برّان برس - خاص:
في الـ19 من سبتمبر/أيلول الجاري، توفي العميد بالقوات المسلحة اليمنية، "محمد عبدالله ناصر مجيديع"، بعد حياة عسكرية حافلة بالعطاء والتضحية منها نحو 20 عامًا في مواجهة تمرّد جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا بدءً من حروب صعدة الست بين عامي 2004- 2010 مرورًا بحرب صنعاء وصولًا إلى الحرب الحالية في مأرب.
ولد “محمد عبدالله ناصر مجيديع المرادي”، في مديرية جبل مراد محافظة مأرب عام 1958م، وهو أب لثمانية أبناء وأربع بنات، وتلقى تعليمه الأساسي بمسقط رأسه، قبل أن يلتحق بالسلك العسكري وهو في سن مبكر منتصف سبعينات القرن الماضي بقوات الوحدات المركزية حينها، والأمن المركزي لاحقًا.
كان أحد المؤسسين لقوات الأمن المركزي في صنعاء، وعين مدربًا فيها ثم كبير معلمين التدريب بقوات الأمن المركزي، ومن ثم ضابط أمن المعسكر بالقيادة العامة لقوات الأمن المركزي، وقائد الدورات التدريبية والفرق العسكرية.
تخرج عل يده آلاف الجنود المنتشرين في جميع فروع محافظات الجمهورية. ويحمل شهادات متعددة بالتخصصات العسكرية منها دورات صاعقة، وخاصة، ومضلات، وقادة سرايا، وقادة كتائب. كما تقلد العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية منها، وسام الواجب، ووسام الشجاعة، ووسام الوحدة.
تدرج في الرتب العسكرية والمناصب حتى عين قائد كتيبة في قيادة قوات الأمن المركزي، وتنقل مع كتيبته في فروع متعددة وخاض بها أصعب المهام الموكلة إليه، و كانت كتيبته بمثابة الكتيبة المتحركة للمهام الخاصة في أي منطقه أو محافظة يستدعيه الواجب للتحرك اليها، ومنها مأرب واب وصعدة وتعز والضالع. وله مشاركات فاعلة ومهمات ناجحة.
نقل من القيادة في صنعاء إلى محافظة اب وعين ضابط أمن الوحدة ثم قائد لمعسكر شبام، ولاحقًا نقل إلى محافظة صعدة وعين قائد كتيبة المهام أثناء تمرد جماعة الحوثي فيما عرف بالحروب الست خلال الفترة 2004– 2010م.
وأثناء المفاوضات التي جرت بين الحكومة ومليشيا الحوثي، كان ضمن شروط الجماعة إخراج العميد “مجيديع” من المحافظة وهو ما قبلته الحكومة ضمن الشخصيات التي طلب الحوثيون نقلهم.
بعدها عُين “مجيديع” قائدًا لكتيبة فض الشغب بقيادة قوات الأمن المركزي. ومن ثم قائدًا للحزام الأمني للعاصمة صنعاء في العام ٢٠٠٩/٢٠١٠.
في العام 2008، كلف ضمن الوحدات المشاركة في مواجهة التمرد الحوثي في منطقة بني حشيش بصنعاء في الحرب الخامسة، وكان يُستعان به في المهمات المعقدة.
نُقل إلى محافظة تعز أثناء الاحداث في العام 2011، فعمل على حفظ الأمن والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
عند سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء ومعسكرات ومؤسسات الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، انتقل إلى محافظته مأرب للدفاع عن الجمهورية والتحق بالجيش الوطني.
شارك في معارك التصدي لجماعة الحوثي في صرواح غرب مأرب خلال الفترة ابريل/نيسان 2015 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015، برفقة قائد المنطقة العسكرية الثالثة الفريق الركن عبدالرب الشدادي، الذي كانت تربطه علاقه ومعرفة أثناء حروب صعدة، وكانت لهما مواقف بطولية معاً في تلك الحرب.
مطلع العام 2016، تم تعيينه قائداً للكتيبة الأولى باللواء 26 مشاة ميكا، الذي يقوده اللواء الركن “مفرح بحيبح”.
في 19 مارس/آذار 2016، شارك في قيادة عملية تحرير مديريتي حريب جنوبي محافظة مأرب، ومديرية عين شمالي غرب محافظة شبوة من قبضة جماعة الحوثي.
في 15– 24 ديسمبر/كانون الثاني 2017، شارك في قيادة معارك تحرير مديريتي بيحان وعسيلان شمالي غرب محافظة شبوة، ودحر جماعة الحوثي إلى البيضاء وتحرير شبوة بالكامل.
في 20 يونيو/حزيران 2018، شارك في عملية تحرير عقبة "القنذع" ومديرية "نعمان" بمحافظة البيضاء.
تعرض لعدة إصابات خلال تلك الحروب التي خاضها دفاعاً عن الجمهورية واستشهد أحد أبنائه وأصيب عدد من أبناءه بجروح مختلفة خلال مشاركتهم إلى جانبه في المعارك.
ظل يقود المعارك ضد جماعة الحوثي ولم يغادر الميدان حتى أصيب بمرض عضال في القلب بعد 50 عاماً من العمل في السلك العسكري والأمني دفاعاً عن الوطن والجمهورية وثورة 26 سبتمبر ومكتسباتها، منها نحو 20 عامًا في مواجهة تمرد جماعة الحوثي وانقلابها على الحكومة الشرعية بتمويل من النظام الإيراني.
في 19 سبتمبر/أيلول الجاري، غادر العميد "محمد مجيديع"، الحياة متأثرًا بمرض القلب بعد رحلة علاجية انتهت بوفاته تاركاً خلفه مسيرة عسكرية حافلة بالتضحية والفداء، وإرثاً عسكرياً ونضالياً خالدًا في وجدان كل من تدرب على يديه وملهمًا للأجيال القادمة.