|    English   |    [email protected]

“المطر هدية من السماء”.. دليل الحوثيين لإدانة يمنيين بـ“التجسس لأمريكا واستهداف التعليم”

الاثنين 2 سبتمبر 2024 |منذ شهرين

برّان برس- وحدة التقارير:

مجددًا، بثّت جماعة الحوثي المصنفة دوليًا بقوائم الإرهاب، تسجيلات مرئية تظهر مختطفين لديها يدلون باعترافات تدينهم باستهداف التعليم في اليمن لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

هؤلاء المختطفون كانوا يعملون في منظمات أممية ووكالات دولية وسفارات في صنعاء، وسبق وأن اختطفتهم جماعة الحوثي من منازلهم، وأخفتهم قسريًا، قبل أن تظهرهم عبر الإعلام يدلون باعترافات على أنهم أعضاء بـ“شبكة تجسس”. 

بثت الجماعة هذا النوع من التسجيلات المصوّرة في 10 يونيو/حزيران الماضي، وأظهرت فيها 10 مختطفين على أنهم “جواسيس”، بالتزامن مع حملة اختطافات واسعة شنّتها ضد موظفي المنظمات الدولية في المناطق الخاضعة لها. ووفق تقارير حقوقية، فقد بلغ عدد المختطفين خلال أيام 70 موظفًا بينهم 5 نساء مع أطفالهن.

اعترافات موسّعة

أمس الأحد، بثّت الجماعة عبر وسائلها الإعلامية تسجيلًا جديدًا تحت مسمّى “اعترافات موسعة لشبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية حول استهداف التعليم في اليمن”، وبذات الطريقة أظهرت عدد من المختطفين يتحدثون على أنهم استهدفوا التعليم في اليمن لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، بعضهم ظهروا ضمن التسجيلات السابقة.

ومن ضمن من ظهروا في التسجيلات الدكتور محمد حاتم المخلافي (65 عامًا)، وهو الخبير الاستراتيجي لأنظمة التعليم العام ومحو الأمية في اليمن، وعضو هيئة التدريس وعميد لعدد من كليات التربية بجامعة صنعاء. وكانت الجماعة قد اختطفته من منزله في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأخفته قسريًّا قبل أن تظهره عبر الإعلام كـ“جاسوس”.

ومن ضمن ما أدلى به فيما أسمته الجماعة بـ“الاعترافات”، أن “المناهج التعليمية في اليمن صممت بطريقة تروج للإلحاد”، مدللة على هذا بتضمن منهج اللغة العربية عبارة “يسقط المطر” و“المطر هدية من السماء”، زاعمة أن هذه النصوص “كتبت بتوجيهات من المخابرات الأمريكية”.

وتضمنت المنشورات التي روّجتها وسائل إعلام الجماعة تصاميم تظهر السيرة الذاتية للدكتور محمد حاتم المخلافي، وتظهر الشهادات العلمية والتكريم التي حصل عليها على أنها تهم بـ“التخابر والجاسوسية”.

توحّش

تعليقًا على ما نشره الحوثيون بشأن “المخلافي”، قال المحامي والحقوقي اليمني، عبدالرحمن برمان: “هذا قرار اتهام وقائمة أدلة الإثبات بحق البرفيسور والخبير التربوي محمد حاتم المخلافي، التهم دراسته في أمريكا وترأسه للجان إعداد المناهج الدراسية للصفوف الأولى، وعميد لعدد من الكليات”.

وأضاف الحقوقي برمان، في تدوينة بحسابه على منصّة “إكس”، رصدها “بران برس”: “هي فعلاً جرائم في قاموس الكهنوت الإمامي”. وقال في ختام تعليقه: “عندما يجتمع التوحش والبهيمية ينتج مثل هذه العاهات”.

مهزلة ومسخرة

الصحفي والناشط الحقوقي، صادق الوصابي، قال إن ما يُسمى بـ“اعترافات شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية لاستهداف التعليم” في اليمن، والتي تروج لها جماعة الحوثي المصنفة بقوائم الإرهاب، “ليست إلا مهزلة ومسخرة”.

وأضاف في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، رصدها “بران برس”، أنه هذه الخطوة “تكشف عن وضاعة ودناءة هذه الجماعة في تعاملها مع الشعب اليمني”. 

وقال “الوصابي”، تعليقًا على التسجيل الذي نشرته الجماعة: “استمعوا إلى هذا الهراء والاعترافات الهزلية التي أُجبر عليها هؤلاء الأبرياء، لتدركوا حجم الكارثة التي يعيشها اليمنيون لسنوات مع هذه الجماعة الكهنوتية المتخلفة”.

تجهيل اليمنيين

من جانبه، قالت الباحثة اليمنية، ندوى الدوسري، إن “حرب جماعة الحوثي على التعليم مستمرة”. 

