بران برس- ترجمة خاصة:
انتقد معهد كارنيجي للسلام، الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تعاطي الاتحاد الأوربي تجاه ملف اليمن، وبالأخص استهداف جماعة الحوثي المصنفة بقوائم الإرهاب للملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وقال المعهد في تحليل أعدّه الباحث “إبراهيم جلال”، وترجمه للعربية “برّان برس”، إن عملية أسبيدس، التي أطلقها الاتحاد الأوربي لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر “فشلت” في “تغيير سلوك الحوثيين، ولم تنجح في استعادة مستوى ما قبل الأزمة”.
وأضاف: “لم تعجز كل من عملية أسبيدس وعملية حارس الازدهار عن استعادة حرية الملاحة عبر باب المندب فحسب، بل من غير المرجح أن تنجحا في ذلك”. وهذا، برأيه، “يثير التساؤل حول كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل مع اليمن في إطار جهود الأمن البحري الأوسع في المنطقة”.
وتطرق الباحث إلى نشاط الحوثيين في مضيق باب المندب خلال العام الماضي، والذي قال إنه “رغم وجود عمليتين بحريتين غربيتين، إلا أنه يمكننا أن نرى تأثير سوء إدارة السلام والصراع في اليمن على مدى عقد من الزمان، وخاصة من خلال اتفاق ستوكهولم”.
وهذا الوضع، برأيه، يشير إلى الجذور غير المحلولة للصراع اليمني، فضلاً عما وصفه بـ“سوء الفهم أو الاستخفاف بأيديولوجية جماعة الحوثي ومشروعها المدعوم من إيران والذي حول الحدود البحرية لليمن إلى ساحة معركة دولية، مما يعرض المنطقة لخطر العسكرة طويلة الأمد”.
وقال إن “الطبيعة القصيرة الأمد والمقيدة لعملية أسبيدس، تؤكد أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المشاركة في المهمة البحرية تسعى في المقام الأول إلى “معالجة أعراض أنشطة الحوثيين، وليس مصدرها”.
وبين أن هذه العملية “لم تركز على إضعاف قدرات الحوثيين أو تقديم الدعم للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لمعالجة اختلالات التوازن في القوة في اليمن”. مضيفًا أن سجل العملية “يمثل اعترافًا ضمنيًا بسوء التقدير الغربي، الذي سبقته سنوات من سياسات الاسترضاء والاحتواء غير المثمرة إلى حد كبير”.
ويرى الباحث إن “غياب الإرادة السياسية الغربية للتوافق مع الأولويات الأمنية لدول الخليج العربية عندما تم تشكيل التحالف العربي لمواجهة الحوثيين قبل عقد من الزمان قد أدى إلى تعقيد الجهود الرامية إلى احتواء الأزمة بشكل جماعي اليوم”.
وقال: “إذا أراد الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر فعالية، فيتعين على الدول الأعضاء فيه أن تصمم بشكل جماعي استراتيجية لليمن تتمتع بفرصة أفضل للنجاح. وقد ينطوي هذا على متابعة مسارين متوازيين”.
والمسار الأول، وفق الباحث، أن يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في دعمه لعمليات السلام في اليمن. موضحًا أن هذه العمليات تميل إلى تقديم الجزر للحوثيين، ولكنها لا تفعل شيئا لإعطاء الأولوية للمحادثات بشأن الأمن وانتشار الأسلحة التقليدية وغير التقليدية غير الخاضعة للرقابة، وخاصة تلك التي تمتلكها جماعة الحوثي والتي تهربها إيران إلى اليمن.
وشدد على أن مثل هذه المحادثات تشكّل “ضرورة أساسية من أجل معالجة التحديات الطويلة الأجل والحد من احتمالات انهيار السلام”.
ولفت إلى جهود الاتحاد الأوروبي خلال الصراع المسلح في اليمن على مدى العقد الماضي، والتي قال إنها ركّزت على الحوار وحل النزاعات ورافقها “توسيع الاتصالات” مع الحوثيين، معتبرًا “هذا النهج الناعم نسبيًا لم يغير سلوك الحوثيين، وهو ما تأكّد بعد انخراطهم في عمليات البحر الأحمر الأخيرة.
