بران برس- وحدة التقارير:
للأسبوع الثالث على التوالي، تشهد محافظة المحويت (شمال اليمن)، أمطارًا متواصلة، ومتفاوتة الغزارة، إلا أن أشدها غزارة شهدتها المديريات الجنوبية والغربية يوم أمس الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2024.
وبعد 10 ساعات ليلية متواصلة من الأمطار الغزيرة، بدأت عصر الثلاثاء وحتى الساعة الثانية فجرًا، صحت محافظة المحويت، اليوم الأربعاء، على كارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ المحافظة، شهدتها مديرية ملحان 105 كيلو متر (غربي المحافظة).
“برّان برس”، كان له السبق في نقل أولى تفاصيل الكارثة، حيث أبلغتنا مصادر محلية في المحويت (في وقت متأخر من مساء الثلاثاء) بحدوث كارثة إنسانية في مديرية ملحان ذات التضاريس الجبلية الشاهقة وشديدة الانحدار، نتيجة الأمطار الغزيرة التي تسببت في انهيار العديد من المنازل، وسقوط العديد من الضحايا.
انفجار السدود
وللحديث عن تفاصيل الكارثة، قالت مصادر محلية في أحاديث منفصلة لـ“برّان برس”، إن الأمطار الغزيرة والمستمرة، أدت إلى امتلاء الحواجز المائية المنتشرة في عزل المديرية، وانفجار العديد منها، ما أدى إلى جرف منازل المواطنين، وأراضيهم الزراعية، ومحالهم التجارية، كما تهدمت بعض المدارس والمساجد.
وأضافت أن جميع سكان عزل قبلة ملحان نزحوا إل المساجد والمدارس وإلى قمم السلسلة الجبلية في المديرية، مؤكدّة أن الأسر تعيش أوضاعًا كارثية نتيجة انعدام الغذاء والدواء والمأوى ووسائل البقاء، في ظل الظروف المناخية العنيفة.
إلى ذلك، قالت المصادر، إن صخورًا عملاقة تساقطت من المرتفعات الجبلية، وأغلقت الطرقات الرئيسية والفرعية المؤدية من/إلى المديرية، مؤكدًة أن أهالي المديرية باتوا محاصرين كليًا وسط غياب تام لأي دور من سلطات الأمر الواقع التابعة لجماعة الحوثي والتي تسيطر على المحافظة، لمساعدتهم.
إحصائيات وأرقام
عن ضحايا الكارثة، قال رئيس جمعية التكافل والبناء الإجتماعية، عبدالصمد الشيبة، لـ“برّان برس”، إن المعلومات الأولية تفيد بوفاة 43 مواطنًا وانهيار 37 منزلًا جراء السيول والفيضانات في عزلتي القبلة وهمدان بمديرية ملحان.
وفي عزلة القبلة، وحدها، قال إن الأمطار الغزيرة أدت إلى انفجار حوالي 10 خزانات حصاد مياه، متوسطة الحجم، مضيفًا أن سيول الأمطار والفيضانات الناجمة عنها وعن انفجار الحواجز الماضية أدت إلى تدمير 15 منزلًا، تتوزّع في 12 قرية من قرى العزلة.
مشاهد صادمة من كارثة #ملحان بـ #المحويت #اليمن #المحويت_ملحان #بران_برس #yemen #المحويت_تستغيث pic.twitter.com/4vSk14mw2W
— بران برس (@brranpress) August 28, 2024
وعن الخسائر البشرية في العزلة، أفاد “الشيبة”، بوفاة خمسة أشخاص، في عزلة القبلة بينهم امرأتين، فيما 6 أشخاص لا يعرف مصيرهم حتى الآن.
وفي عزلة همدان، قال إن السيول أدت إلى انهيار 20 منزلًا. وشملت القرى المتضررة في العزلة، قرى: (المداور، وعبيد، والمعلم، وشحط الصحن، وقرية شايع. وفي قرية شايع، وحدها، توفي فيها 25 مواطنًا)، وفق الشيبة.
وضع كارثي
“الشيبة”، قال إن الوضع ما يزال صعبًا للغاية، وكثير من السكان يعيشون تفاصيل الكارثة بمفردهم، فيما لم تصل الإغاثة إلى عمق المناطق المنكوبة حتى الآن.
وتحدث “الشيبة”، في اتصال هاتفي مع “بران برس”، عن قرية “شحط الصحن”، والتي تضم نحو 16 منزلًا، وقال إن أهلها استطاعوا الفرار من منازلهم هربًا من الهلاك، وحاليًا قال إنهم “مشردون بلا مأوى ولا غذاء”.
