أعد التقرير لـ“برّان برس” - نواف الحميري:
أعاد فوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إلى الذاكرة قراره السابق بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وهي خطوة أثارت حينها الكثير من الجدل في الأوساط الدولية والحقوقية.
ورغم أن إدارة بايدن، المنتهية ولايتها، ألغت هذا التصنيف لاحقًا بزعم السلام في اليمن، إلا أن عودة ترامب تثير تساؤلات حول ما إذا كان سيعيد تفعيل هذا القرار وخاصة مع الاضطراب الواسع الذي تعيشه البلاد حاليًا.
وفي هذا التقرير، يناقش “برّان برس”، مع خبراء وباحثين سياسيين يمنيين وعرب، ما إذا كان “ترامب”، سيغير مسار الأزمة اليمنية، ويعمل على إنهاء الصراع في البلاد، كما وعد في برنامجه الانتخابي، وكيف سيتعامل مع تهديدات الحوثيين، بعد فشل إجراءات إدارة بايدن في إيقافها.
مواقف حاسمة
الباحث السوري في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانيه مصطفى النعيمي، يرى أنه بعد الجهود الكبيرة لدى المحور الإيراني ومحاولتهم زعزعة الأمن الدولي من خلال استهدافهم السفن التجارية والعسكرية فحتما سيكون الرد الأمريكي تجاه هذا المتغير “حاسم”.
وأضاف في حديث لـ“برّان برس”، أن هذا الرد سيأتي رغم إبداء بعض المتغيرات في الموقف الأمريكي لما يخص الأزمة اليمنية وتداعيات امتلاك الحوثيين صواريخ فرط صوتية.
وبرأي الباحث “النعيمي”، فإن “المرحلة القادمة ستكون أشد وطأة على الحوثيين حيث أنها باتت محاصرة بشكل شبه كامل بعد التحالفات البحرية الأمريكية التي أبرمت مؤخرًا، لاسيما تحالف الازدهار”.
وأضاف: “سنشهد في الأيام القادمة مزيدًا من العمليات الجوية على مستويات عليا، بحيث أن التكتيك المستخدم ضد الحوثيين سينتقل من مستوى الضربات الوقائية إلى استئصال البرامج”.
وفي حال توجيه أو تحضير لإطلاق صواريخ أو مسيرات، قال إنه “سيتم استهداف المستودعات والمنصات وصولًا إلى تحييد القوة العسكرية التي تمتلكها الميليشيا الحوثية والتي تهدد فيها الأمن المحلي والإقليمي والدولي”.
حزمة إجراءات
من جانبه، قال المحلل السياسي اليمني عبد الواسع الفاتكي، أنه “عند قراءتنا لسياسة ترامب السابقة نجد أنه في أواخر رئاسته صنف مليشيا الحوثي بأنها جماعة إرهابية وهذا يعد موقف حازم بالنسبة للإدارة الأمريكية ضد أذرع إيران، وخاصة الحوثيين”.
وأضاف في تصريح لـ“بران برس”، أن إدارة ترامب، قد تنحى إلى “تصعيد مواجهتها مع أذرع إيران في المنطقة، وقد تستخدم الإدارة الأمريكية حزمة من الاجراءات التصعيدية”.
ومن هذه الإجراءات “التصعيد الإقتصادي، وفرض سياسة رقابية على الإقتصاد الذي يمول الحوثيين كالنظام المصرفي، وإيقاف ميناء الحديدة الذي يعد شريان اقتصادي للجماعة، بالإضافة إلى التصعيد العسكري وخاصة اذا استمرت المليشيات الحوثيه في شن الهجمات والقرصنة على السفن التجارية في البحر الأحمر”.
ويعتقد أنه الرئيس الأمريكي قد يقدم على “تعزيز تواجد الولايات المتحدة العسكري في البحر الأحمر أكثر، وقد يشن مزيدًا من الهجمات ضد بعض المواقع التي يعتقد أنها منصات إطلاق للصواريخ والطائرات المسيرة”.
