تحدث الأديب والكاتب السياسي المعروف "جمال أنعم" عمّا تمثله "مأرب" في التاريخ اليمني وفي المشهد العام في البلاد اليوم، إضافة إلى محاولات تغييب مأرب المحافظة والإنسان وعزلها خلال الفترات الماضية.

وقال "أنعم" في إطار حديثه لـ"بودكاست برّان" إن "مأرب مثلت وطناً للجميع" لافتاً إلى أن ذلك "جاء بتضافر  قيادة مأرب والمجتمع المأربي عموماً، الذين شكلوا هذه الحالة الجميلة الجامعة والحاضنة".

وأضاف: "مأرب تمثل لي الكثير وأقول دائماً مأرب ظلت تعرفنا، وعندما نتحدث عنها لا نتحدث عن مأرب بل هي من تتحدث عنا، وهي من تعرف بنا".

لمشاهدة الحلقة كاملة اضغط هنا

ووفق أنعم، استمرت مأرب عبر العصور رمزاً لليمن الجامع، ذاكراً أن "حضورها ظل مركزياً ومحورياً".

وعن محاولات تغييب مأرب قال: "تأتي الأمية السياسية الحاكمة أحيانا فتبقي هذه المناطق ذات الإرث في حالة من العزلة، ومأرب دخلت في حالة من العزلة القسرية" وأضاف "بلد الثراء والمواريث والثروة وتعيش في حالة عزلة".

وأردف: "الإنسان المأربي في حكايته مع التاريخ أشبه بـ "ابن" ضيّعته شهرة أبيه"، لافتاً إلى إنه كان يبدو في عين النظام كائناً ملحقاً للتاريخ أو حارس مقبرة".

وبحسب الأديب "جمال أنعم"، فعندما يشعر الإنسان المأربي بالقطيعة يجعله يشعر بأن كل شيء يتظاهر ضده حتى تاريخه، عكس حين يأتي نظام يكرس شعورك بالامتداد وبالزهو ويعيد شحن وشحذ هذه الرمزيات فيما يخدم مشروعه الوطني العام الجامع وأن يكون المأربي نموذجاً باعتباره في البقعة الأكثر حضوراً.

عن مأرب والدولة يرى "أنعم" بأنها لم تخضع حتى في عهد الإمام يحيى، بل ذهبت تبحث عن الدولة طواعية في مطلع الثلاثينيات (من القرن الماضي)، وأعلنت ولاءها وبحثت عن الدولة بسبب مشكلات داخلية ولم تخضع بقوة السلاح.

وقال: "في لحظة الحقيقة أثبتت مأرب بأنها حفيدة ملوك سليلة ملوك وحضارات، وبدأت هذه الأسرار تظهر حتى على الصعيد العام".

وحول ما تمثله مأرب اليوم، ذكر "أنعم" أنها باتت "تجسد حالة من التعافي حين خذلتنا مدن ومساحات، كنا نعول عليها، مدن مدنية وغيرها" وقال "ومثلت مأرب لنا سداً أخيراً خلال هذه الجائحة".

وأضاف: "شكل هذا التلاحم حالة ملهمة وأدارت مأرب مشكلات الحرب لصالحها" مضيفاً "ونحن نخوض هذا الصراع بحاجة إلى إعادة حشد هذه الرمزيات وإعادة بناء هذه اللحمة"، لافتاً إلى أن “طريق الوطن يبدأ من مأرب التي تشكل حالة كبيرة".

الكاتب جمال أنعم تطرق في حديثه إلى التراث في مأرب، مشيراً إلى إن هناك الكثير مما يجب عمله في هذا الاتجاه خدمة لروح مأرب على صعيد التراث.

وقال: "هناك صراع وجودي يجب علينا أن نخدم التراث المأربي هذا هويتنا وامتدادنا" مضيفاً "جذورك منبع زهوك ويتم تفتيته في أزمنة الحرب تحدث مشكلات".

وأردف: "مارب يحرسها الشهداء والشهداء يقظة، والشهداء يشعرونك بالمسؤولية أن تتصرف وفق هذه الروح، مأرب تمنحنا الكثير على صعيد هذه المعركة التي نخوضها".

ويرى أنها "واجهت أعباء كثيرة وكانت بقدر التحدي ويجب على الشرعية الوقوف معها ودعمها والتركيز عليها".

وذكر جمال انعم أن "مأرب أوجدت قوة عسكرية مقاتلة في وقت المعركة وكانت تقاتل وتدافع وتتصدى وفي نفس الوقت تدرب وتعد وتنتج مقاتلين".

ومضى قائلا: "مأرب دخلت في مرحلة إعادة تجميع القوة الشرعية، خرجت من صنعاء ولا معها جيش ولا قوة عسكرية ومأرب في نفس الوقت كانت تقاتل وتعيد بناء المؤسسة العسكرية".

وأضاف: "وهي تواجه تلك الأعباء كانت تستقبل ملايين النازحين وتتسع لهم ولا يوجد لديها بنية تحتية"، لافتاً إلى إنها " قامت بمهام عديدة في فترة حساسة، وهي مطوقة ومحاصرة وضمن رهانات وتحديات ليست سهلة وهذا يشعرنا بمدى بطولة مأرب".

وقال: "أحياناً قد تأتي الاختراقات الكبرى من مساحات بسيطة قد ترى بسيطة لكنها كبيرة في الموقف والروح والرؤية وتحدث تحولات كبيرة تقودها مناطق محملة بالأسرار".

ووفقاً لـ"أنعم" فإن البدايات الأولى من مأرب القردعي وعلي عبدالمغني، وقال "الإنسان المأربي نفسه لديه مشروع وطني ولا يليق به إلا أن يقف ذلك الموقف".

ولفت إلى إن "هناك جهود في عدة محافظات مثلاً في تعز"، مستدركاً بالقول: "لكن أنا مثقل بالحنين إلى مأرب أنا مأرب تطوقني وتحاصرني من جميع الجهات مأرب لها حضور عظيم في التاريخ، أرواحنا ما زالت مقبورة في مأرب".

وأمس الخميس 12 سبتمبر/أيلول 2024، بثت الحلقة السادسة من “بودكاست برّان”، مع محمد الصالحي، والتي استضاف فيها، الكاتب والأديب اليمني جمال أنعم، للحديث عن تعقد من الصراع في اليمن، وتأصيل القضايا الشائكة التي تخللت هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن.

وفي الحلقة التي تحمل عنوان “نظرة ثاقبة على عقد من الصراع في اليمن”، تحدث جمال أنعم، عن المسار السياسي في اليمن، مرورًا بتجربة اللقاء المشترك، وثورة 2011 وصولاً إلى انقلاب جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب حتى اليوم.

لمشاهدة الحلقات السابقة هنــــــــــا