برّان برس- وحدة الرصد:
جرى في مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، الثلاثاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024م، إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، المناوئة لجماعة الحوثي المصنفة بقوائم الإرهاب، واختير النائب الأول لحزب المؤتمر الشعبي العام الدكتور أحمد بن دغر، رئيسًا دوريًا للتكتل.
التكتل الذي يضم 21 حزبًا ومكونًا سياسيًا، أكد في بيان الإشهار، وصل “برّان برس”، نسخة منه، التزامه بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وانتهاج مبادئ التعددية السياسية، والعدالة، والشراكة، والشفافية.
وأوضح التكتل أنه يسعى لتحقيق 11 هدفًا تتضمن “استعادة الدولة وتوحيد القوى اليمنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح المعالجة القضايا الوطنية ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي”.
كما تتضمن الأهداف “الحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية، والحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، وكذا دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار ومحيطها العربي والمجتمع الدولي”.
وبيّن التكتل أن باعثه الأساسي “تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب مليشيا الحوثي واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهًا ضد أحد من شركاء العمل السياسي”، مبيّنًا أنه “أنشئ بإرادة وطنية، واستجابة لدعوات القوى السياسية لإيجاد تحالف واسع يضم كل المكونات الداعمة للشرعية للاصطفاف مع مجلس القيادة الرئاسي”.
وجاء إعلان التكتل بعد سلسلة لقاءات طوال الفترة الماضية، ضمّت مختلف الأحزاب والقوى السياسية، باستثناء المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أعلن عدم مشاركته في التكتل، لأسباب لم يذكرها.
وفي حين أن بيان متحدث الإنتقالي لم يذكر مبررات عدم مشاركته في التكتل، إلا أنه سبق للمجلس أن هاجم مخرجات الإجتماعات التحضيرية للتكتل، وأعلن رفض مخرجاتها باعتبارها “محاولة إنعاش جثة ميتة”.
وعقب لقاء للأحزاب السياسية، أواخر أبريل/نيسان المنصرم، وصف “الإنتقالي” في بيان صادر عن اجتماع لهيئته السياسية، اطلع عليه حينها “بران برس”، مخرجات اللقاء، متهما الأحزاب بـ“التخلي عن واجباتها وقواعدها الشعبية في محافظات الشمال وتركتهم لقمة سائغة للحوثيين”.
كما اتهم المجلس الأحزاب التي وصفها بـ“المأزومة” بـ“محاولة إعادة إحياء نفسها، عقب فشلها في عقر دارها، واستغلال مساحة الحرية والاستقرار التي تعيشها عدن”.
وحذر حينها، من مغبة استمرار تلك الأحزاب بتحركاتها “الاستفزازية”، معتبر أن “أي لقاء من هذا النوع ستعيد الأمور للمربع الأول من الصراع، وتعطل جهود السلام”.
وفي حين عارض أتباع الإنتقالي الإعلان، قوبل إشهار التكتل، اليوم، بترحيب الحكومة اليمنية المعترف بها، وبقيّة المكونات السياسية الداعمة لها، كما لاقى الإعلان ردودًا كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لسياسيين وكتاب ونشطاء.
خطوة هامة
رئيس الحكومة اليمنية “أحمد بن مبارك”، قال إنهم ينظرون للتكتل "كصوت جديد، ورؤيةً متجددة، وأداةً للتغيير البناء في وطننا الغالي، وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن مليشيا الحوثي".
وعبر “بن مبارك” في كلمته لدى حضوره إشهار التكتل عن "تطلع الحكومة وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابيا مع هذا الجهد الوطني وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام الذي سيكون له عظيم الأثر في تخفيف المعاناة التي يكابدها أبناء الشعب اليمني".
أما وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للإغاثة السابق، عبدالرقيب فتح، فقد اعتبر “إشهار التكتل الوطني للأحزاب “خطوة هامة لتوحيد الصف الجمهوري وتوجيه كل الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي وتوجهاته المتعددة”.
