ الذراع اليمنى لرشاد العليمي في حضرموت" مؤكداً أن بينهما علاقة شخصية ممتدة وطويلة، معتقدا بأن الزيارة هي "محاولة لامتصاص الاحتقانات والاضطرابات والشحن الموجود في المحافظة النفطية بدرجة رئيسية".
وبحسب "الباحث الطويل" تأتي للتمهيد لإعادة تصدير النفط كدرجة ثانية من الزيارة". وقال إنه "بحسب تقارير فنية فإن خزانات النفط ممتلئة إلى الآخر، وهي في اجة ضرورية لإعادة التصدير، وهذا قد يدفع الشرعية إلى تقديم تنازلات".
وعن تصدير النفط، قال "ربما هناك في الأفق، ما يشير إلى إمكانية تصدير النفط" إلا أن زيارة العليمي هي لمحاولة مساعدة ذراعه اليمين بن ماضي، في إدارة هذه المحافظة".
وأشار إلى أن رئيس مجلس القيادة قد قدم وعوداً واسعة في زيارته السابقة العام الماضي، إلا إن هذه الوعود لم تعقبها أعمال وسياسات تطبق في الواقع".
إزاء ذلك يقول الدكتور الطويل إن كل اللقاءات التي يجريها "رشاد العليمي" مع المكونات السياسية والاجتماعية في حضرموت لن تجدي" ويعتقد أن المخرج الأساسي هو في تغيير المحافظ.
وقال: "عليه أن يطلب من المكونات الحضرمية أن تتوافق على شخصية تكون محل قبول لديها كفاءة وقدرة إدارية ويكلفها بإدارة المحافظة، هذا هو المخرج الأبسط الأسهل والذي ممكن أن يخلق أفاقاً ويفتح آمالاً لدى أبناء حضرموت في المستقبل".
مؤشر خطير
من جهته قال الباحث الدكتور "عادل دشيلة" لـ "برّان برس" إنه "خلال المرحلة الماضية كانت مطالب حلف حضرموت معقولة، هي عبارة عن حقوق ولكن تطور الخطاب قبل يومين فجأة إلى مهلة لمدة 48 ساعة واليوم النزول المسلحة لمجاميع قبلية، هذا مؤشر سيء وقد يقود المحافظة إلى مزيد من الانفلات الأمني وبروز شريعة الغاب على حساب الدولة ومؤسساتها.
وبيّن أن "التجمهر المسلح قد يكون البداية لمؤشر أكثر خطورة حيث ستطالب المحافظات المنتجة للنفط بنفس مطالب قبائل حضرموت وهذا سيكون على حساب الدولة ومواردها".
ويتوقع "الباحث دشيلة" ثلاثة سيناريوها لحضرموت، الأول أن يتم حل الخلاف مع هذه القبائل بالوسائل السلمية وبالتالي الحفاظ على أمن المحافظة واستقرارها بما يعود بالنفع على الدولة وأبناء المحافظة أيضا.
وقال "هذا يتطلب تدخلاً من التحالف وخاصة السعودية لإعادة الأمور إلى نصابها".
وأضاف "السيناريو الثاني أن يستمر التصعيد من قبل هذه القبائل وبالتالي خروج الوضع عن السيطرة في المحافظة وهذا سيقود إلى الانفلات الأمني وقد تستغل بعض الأطراف المحلية والإقليمية هذا الانفلات لمعاقبة ما تبقى من قوات الجيش اليمني في حضرموت".
وأشار إلى أن هذا السيناريو وارد إذا لم يكن هناك استراتيجية واضحة من قبل الدولة للتعامل مع هذه المتغيرات".
ولفت إلى أن "السيناريو الثالث بقاء الوضع في حالة لا حل ولا إنهاء للمظاهر المسلحة" مؤكداً أن هذا أيضاً سيضر بالمحافظة وبهيبة ما تبقى من رمزية لمؤسسات الدولة في حضرموت".
والسبت 27 يوليو/ تموز، بدأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن "رشاد العليمي" ومعه عضوا المجلس "عبدالله العليمي وعثمان مجلي" زيارته لمحافظة حضرموت النفطية جنوبي شرق البلاد.
وتأتي زيارة "العليمي" الثانية لحضرموت منذ تولي مجلس القيادة الحكم في اليمن في أبريل 2022، والمحافظة "تواجه تحديات تمويلية وانمائية متشابكة منذ الهجمات الإرهابية للمليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني على المنشآت النفطية، وموانئ التصدير، وسفن الشحن البحري، وخطوط الملاحة الدولية".
وعقب وصوله، أكد "رشاد العليمي" “إدراك المجلس والحكومة للأوضاع التمويلية في محافظة، حضرموت (جنوبي شرق اليمن) ومشاركة السلطة المحلية في المحافظة للنجاحات والإخفاقات، وليس الهروب منها.