|    English   |    [email protected]

بعد عام من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. ماذا قدمت لغزّة؟ وكيف انعكست على أوضاع اليمنيين؟ (تقرير)

الاثنين 11 نوفمبر 2024 |منذ شهر
بران برس بران برس

أعد التقرير لـ“بران برس” - نواف الحميري:

قبل نحو عام، أعلنت جماعة الحوثي المصنفة بقوائم الإرهاب، بدء هجماتها على السفن التجارية التي في طريقها إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر، بزعم إسناد المقاومة الفلسطينية في غزّة، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف حربه ضد الشعب الفلسطيني.

ومؤخرًا، قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، إن جماعته استهدفت خلال العام 193 سفينة مرتبطة بـ“العدو الإسرائيلي والأميركي والبريطاني”. 

وردًا على هذه الهجمات، قادت الولايات المتحدة وبريطانيا تحالفًا لحماية الملاحة البحرية، ومن ثم شن هجمات على مواقع الحوثيين في كل من صنعاء وذمار والحديدة وصعدة.

ومع مرور عام، يتكرر السؤال عن جدوى هذه الهجمات وتأثيرها على المستويين المحلي والإقليمي، وهو ما يناقشه “برّان برس” في هذه المادة مع محللين سياسيين يمنيين وعرب.

خدمة مشروع إيران

الباحث السوري في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية مصطفى النعيمي، قال لـ“برّان برس”، إن “جميع الضربات التي شنتها جماعة الحوثي لم تحقق أي مكاسب غير أنها تخدم مشروع إيران الذي أطلقت عليه اسم وحدة الساحات”، والذي قال إنه “جلب على المنطقة تدخلات دولية”.

وأضاف أن هجمات الحوثين أسهمت في “تعزيز تواجد كل من أمريكيا وبريطانيا في البحر الأحمر”، مردفًا أن الأخيرة “قامت بتفريق الساحات والتعامل مع كل ساحة على حده سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان”. 

عسكرة البحر

من جانبها، قالت الباحثة المصرية في العلاقات الدولية الدكتورة شيماء سمير، إن العمليات الحوثية “لم تثبت مدى جديتها في إحداث خسائر على قدر كبير للكيان الإسرائيلي، بل على العكس عملت على مزيد من عسكرة المنطقة”. 

وأضافت في حديث لـ"بران برس" أنها ساهمت في “تزايد الوجود الأمريكي ممثلاً في تحالف حارس الازدهار، وما تلاه من الحضور الأوروبي الممثل في بعثة أسبيدس العسكرية بغرض حماية مصالح دول الأعضاء الاقتصادية في الممر الملاحي من هجمات الحوثيين”.

وهذا يعني، وفق الباحثة، “مزيدًا من التوترات على الصعيدين الدولي والإقليمى ومزيدًا من التشكيلات والتحالفات التي تحمل أهدافاً خفياً”.

عدم استقرار

بدوره، يقول الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، إن هجمات الحوثيين تسببت في “تفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن، وأثرت على إيرادات قناة السويس”، مبينًا أن الحوثيين “كانوا يستهدفون مصر وليس إسرائيل”.

وأضاف "العوبلي" في حديثه لـ“بران برس”: “تسببت هذه الهجمات في خلق أجواء من عدم الاستقرار في واحدة من أهم الممرات البحرية العالمية، حيث تمر نسبة كبيرة من التجارة الدولية والطاقة عبر هذا الممر”.

وتابع أن “هذا الوضع أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين والشحن للسفن المتجهة إلى اليمن، مما انعكس بشكل مباشر على زيادة أسعار السلع الأساسية في اليمن، وعمّق معاناة المواطنين الذين يعيشون بالفعل في ظروف اقتصادية صعبة”.

وأردف أن هذه الهجمات أثّرت “سلباً على القطاع التجاري في اليمن؛ إذ اضطر بعض الشركاء التجاريين إلى إعادة النظر في التعامل مع الموانئ اليمنية نتيجة المخاوف الأمنية، مما تسبب في تعطيل حركة التجارة وتراجع الإيرادات المحلية”. 