وقال “فتح” في تدوينة بحسابه على منصّة إكس، رصدها “بران برس”، إن “إقامة التكتل الوطني إشارة واضحة إلي أن اليمن لن تكون قاعدة لمشروع إيران التوسعي الاحتلالي بل هي حامية وحاضنة للأمن القومي العربي بصورة عامة والخليجي بصورة خاصة”.
وأضاف الوزير فتح، في تدوينته أن “كلمة الرئيس الدوري للتكتل شخصت طبيعة ما تعانيه اليمن من مشاكل ومعوقات وأوضحت بصورة واضحة كيفية حلها وذلك من خلال الدولة الاتحادية القادرة على إنهاء المظلوميات المتعددة التي أنتجتها مرحلة سوء إدارة الدولة المركزية”.
وتابع أن “وضوح المشكلة ومسبباتها لدى رئيس التكتل وأعضائه وكيفية حلها من الأهمية أن يعكسه الخطاب الاعلامي للمرحلة الجديدة القادمة وكذا العمل الديبلوماسي”.
ومن أجل نجاح كل ذلك، قال إنه “من الأهمية أن يكون العمل الميداني الذي يصنعه رجال الجيش الوطني والمقاومة الوطنية هو الطريق والضمان لإنجاز كل اهداف التكتل وطموحاته وفرض السلام ومتطلباته”.
بن دغر.. الخبر الجيد
الكاتب اليمني ياسين التميمي، قال في مقال مطول نشره بحسابه على منصّة إكس، إن “الخبر الجيد أن التحالف اختار الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، وهو شخصية وطنية جديرة بالاحترام”.
ويأتي تفاؤل “التميمي”، باختيار الدكتور بن دغر، نظرًا لـ“وضوح رؤيته فيما يتعلق بمستقبل الدولة اليمنية الموحدة، ولأنه السياسي الذي لم يتصرف عكس مبادئه السياسية وعكس وعيه الناضج بحركة التاريخ وصيرورته، بالنظر إلى تخصصه المعروف في علم التاريخ”.
وعدا ذلك، يرى “التميمي” أن “هذا التكتل “سيكون تأثيره مدمراً على الأدوار السياسية للأحزاب ذات الثقل السياسي والميداني الكبير، والتي يراد لها أن تغرق في بناء التوافقات بين أحزاب ومكونات لم يعد لها تأثير حقيقي على الساحة اليمنية”.
وبرأيه فإن هذا الأمر “يضطر الأحزاب الثقيلة إلى تقديم تنازلات تصادر دورها ووزنها وإسهامها المفترض في مواجهة التحديات السياسية والميدانية، وتأمين الضمانات الكفيلة بحماية المصالح الوطنية”.
بارقة أمل
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عمر ردمان، أن الاعلان عن التكتل الوطني “بارقة أمل في زمن التحولات التي تمر بها المنطقة ومحورية اللحظة التي يمر بها اليمن بعد عشر سنوات سوداء من عمر الانقلاب والتمرد على الدولة والإجماع الوطني والمبادرات الإقليمية والدولية المتعثرة”.
وأضاف “ردمان” في مقال مطول نشره موقع الثورة نت (رسمي)، أن “هذا الاحتشاد الوطني للأحزاب والمكونات السياسة شمالاً وجنوباً يعبر عن استشعار المسؤولية تجاه الوطن والمواطن”.
وعبّر الدكتور ردمان، عن خيبة أمله لعدم مشاركة الانتقالي في الإعلان قائلًا: “كم كنا نتمنى أن يكتمل جمال اللوحة الوطنية بمشاركة مكون المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن موكب الإجماع السياسي الوطني”.
ولم يفقد “ردمان”، الأمل في التحاق المجلس الانتقالي الجنوبي بالتكتل قائلًا: “لعل ذلك يحدث قريباً”، واصفًا هذه الخطوة بـ“الانجاز المنحاز لتطلعات اليمنيين في تدعيم مؤسسات الدولة وقيادتها نحو إنهاء الانقلاب والتمرد واستكمال استعادة مؤسسات الدولة وتحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار المستدام”.
