|    English   |    [email protected]

“رسائل سياسية وموقف جمهوري”.. ما دلالات زيارة رئيس الوزراء والوفد الحكومي إلى مأرب؟ وما سر توقيتها؟

الخميس 26 سبتمبر 2024 |منذ شهر
لحظة وصول بن مبارك إلى مدينة مأرب (بران برس) لحظة وصول بن مبارك إلى مدينة مأرب (بران برس)

برّان برس | أعد التقرير- عبدالعزيز الأبارة:

الأربعاء 25 سبتمبر/أيلول 2024، وصل رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، "أحمد بن مبارك"، إلى محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن)، برفقة وزراء الإعلام والمالية والداخلية والمياه والبيئة، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، تزامنًا مع احتفالات الشعب اليمني بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر.

“بن مبارك قال في كلمة له عقب وصوله، إن زيارته مع عدد من أعضاء الحكومة إلى مأرب “ليست احتفائية فقط بل تهدف إلى حل عدد من القضايا والملفات العاجلة المتصلة في عدد من الجوانب، والاستماع إلى مطالب واحتياجات المواطنين والسلطة المحلية والمكاتب التنفيذية والبحث عن حلول لها وفق الإمكانات المتاحة”.

“برّان برس”، يسلط هذا التقرير الضوء على دوافع الزيارة الحقيقية، وأبعادها ودلالاتها في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، بالنظر إلى توقيتها وما تمثّله محافظة مأرب من أهمية جيوستراتيجية ورمزية وطنية وتاريخية.

قلعة الجمهورية

عن دوافع ودلالات هذه الزيارة، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، الدكتور ناصر الطويل، أنها “جاءت لتؤكد حرص الحكومة ورئيس الحكومة على المشاركة الشعبية في احتفالات ذكرى 26 سبتمبر، باعتبار أن الظروف في عدن ربما لا تسمح بالاحتفال بسبب سياسات وإجراءات المجلس الانتقالي”.

وأضاف “الطويل” في حديث لـ“برّان برس”، أنها تعكس أيضًا أن “مأرب أصبحت الثقل الأساسي للجمهورية وقلعتها الأساسية، وليست فقط مأوى لليمنيين الذين ينزحون بسبب التسلط، وإنما أيضًا هي مأوى للقيادات الحكومية في اليمن للمشاركة في المناسبات الوطنية.”

ووفق الأكاديمي الطويل، فإن “هذه الزيارة تضفي طابعًا رسميًا أكثر حضورًا على الاحتفالات التي تقام في محافظة مأرب”. فبرأيه أن “مشاركة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء في هذه الاحتفالات مع أنه محافظ المحافظة عضو مجلس القيادة حاضر، تضفي طابعًا رسميًا وتجعل الطابع الرسمي أكثر حضورًا، كما تمثل متنفسًا للحكومة للمشاركة في الأعياد الوطنية على نحو ما ذكرنا.”

ومن الدوافع، وفق “الطويل”، “حرص القيادات الحكومية على المشاركة في الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورة 26 سبتمبر”، لافتًا إلى ما أظهرته وسائل التواصل الاجتماعي من التفاف شعبي “واسع” حول الثورة، وخاصة بمدينتي مأرب وتعز، حد قوله.

ترسيخ الوحدة

وعن توقيت الزيارة، أوضح المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أنها “تشير في توقيتها إلى رغبة رئيس الحكومة الذي ينحدر من محافظة شبوة الجنوبية في تجاوز عقدة الاحتفال بأعياد الثورة الخالدة، وهو أمر يدرك أنه لا يمكن أن يتحقق في العاصمة السياسية عدن أو بأي محافظة جنوبية أخرى دون مشاكل ومنغصات كتلك التي اعترضت رئيس الوزراء الأسبق من قبل في عدن”. 

وأضاف “التميمي” في حديثه لـ“برّان برس”، أن “رئيس الوزراء يتواجد على أراضي الجمهورية اليمنية، وقرأ المشهد جيدًا إلى حد يصعب معه البقاء في مقره بعدن عاجزًا عن إبداء المشاعر الوطنية إزاء ثورة 26 سبتمبر التي وحَّدت اليمنيين قبل أن تتوحد الجغرافيا”.

ومن خلال قائمة الوفد المرافق، الذي يضم وزير المالية ووكيلي محافظ البنك المركزي، سيقوم ببعض المهام الملحقة بهدف الزيارة، إذ من المقرر أن يجري مناقشات بشأن الإيرادات. 

واستبعد “التميمي”، أن يكون لهذه الزيارة “آثار استراتيجية”، موضحًا أن “رئيس الوزراء معروف بمواقفه الإيجابية من وحدة الصف الوطني وعدم تورطه في تبني مواقف معادية للوحدة اليمنية”. 

وبرأيه فإن “هذه الزيارة، التي كان يمكن أن تكون روتينية، اكتسبت طابعها السياسي والاستثنائي من تزامنها مع مناسبة أعياد الثورة، واعتبار هذا الموضوع أحد الأهداف الأساسية للزيارة.”

دلالات سياسية مهمة 

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي اليمني، فهد سلطان، "أن زيارة رئيس الوزراء إلى مأرب في ظل احتفالات ذكرى ثورة 26 سبتمبر تحمل دلالات سياسية مهمة. أولًا، مأرب تمثل رمزًا للصمود ضد المليشيا، وقد تشير إلى رغبة الحكومة في تعزيز الرمزية الوطنية، خاصة في ظل تراجع بعض المناطق عن المشاركة في الاحتفالات.”