وأضافت في تدوينة بحسابها على منصة “إكس”، رصدها “بران بس”، إن زعيم جماعة الحوثي “يجرم المعاهد التي تدرس اللغة الإنجليزية، واليوم تريد الجماعة أن تصم كل من درس في الخارج بالجاسوسية”. 

وأوضحت الدوسري، أن جماعة الحوثي تهدف بهذه الممارسات إلى “تجهيل اليمنيين، وعزلهم حتى يتسنى لها أدلجة الأجيال القادمة، ويسهل عليها فرض مشروعها السلالي الطائفي على اليمن”.

من جانبه، قال الباحث والحقوقي اليمني، رياض الدبعي، إن “جماعة الحوثي تستمر في استهدافها للتعليم من خلال إغلاق معاهد تعليم اللغة الإنجليزية في مناطق سيطرتها”. 

واعتبر “الدبعي”، في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، رصدها “بران بس”، “هذا الإجراء يعكس توجههم العدائي نحو نشر الجهل ومنع الشباب من اكتساب المهارات والمعرفة التي تفتح لهم آفاق المستقبل”. 

وقال إن “محاربة التعليم ليست مجرد اعتداء على حق أساسي، بل هي محاولة متعمدة لإضعاف المجتمع وتجريده من أدوات التقدم والتنمية”.

نكتة

بدورها، وصفت الكاتبة والناشطة اليمنية، هند الإرياني، ما نشره الحوثيون بأنه “نكتة”.

وقالت في تدوينة بحسابها على منصة “إكس”، رصدها “بران بس”: نكتة الحوثيين نشروا فيديو يقول بأن التعليم في اليمن أُستهدف من أميركا لأن كتاب العربي الصف2 مكتوب فيه "تساقط المطر".

وأضافت: قال ايه "لماذا لم تقول الجملة أن الله أنزله"! في اليمن ندرس ٥ مواد دين فبحثوا عن أي عذر لاختراع فيلم!”.

واختتمت الناشطة الإرياني، بتوجيه سؤال إلى الحوثيين قائلة: “ماذا عن كتبكم التي علمت الأطفال أن هناك سحابة تحمي الحوثي”.

مسرحية

المحامي والإعلامي، علي ناصر العولقي، اعتبر في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، رصدها “بران بس”، ما أعلنت جماعة الحوثي عبارة عن “مسرحية جديدة لتقديم مواطنين بسطاء كضحية”. موضحًا أن هدف الجماعة من هذا هو “تنفيذ مخططاتها على اعتبارهم #جواسيس_امريكا_واسراييل” للضحك على أنصارهم القطعان”.

والهدف من ترويج الحوثيين لاستهداف التعليم هذه المرّة، وفق المحامي العولقي، هو اتخاذها “كذريعة لتغيير مناهج التعليم حسب أيديولوجيتها المتطرفة”.

من جانبه، قال الصحفي عرفات العامري، في تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، رصدها “بران بس”، إن “من استهدف التعليم، وحول المدارس إلى ثكنات عسكرية، وسرَّح المعلمين، ودمر العملية التعليمية، وغير المناهج الدراسية في اليمن لبث التشيع هم صهاينة اليمن الحوثيون وليس أمريكا وإسرائيل”.

فيما ذكّر نشطاء آخرون بالجرائم الأخيرة لجماعة الحوثي، قبل أيام، ومنها نهب 10 آلاف لبنة من أراضي جامعة صنعاء، وقتل وإصابة 30 طالبًا في مدرسة القليس بصنعاء أثناء تدريبهم على مقذوفات داخل حرم المدرسة.

الأغبري واستهداف التعليم

في تسجيلات يونيو الماضي، كان ضمن من أظهرتهم الجماعة في التسجيلات المختطف “عامر الأغبري”، وهو موظف يمني سابق في السفارة الأمريكية، اختطفته الجماعة في 29 أكتوبر/تشرين الأولى 2021، وأخفته قسريًّا قبل أن تظهره يدلي باعترافات على أنه “جاسوس” للولايات المتحدة، من خلال عمله مع وكالة التنمية، واليونيسف.

ومن التهم البارزة الموجهة للأغبري، أنه شارك بتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لإضعاف التعليم تحت عنوان “تطوير التعليم” والتي اشترط تغيير المناهج، وإضعاف التدريب والإشراف التربوي، وإيجاد بيئة طاردة للطالب. إضافة إلى “استنساخ كتب القراءة للصفوف الأولى من نموذج إسرائيلي تم تطبيقه في الأردن”.