مسؤولية مضاعفة
ولفت السياسي ردمان، إلى “حالة الإحباط الشعبي التي أفرزتها التجارب السابقة في مسار توحيد الصف الوطني بمقدراته وإمكاناته داخل معسكر الشرعية في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية وتطلعات وآمال الشعب اليمني”.
وقال إن “هذه الحالة من الاحباط تُضاعف المسئولية الملقاة على عاتق مكونات تكتل الأحزاب والمكونات السياسية بقيادة الشخصية الوطنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس التكتل في دورته الأولى، لاستعادة ثقة الجماهير في إمكانية فتح نوافذ الضوء في جدران الانسداد والمراوحة في بوتقة السلبية القاتلة”.
ويمكن القيام بهذا، وفق الكاتب، عبر “تظافر كافة الجهود المخلصة لشركاء العمل السياسي الوطني، والانتقال إلى توحيد التشكيلات العسكرية والأمنية ليتعاضد المساران السياسي والميداني في صنع الفارق”.
وإضافة إلى ذلك، يمكن ذلك عبر “الاستفادة من التجارب السابقة عبر تطوير ديناميات الفعل السياسي الوطني الكفيل بتحقيق انجازات حقيقية على مستوى الشرعية على الأرض وليس الاكتفاء بالإعلان والإشهار”.
وشدد على “قيادات الأحزاب والمكونات وكافة الخيرين من أبناء اليمن وقيادته الشرعية إدراك حجم الفرص التي وفرتها المتغيرات الراهنة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، والعمل الجاد والمخلص لاستثمارها في تحقيق الغايات والأهداف الوطنية الكبرى وصناعة المستقبل المشرف الذي ينشده اليمنيون ويستحقونه”.
خطوة متأخرة
الأكاديمي الدكتور يحيى الأحمدي، قال في تدوينة بحسابه على منصّة إكس، إنه “بعد ١٠ سنوات من اختطاف الدولة والإجهاز على كل حلم، أعلن اليوم إشهار تكتل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية”.
وانتقد الدكتور الأحمدي، غياب التفاعل المطلوب مع الحدث قائلًا: “الخبر بقدر أهميته إلا أنه لم يجد التفاعل المطلوب.. لماذا؟”.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي إبراهيم عبدالقادر، إن إشهار تكتل الأحزاب السياسية “خطوة تأخرت في الإتجاه الصحيح”.
والأهم، وفق إبراهيم عبدالقادر، هو “أن يكون الهدف منها والغاية هي مواجهة الأخطار التي تحيق باليمن، وعلى رأسها العدوان الحوثي، الذي يختطف البلاد وقد أصبح الملايين في عهده بين مختطف ومشرد ورهينة وجائع وفقير ومعذب ومقتول”.
فرصة أخيرة
وفي السياق ذاته، حيّا وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني سابقاً، نائب أمين عام الحوار الوطني، ياسر الرعيني، تشكيل التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الذي وصفه بـ“التحالف الوطني الأوسع في تاريخ اليمن الحديث”.
وعبّر الوزير السابق، في تدوينة بحسابه على منصة إكس، عن أمله بأن يكون للتكتل “دور في توحيد وتعزيز جهود استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتحقيق السلام والاستقرار”.
وقال إن هذه “هي الفرصة الأخيرة لهذه المكونات السياسية في تقديم رؤية وأدوار صادقة وملموسة تساند السلطة الشرعية لتجاوز هذا الاداء الضعيف، وتعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها أمام الداخل والخارج”.
ودعا الوزير الرعيني، “كل القيادات والقوى الفاعلة في أن تنظم أنفسها في تيارات سياسية تعزيزا للديمقراطية والنهج الجمهوري، وإثراء الساحة الوطنية باللافتات السياسية الفاعلة”.