وأكد أن السيول جرفت منازلهم وممتلكاتهم الخاصة، بما فيها المواشي والمقتنيات الشخصية. وقال إن أربعة من أبناء القرية نجوا بصعوبة بعد تأخرهم قليلًا في الفرار من السيول.
تضرر قرى وأسر كاملة
وإجمالًا، قال “الشيبة”، إن قرى كاملة في المديرية تدمرت عن بكرة أبيها، وتضررت أسر كاملة بما فيها النساء، والأطفال. وعلى سبيل المثال قال إن “الضحايا من بيت شايع أغلبهم أطفال ونساء”.
ووصف الوضع بأنه “مأساوي للغاية، في جغرافيا معقّدة”. موضحًا أن المناطق المنكوبة منفصلة عن بعضها، ويصعب الوصول إليها حاليًا عبر الطرق الطبيعية. كما أنه لا يمكن التواصل بالعديد من القرى نتيجة الأوضاع.
وقال إن “الأمطار مستمرة منذ بداية الموسم، وازدادت غزارة منذ عصر أمس الثلاثاء وحتى فجر اليوم الأربعاء، وهو ما أدى إلى امتلاء خزانات حصاد المياه، وانفجارها ما تسبب في الدمار.
احتياجات عاجلة ووسيلة إنقاذ وحيدة
وعن احتياجات الأسر المنكوبة، قال “الشيبة”، إن الأسر تحتاج إلى الإغاثة العاجلة، بما فيها المأوى والغذاء، فيما تحتاج المنطقة عمومًا فتح الطرقات وإسعاف الجرحى والحالات الحرجة. إضافة إلى تفريغ خزانات المياه المهددة بالإنهيار، لمنع تدمير ما تبقى من المنازل وأسباب الحياة.
وحول ما إذا كان هناك تدخلات، قال “الشيبة”، إن جهود الإغاثة ما تزال متعثرة. وقال إن المعلومات تفيد إلى أن فرق إنقاذ وصلت إلى منطقة الظاهر، وتوقفت بسبب انقطاع الطرق. مضيفًا أنهم بدأوا بشق الطرق من أسفل المناطق المنكوبة.
ومن جهة سوق الولجة، وهو مصب السدود من عدة عزل، قال إن الفرق وصلت إلى السوق، وعثرت على قطع من الجثث التي جرفتها السيول، إلا أنها لم تستطع الوصول إلى المرتفعات التي تقطنها الأسر المنكوبة.
وأشار إلى أن وسيلة الإغاثة الممكنة حاليًا هي الطيران، لتفادي العوائق الكارثية المتمثلة في الجغرافيا الصعبة والمتضررة من السيول، وأيضًا استمرار تدفق السيول في المنطقة.
مشاهد من الكارثة
حصل “برّان برس” على مشاهد مصوّرة تظهر آثار الدمار والخراب الذي أحدثته الفيضانات وسيول الأمطار في عزل وقرى مديرية ملحان، والتي تبدو في مرتفعات جبلية شاهقة، وشديدة الانحدار.
وتظهر المشاهد أخاديد شقتها سيول الأمطار وسط القرى الجبلية، جارفة في طريقها الشجر والحجر والمنازل والبشر، ويظهر فيها العديد من المنازل التي تهدّمت كليًّا أو جزئيًا بفعل السيول.
كما حصل “برّان برس” على صور تظهر جثث ضحايا عثر عليها الأهالي صباح اليوم، بعد أن قضوا جراء كارثة السيول. فيما أظهرت صورٍ أخرى صخور عملاقة تقطع الطرق الأسفلتية الرئيسية المؤدية إلى المديرية.
وأظهرت مشاهد أخرى مظاهر الكارثة، بما فيها جثث مواطنين مطمورة في ركام السيول، وأخرى لحطام المنازل والسيارات والمركبات وغيرها من الممتلكات المنجرفة والملقاة في مجاري السيول المنحدرة أسفل القرى.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلًا مصورًا لما قالوا إنه لحظة انفجار ثلاثة من السدود المائية في المديرية، ويظهر خلالها تدفق السيول بقوّة نحو القرى المتواجدة على سفح الجبل.