وقال: “هناك احتمال بأن تقدم إدارة ترامب دعمًا لدول التحالف العربي والحكومة الشرعية للحد من القدرات الحوثية العسكرية”، مضيفًا أنها “ستعمل على إسناد الشرعية من الناحية السياسية والعسكرية، وقد تعطي الضوء الأخضر لقوات الحكومة الشرعية لتحرير الحديدة كورقة ضغط قوية على مليشيا الحوثية لإجبارها على الدخول بمفاوضات لتوقيع على اتفاقية سلام برعاية الأمم المتحدة”.
ضمن الأولويات
حتى هذه اللحظة، يقول الباحث النعيمي، إن الرؤية لما هو الحل الشامل في اليمن لم تتبلور، إلا أن “المؤشرات السياسية والعسكرية والاقتصادية تنبئ بأن هنالك متغير ربما سيقلب الطاولة على ميليشيا الحوثي، خاصه وأنها لم تعد تهدد الأمن المحلي أو الإقليمي، وإنما باتت تهدد الأمن الدولي”.
ويعتقد “النعيمي”، أن “فوز ترامب سيكون له أثر كبير في إعادة هيبة الولايات المتحدة دوليًا وحضورها في حل الأزمات الدولية لا سيما في منطقه الشرق الأوسط وبالتحديد في اليمن”.
وبناء على هذا، يرى الباحث أن الردود ستكون على المستوى الدولي وليس فقط إقليمي، ولا يعتقد أن لدى جماعة الحوثي “القدرة على مواجهه المتغير الأمريكي الجديد الذي وصل في زمن الرئيس ترامب الذي سيعيد هيبه الولايات المتحدة وبأسرع فرصه ممكنه”.
ويرى أن لدى الرئيس ترامب، “مشروع واضح المعالم بضرورة إنهاء الأزمات في منطقه الشرق الأوسط وبناء عليه الأزمة اليمنية ستكون ضمن أولويات واشنطن في المرحلة القادمة”.
عمليات متصاعدة
من جانبه، يرى “الفاتكي”، أن “استمرت جماعة الحوثي في تصعيدها العسكري بالبحر الأحمر سيجلب غضب إدارة ترامب، وأيضاً سيكون مبرر لتكثيف الضغط على الحوثيين من عدة نواحي بالذات العسكرية”.
ويرجح أن “إدارة ترامب ستستمر في عمليات عسكرية متصاعدة، وقد توسع تحالفها مع دول التحالف العربي أو الدول الطامعة في الملف العربي”. مضيفًا أن ذلك يأتي مع ضغوط قد تمارسها إدارة ترامب على النظام الإيراني لإجبار الحوثيين على الجلوس مع الحكومة الشرعية لصياغة اتفاق السلام في اليمن برعاية الأمم المتحدة.
لا حرب
في حين يرى الباحث والمحلل السياسي، مصطفى ناجي، أن “الإدارة الأمريكية تدعم الحل سياسيًا في اليمن لكن تدخلات الحوثي في الملاحة الدولية وضعت كوابح كبيرة أمام هذا السلام الذي تدير تفاصيله السعودية في المقام الأول”.
ولهذا، قال إنه “ترسخ رأي أمام دول التحالف أنه لم يعد هناك أفق لاستعمال الحرب في اليمن وتغيير خارطة القوى لاسيما وأن التحالف لا يرغب بعودة الحرب ومستعد لتقديم تنازلات هي في الأصل تقليص لمكان ودور الحكومة اليمنية”.
وأضاف الباحث ناجس، أن “هناك تعويل كبير من قبل الحكومة الشرعية أن يقود تغيير الإدارة الأمريكية إلى استئناف المعركة في اليمن وحصول الحكومة اليمنية على دعم متعدد الأشكال”.
وتابع: “لكن ترامب لا يريد خوض حرب لجنوده، ولن يتحمل وحده أعباء معركة عسكرية في اليمن، ولن يقف ضد رغبة السعودية التي لا تريد العودة إلى مربع المعارك حولها خصوصًا في اليمن”.
ولذا، قال إن “استئناف حرب بضوء أخضر أمريكي ومن دون وجود طرف يدفع الكلفة أمر قليل الاحتمال سيما وقوى الشرعية منقسمة في ظل مرواحة المجلس الانتقالي من أي صيغة جديدة سياسية قد تتكون بانتهاء المعركة مع الحوثي”.