وأوضح أن “الحلول السريعة وسياسات الاسترضاء منذ اتفاق ستوكهولم لم تؤد إلا إلى تشجيع الحوثيين بدلًا من ذلك. وهذا يفتح نافذة للاتحاد الأوروبي لإعادة تقييم سياسته في اليمن وتحديد ما إذا كانت جماعة الحوثي تشكل تهديدًا للسلام والتجارة والأمن الدوليين.
وأردف: “إذا كان الاتحاد الأوروبي يريد حقًا يمن مستقر وآمن يتحمل التزاماته القانونية والأخلاقية لحماية ساحله، فسيكون من الضروري إعادة التفكير في طرق إرساء الأمن في البحر الأحمر والتوصل إلى تسوية سلمية دائمة، فضلًا عن كيفية جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات بحسن نية”.
والمسار الثاني، هو أن يقدم الاتحاد الأوروبي “الدعم الاستراتيجي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا كشريك أمني طويل الأمد في البحر الأحمر وبحر العرب”.
وبحسب الباحث، فإن من بين العناصر الأساسية لهذه الجهود تعميق وتوسيع الشراكة مع الحكومة ليس فقط لدمجها في إطار أمني للبحر الأحمر، بل وأيضاً لمعالجة التفاوت في القوة في اليمن على المدى الطويل إذا استمرت تهديدات الحوثيين. وتشمل أدوات السياسة الأوروبية الاستثمار في بناء قدرات خفر السواحل اليمني.
وفي المستقبل، قال إن المحادثات الخلفية التي تشمل الولايات المتحدة وإيران والحوثيين ستستمر لوقف هجمات الأخيرة في البحر الأحمر في مواجهة شروط خفض التصعيد الإقليمية التي حددتها إيران- سواء فيما يتعلق بإيران نفسها أو غزة أو لبنان أو أي مزيج من هذه- والتي ستمنح الحوثيين مزايا سمعة إضافية.
ومع ذلك، قال إن هذا “لن يمنع هذا تكرار الأزمة في البحر الأحمر”. مشيرًا إلى أن التجارة البحرية عبر مياهه ستظل “رهينة” للحوثيين وإيران باعتبارها “ورقة تفاوضية يمكنهم استخدامها لتأمين التنازلات في أماكن أخرى”.
ومن العوامل التي تعزز هذا “الخلل”، وفق الباحث، هو استمرار سيطرة الحوثيين على مدينة الحديدة الساحلية وموانئها. وقد سُمح بذلك فعليًا بفضل اتفاق ستوكهولم لعام 2018، الذي اعتبره “خطأ استراتيجي” في التقدير جاء بنتائج عكسية بعد خمس سنوات.
وأوضح أن سيطرة الحوثيين على معظم الحديدة سمحت للجماعة بالحفاظ على الوصول إلى الأسلحة غير المشروعة والمعدات العسكرية والوقود عبر موانئ مدينة الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإطلاق القوارب المفخخة والصواريخ والطائرات بدون طيار والألغام البحرية من الساحل.
وقال: لو كانت معركة الحكومة اليمنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة من أجل الحديدة قد تلقت دعمًا دوليًا، لكانت قد حرمت الحوثيين من الموارد اللوجستية والعسكرية والمالية التي تسمح لها بإغلاق باب المندب، وتحييد الجماعة.
وأضاف أنه رغم أن هجمات الحوثيين على التجارة البحرية تكررت بمعدل متزايد خلال حرب غزة، إلا أنها بدأت في الواقع في عام 2016 خلال السنوات الأولى من حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الجماعة.
ويشير هذا، وفق الباحث، إلى احتمالية أن تنشأ أزمات بحرية جديدة حول المضيق إذا ظل الحوثيون مسيطرين على شمال غرب اليمن في ظل ظروف من الفوضى والصراع والاضطرابات الإقليمية.