ووفق الباحث، فإن هذه الأضرار "لم تقتصر على اليمن فقط، بل امتدت إلى دول إقليمية أخرى، من بينها مصر التي شهدت تأثر حركة السفن في قناة السويس بسبب التوترات الأمنية المتزايدة في البحر الأحمر. كما دفعت بعض شركات الشحن إلى تغيير مساراتها، الأمر الذي أسهم في زيادة تكاليف النقل على مستوى العالم".

من جانبها، تحدثت الدكتورة شيماء سمير، عن تأثر الوضع الإنساني في اليمن بالهجمات الأمريكية، مبيّنة أن هذه المعاناة “تمثلت في صعوبة التعايش في ظل نزاع عسكري مستمر”.

وأضافت في حديثها لـ“برّان برس”، أن هذا الأمر “أدى إلى نزوح العديد من السكان إلى مناطق آمنة، وزاد من نسبة التهجير للسكان في المناطق الداخلية، ناهيك عن الخسائر في البنية التحتية”.

واستعرضت ما “نتج عنها من تدمير للمنشآت الحيوية كالمستشفيات ومراكز العلاج، وكذلك الأسواق والمحلات التجارية مما زاد من نسبة البطالة وسوء المعيشة وازدياد معدل الفقر”.

إضرار بفلسطين

وعن انعكاسات الهجمات الحوثية بالنسبة لفلسطين، يرى الباحث النعيمي، أن “الهجمات الحوثية سببت أضرارًا أكبر من الفائدة التي قدمتها للشعب الفلسطيني بشكل عام”.

وأضاف لـ“برّان برس”: “لو كانت جماعة الحوثي جاده في دعمها للفلسطينيين كانت تستطيع الدخول من الجبهات المفتوحة سواء من جنوب سوريا أو جنوب لبنات”.

وانتقد تهديدات الجماعة المرتبطة بالمحور الإيراني، واتهمها بـ“بثت الإرهاب لدول مستقرة وتحديدًا العربية منها بينما الجانب الإسرائيلي كان يكثف ضرباته على غزة”. 

وقال إن “لدى جماعة الحوثي قدرة صاروخية تستطيع إرباك الاحتلال الإسرائيلي بشكل شبه كامل إلا أنها لم تستخدمها سوى بالتدريج”. مضيفًا أنها “منحت الجانب الاسرائيلي ذريعة توجيه ضربات في مياه البحر الأحمر باتجاه الأنشطة التي تقودها الميليشيا الحوثية والحرس الثوري الإيراني”.

وأضاف: “ربما قد نشهد في الأيام القريبة انتهاء النشاط الإيراني وذراعه الحوثي في مضيق باب المندب بعد تلك الضربات التي وجهت لهم في برنامجهم الصاروخي”. 

بدوره، عبر المحلل السياسي اللبناني أمين بشير، عن أسفه أن “هذه الهجمات ما قدمت شيء لغزة”. مضيفًا أنهم “أسموها بجبهات الإشغال بس ما شغلت العدو بشيء ظل يستهدف، ويكمل على ما تبقى من غزة”.

ويجزم “بشير”، في حديثه لـ“برّان برس”، أن هذه التحركات “ما أحدثت أي تأثير إيجابي بل أثرت سلباً على الواقع العالمي للتجارة العالمية، وجعلت العالم بأجمعه ضد هذه المليشيات التي تهدد الملاحة البحرية”.

وقال: “كان تأثير سلبي وليس إيجابي، لا لصالح غزة ول القضية الفلسطينية، ولا حتى لصالح أي دولة في المنطقة”.

مكاسب متعددة

الدكتور عبد القادر الخلي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز، قال لـ“برّان برس”، إن جماعة الحوثي حققت العديد من المكاسب من خلال عملياتها العسكرية في البحر الأحم.