المجرم الحقيقي
 

وتساءل النشطاء حينها، أين التغييرات التي أجراها الأغبري، في المناهج، وما هي ملامح الضعف التي أحدثها في التعليم، وكم عدد الطلاب المتسربين من المدارس؟، متسائلين في الوقت ذاته عما أحدثه “يحيى الحوثي”، شقيق زعيم الجماعة منذ أن عيّنته وزيراً للتربية والتعليم؟.

وذكّر النشطاء بما وثّقه تقرير سابق لنقابة المعلمين اليمنيين من جرائم ارتكبها الحوثيون بحق التعليم منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وحتى العام 2021.

ففيما يتعلّق بالمعلمين، وثّق التقرير قتل 1580 معلم، و81 مدير مدرسة، وإصابة أكثر من 2642 معلم، واختطاف 1137 آخرين، إضافة إلى تهجير أكثر من 20142 معلم وتربوي، وحرمان60% من العاملين في القطاع التربوي من مرتباتهم، وفصل 924 معلم من وظائفهم في صنعاء- فقط- خلال 2019.

وبالنسبة للطلبة، وثّق التقرير، تجنيد جماعة الحوثي 17350 طالب دون سن الـ18، وإخضاع الطلبة لأكثر من 4168 فعالية ودورة ثقافية طائفية في صنعاء وحدها، وفرض جبايات دورية على الطلبة. إضافة إلى “تفجير 25 مدرسة، وقصف أكثر من 74 مدرسة أخرى، وتحويل 22 مدرسة إلى ثكنات وسجون تابعة للجماعة”.

وأما المناهج الدراسية، فقد وثّق التقرير، تغييرات جذرية أجرتها الجماعة بما يخدم أجندتها بكل توجهاته، وأدخلت محتوى ضمن المناهج يمجد زعمائها ويقدمهم لطلبة المدارس كرموز وطنية.

حقيقة التهمة

وعن حقيقة التهمة الموجهة للأغبري، نقلت تقارير حقوقية عن أقارب الضحيّة أن عملية الاختطاف والاتهام بالتجسس تعود لخلاف بينه وبين يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، المنتحل صفة وزير التربية والتعليم.

وأوضحت أن الأخير حاول الاستحواذ على شيك بمليون و80 ألف دولار، كان قد تحصل عليه الأغبري، بصفته مدير الشراكة العالمية للتعليم، مقابل تعاقد على مناقصة لتوريد معامل لـ150 مدرسة بتمويل من “اليونيسف”.

وأكّدت أن أسباب الاختطاف والتشويه تعود إلى محاولة الحوثي الاستحواذ على مبالغ كانت مخصصة لمشاريع أممية في قطاع التعليم، ويُشرف عليها الأغبري، بحكم عمله كمدير لوحدة الشراكة العالمية للتعليم باليونيسف.

مجرمون طلقاء

ضمن ردود الفعل، تداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، صوراً تظهر “الأغبري”، إلى جوار “يحيى الحوثي (شقيق الجماعة ووزير التعليم في حكومتها غير المعترف بها)، أثناء تنفيذ أحد المشاريع الممولة من اليونسيف.

إضافة إلى صور أخرى وخبر رسمي بوسائل إعلام الجماعة عن لقاء “الأغبري”، منتصف فبراير 2021م، (قبل 8 أشهر من اختطافه)، مع نائب وزير التربية في حكومة الجماعة غير المعترف بها، القيادي الحوثي قاسم الحمران، والذي يقود حاليًا "كتائب الدعم والإسناد".

وبحسب ما نشره إعلام الحوثي، حينها، فقد ناقش “الحمران”، مع “الأغبري” تنفيذ البرامج المتعثرة لخطة وحدة الشراكة العالمية، وضرورة التنسيق مع "اليونيسف لضمان استكمال تنفيذها بسرعة.

وكان “الحمران”، وهو مقرب من زعيم الجماعة، يحذر في لقائه الأخير مع “الأغبري”، من "الآثار السلبية التي قد تنعكس على قطاع التعليم في حال عدم تنفيذ تلك البرامج والأنشطة".

واستغرب النشطاء أن يتم اتهام “الأغبري”، بعد 3 سنوات من هذه اللقاءات، باستهداف التعليم، متجاهلين يحيى الحوثي، ونائبه الحمران، الذين يشرفون على كل كبيرة وصغيرة في قطاع التعليم، فضلًا عن تواصلهم مع كل المنظمات والوكالات الدولية واستلام الدعم منها، ومع ذلك لم يتم اعتقالهم باعتبارهم جواسيس كبقيّة اليمنيين.

وهو ما اعتبره النشطاء تناقض يكشف حجم الأكاذيب الحوثية بحق المختطفين، ووصمهم بتهم التخابر والتجسس، والتي تصل عقوبتها للإعدام وهي صورة من صور مشروعها الإجرامي بحق اليمن واليمنيين.
 

مواضيع ذات صلة