والأمر الآخر، وفق فهد سلطان، يتمثل في “رفض القوى المسيطرة على عدن المشاركة في الاحتفالات يضيف بُعدًا سياسيًا للزيارة، فالحكومة تحاول إبراز مأرب كنموذج ناجح لمقاومة الحوثيين، بينما عدن تواجه توترات بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية”. 

وعن توقيت الزيارة، قال إنه “يشير إلى محاولات الحكومة لترسيخ شرعيتها وتأكيد سيطرتها الرمزية على المناطق التي ما زالت تدعم النظام الجمهوري”. 

وعن تأثير الزيارة، يرى “فهد سلطان”، أنها “قد تؤثر بشكل كبير على موازين القوى داخل الحكومة الشرعية”. فمن جهة، قال إن الزيارة “تعزز التحالفات مع القوى في الشمال التي تعتبر مأرب حصنًا استراتيجيًا، بينما تزيد التوترات مع القوى المسيطرة على عدن التي تعتبر الزيارة إشارة تجاهل أو تحد”. 

حزن وغصّة

بعيدًا عن الآراء السابقة، عبّر الصحفي “عبدالرقيب الهدياني”، عن حزنه العميق بعد أن رأي “حكومة اليمن الجديدة التي تحمل آمال وتطلعات الشعب، والتي من المفترض أن تكون المشروع اليمني لمواجهة الإمامة الجديدة التي تحتل صنعاء، لا تستطيع إقامة احتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر في العاصمة المؤقتة عدن”.

وقال “الهدياني”، وهو من أبناء المحافظات الجنوبية، لـ“برّان برس”، إن “الثورة التي أطاحت بالإمامة الأولى، كان يفترض أن توحد اليوم كل القوى اليمنية لمواجهة الإمامة الجديدة، ومع ذلك، نجد الحكومة تُجبر على الخروج من عدن والذهاب إلى مأرب لإقامة الاحتفال، وهو ما يجعلني أشعر كأي مواطن بالحزن والغصة”. 

وأضاف أن “الحكومة التي تمثل المشروع الوطني أصبحت محاصرة بهذا الواقع، وهذا يعكس مستوى الضيق الذي وصلنا إليه نتيجة التدخلات الخارجية والعبث الذي رافق إدارة معركة استعادة الشرعية ودحر الانقلاب”.

وبرأيه فإنه “رغم محاولات دمج القوى الشرعية في مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن هذه الجهود لم تثمر عن عمل مشترك أو أهداف موحدة. كل طرف متمسك بمشروعه الخاص، مما أدى إلى استمرار التباين والانقسام.”

استيعاب الزخم الشعبي

وفي اعتقاد “الهدياني”، فإن دوافع “ذهاب الحكومة إلى مأرب هو محاولة لاستيعاب الزخم الشعبي العارم الذي نشهده اليوم في مناطق سيطرة الحوثيين والمحافظات المحررة”. 

وهذا الزخم، برأيه “يعكس تفاعل اليمنيين مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتجديدهم للعهد بأهداف الثورة، وهم يرون الإمامة قد عادت مجددًا لتحتل صنعاء”. 

وأمام هذه الحالة، قال إن “الحكومة الشرعية تجد نفسها محرجة، وبالتالي لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي أو متأخرة عن طموحات الشعب”، معتبرًا “ذهابهم إلى مأرب لإقامة الاحتفال يبدو كخطوة لتأدية واجب”. 

ويرى أن “الهدف من هذا الاحتفال هو القول بأن الحكومة تشارك الشعب طموحاته واحتفاله، وأنها ليست بعيدة عن مشاعره، رغم كل التحديات”. 

نموذج مميز

وفي كلمته، خلال اجتماع موسع، ترأسه عضو مجلس القيادة الرئاسي، سلطان العرادة، وضم عدد من الوزراء وقيادات السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية بمأرب، أوضح رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، أن زيارته مع عدد من الوزراء إلى مأرب “ليست احتفائية فقط بل تهدف إلى حل عدد من القضايا والملفات العاجلة المتصلة في عدد من الجوانب. 

وأوضح أن الزيارة تهدف أيضًا لـ“الاستماع إلى مطالب واحتياجات المواطنين والسلطة المحلية والمكاتب التنفيذية والبحث عن حلول لها وفق الإمكانات المتاحة”.

وقال إنه وجه الوزراء والمختصين، بمناقشة مجمل القضايا ومستوى الأداء والتحديات في فروع المكاتب بالمحافظة، والخروج بمصفوفة تنفيذية مشتركة في مختلف المجالات للاحتياجات ومستوى الدعم والمسؤوليات التي على الحكومة تقديمه للسلطة المحلية بما يمكنها من تحسين الأداء وتصحيح الاختلالات.

وأشاد بـ“النموذج المميز الذي قدمته السلطة المحلية بمحافظة مأرب في تكريس هيبة الدولة ومؤسساتها وتسيير أعمال المواطنين، وتطبيق خطة أمنية متماسكة لضبط الأوضاع وإجهاض مخططات ومحاولات مليشيات الحوثي الإرهابية  في زعزعة الأمن والاستقرار”.

وقال رئيس الوزراء اليمني، إن هذا النهج “هو ما تحرص الحكومة على أن يكون سائداً في كافة المحافظات المحررة، بما في ذلك نموذج التعايش الاجتماعي”.
 

مواضيع ذات صلة