فمن الناحية العسكرية والاستراتيجية، قال إنهم “استخدموا الهجمات البحرية كوسيلة لإثبات قدرتهم على تهديد طرق الملاحة والتجارة في البحر الأحمر، مما أضاف بُعداً استراتيجياً لنفوذهم وأكسبهم نوعاً من الضغط على التحالف والقوى الإقليمية، كما ساهمت هذه الهجمات في تعزيز قدراتهم العسكرية وتقنياتهم البحرية”.

وسياسيًا، قال "الخلي" إنها “عززت موقف الحوثيين التفاوضي ومنحتهم أوراق ضغط إضافية في المحادثات السياسية”، مضيفًا أن “هذا التصعيد أثّر سلباً على جهود السلام وأجّل بعض المبادرات الدولية الرامية لحل النزاع سياسيًا”. 

واقتصاديًا، أكد أن “ضرب الخطوط البحرية أثّر سلباً على التجارة في البحر الأحمر، وأدى إلى زيادة تكاليف التأمين على الشحنات العابرة في المنطقة، ورفع أسعار بعض المواد الأساسية في السوق اليمني والدولي”. مضيفًا أن “هذا التأثير السلبي زاد من الأعباء الاقتصادية على اليمنيين وعلى الدول المجاورة”.

وتحدث أستاذ العلوم السياسية عن "مكاسب الحوثيين المالية من خلال فرض رسوم وإتاوات على السفن التي تمر عبر البحر الأحمر نحو أوروبا، وتحديداً من السفن التي تمر بالقرب من مناطق سيطرتهم في اليمن"، موضحًا أن هذه الرسوم تعد مصدر دخل مهم في تمويل عملياتهم وأنشطتهم العسكرية.

وتشمل هذه العوائد: “فرض إتاوات ورسوم حماية التجارة البحرية والرسوم الجمركية على السلع، إضافة إلى التعاون مع شبكات تهريب دولية للوقود والسلع الأخرى”، لافتًا إلى تقارير الأمم المتحدة، التي أكدت أن هذه العمليات بمثابة شريان يمد الحوثيين بمئات الملايين من الدولارات.

وتحدث الدكتور الخلي، عن سماح الحوثيين لعدد من البوارج الحربية المرور عبر البحر الأحمر لمساعدة إسرائيل دون اعتراضها بعد دفعها مبالغ مالية للجماعة.

تراجع الهجمات

وعن تأثير ردود الفعل الدولية، قال أمين بشير، إن الهجمات التي شنها الحوثيون خلال هذا العام “كانت بدرجة عالية من الخطورة التي زادت حدة التصعيد على المنطقة”. مضيفًا أن المجتمع الدولي شعر “بالخطر الكبير، ولا سيما الأمريكيين والأوروبيين دفعتهم إلى القيام بضربات نوعية”، مضيفًا أن “هذه الضربات كانت رداً قوياً دقيقاً جعل الحوثيين يغيبون عن المشهد”. 

وتساءل المحلل السياسي اللبناني، عن سر تراجعهم وغيابهم من الساحة الذي قال إنه "كان في الوقت الذي تحتاجه لبنان وغزة لمساندتهم اليوم أكثر من قبل إلا أنهم تراجعوا بعد الضربات الأخيرة من الاسرائيليين”.

وبرأيه، فإن هذا يدل على أن “الضربات كانت موجعه وقد فعلت ما يجب أن تفعله بردع الحوثيين عن القيام بأعمال جديده من خطف أو تعديات على الملاحة البحرية العالمية”.

ومن جانبها، قالت الدكتورة شيماء، إن الضربات المقابلة “ساهم في إحداث خسائر لوجيستية للحوثيين نتيجة استهداف مخازن الذخيرة والمنشآت العسكرية، ناهيك عن الخسائر البشرية”.
وبرأيها فإن “ذلك أثر بشكل ملحوظ على القدرة العسكرية لجماعة الحوثي، وأحدث نوعًا من التراجع في الهجمات ضد الأهداف في البحر الأحمر وحجمت من قدرتها العسكرية”.

مواضيع ذات صلة