رواية الهلال الأحمر
رغم أن المصادر المتعددة أكّدت عدم وصول أي فرق إنقاذ أو إغاثة إلى عمق المناطق المنكوبة، إلا أن أمين عام الهلال الأحمر بمحافظة المحويت، سعد الحفاشي، قال إن “فريق الإنقاذ والاستجابة السريعة بجمعية الهلال الأحمر اليمني- فرع المحويت يعمل في ظروف بالغة الصعوبة، والتعقيد جنبًا إلى جنب مع المواطنين، والفرق الأمنية منذ مساء أمس الثلاثاء”.
في منشور بحسابه على فيسبوك، رصده “برّان برس”، قال “الحفاشي” إن “الفرق تبحث عن المفقودين من الرجال والنساء والأطفال الذين جرفتهم سيول الأمطار مساء أمس الثلاثاء في مناطق قبلة ملحان”، مضيفًا أنهم “تمكنوا حتى الآن من انتشال عدد من جثث الضحايا”.
وتابع: “حسب تقرير أولي فان ضحايا كارثة السيول والانهيارات الناتجة عن استمرار هطول الأمطار وانفجار نحو 2 سدود مائية على مناطق حورة وعزلة القبلة وعزلة همدان والمغاربة بمديرية ملحان يتجاوز عددهم 39 شخصًا أغلبهم لا زالوا في عداد المفقودين، حيث جرفتهم السيول إلى مناطق بعيدة”.
أباء مكلومون فقدوا غالبية أفراد أسرهم في كارثة السيول بمديرية ملحان #بران_برس #اليمن#المحويت_ملحان #yemen #المحويت_تستغيث pic.twitter.com/oElJI6dRar
— بران برس (@brranpress) August 28, 2024
وعن طبيعة المنطقة المنكوبة، قال إنها “جبلية وتطل على أغوار ومنحدرات عميقة”. ونقل الحفاشي، عن مصدر محلي بالمحافظة، تقديره بأن “عدد المنازل السكنية المتضررة والمنهارة بأكثر من 200 منزل سكني.
انقطاع الطرق
وأكد المسؤول المحلي، “انقطاع كلي لطرقات السير، وخصوصًا في مناطق عزلة همدان، والتي لا تزال شبة معزولة عن العالم بسبب تساقطات الصخور والأتربة عليها والانجرافات التي سببتها السيول.
وقال إن السيول تسببت في طمر مساحات كبيرة، وواسعة من المدرجات والأراضي الزراعية، وتدمير الكثير من المشاريع الخدمية والمائية وعبارات السيول وجرف عدد من المحلات التجارية والسيارات في منطقة سوق الولجة.
وأضاف “الحفاشي”، أن الفريق الميداني للهلال الأحمر اليمني “واجه صعوبات بالغة في نزولهم بسبب استمرار هطول الأمطار، وتدفقات السيول، وانقطاع أغلب الطرقات والسير في أماكن وعرة للغاية ومحفوفة بالمخاطر”.
نداء استغاثة
من جانبها، السلطة المحلية التابعة للحكومة الشرعية المعترف بها، أطلقت “نداء استغاثة عاجل لإنقاذ المتضررين من كارثة السيول والانهيارات الصخرية التي تتعرض لها مديريات محافظة المحويت عمومًا، ومديرية ملحان خصوصًا”، والتي قالت إنها “جرفت العشرات من المنازل، والمزارع، والسدود الصغيرة”.
وقالت السلطة المحلية، في بيان وصل “برّان برس”، نسخة منه، إن “التقارير الميدانية والإحصاءات الأولية تشير إلى تهدم عشرات المنازل بمديرية ملحان... ووفاة ما يزيد عن 50 مواطن، ولا يزال مصير العشرات مجهولًا”. مضيفًا أن السيول جرفت “عددا من البرك، والسدود الصغيرة، والمساجد والأسواق، والمحلات التجارية”.
وذكر البيان، أنه “حتى اللحظة لا يزال العشرات من المواطنين مطمورين تحت الركام ولم يستطع الأهالي الوصول إليهم”، فيما “تقطعت السبل بالكثير من المسافرين، وحوصرت عشرات القرى، والعزل جراء انقطاع الطرق الأسفلتية والخط الدولي”. مؤكدًا أن “مديرية ملحان محاصرة، ومنقطعة عن العالم بشكل تام”.
وناشد البيان، “المنظمات الدولية، ومكتب تنسيق الشئون الإنسانية (الأوتشا)، وجميع المنظمات الإغاثية والإنسانية إلى سرعة التحرك وإغاثة المتضررين من كارثة السيول الجارفة”.
شاهد مشاهد صادمة لضحايا #ملحان #المحويت_ملحان