|    English   |    [email protected]

أكثر من 20 حالة في الضالع فقط خلال 4 سنوات.. “برّان برس” يسلط الضوء على تفشي ظاهرة “قتل الزوجات” ويبحث في الدوافع والحلول

السبت 7 ديسمبر 2024 |منذ 4 أيام
بران برس بران برس

أعد التقرير لـ“برّان برس”- خديجة خالد:

كانت “شامة الفتاحي” (٢١عاماً)، تعيش حياة طبيعية مع زوجها “حازم بطاش”، في قرية الوطيف بمديرية قعطبة غربي محافظة الضالع، قبل أن يقدم الأخير على قتلها “ذبحًا” في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2024.

يقول “عبدالمعطي” شقيق الضحيّة (شامة)، لـ“برّان برس”، إن الجاني (حازم)، أقدم على قتل زوجته أمام طفلتيهما، مضيفًا أن زواجهما مر عليه خمس سنوات ولم يكن بينهما أي خلاف، ولم يصدر عن الزوج أي تهديد للضحية قبل الحادثة.

هذه واحدة من عشرات الحوادث التي شهدتها اليمن في السنوات الأخيرة، حيث زاد معدل العنف والجريمة ضد النساء من قبل أزواجهن بشكل غير مسبوق، وبالأخص في مناطق وسط اليمن، وفق مصادر مجتمعية وقضائية.

أرقام واحصائيات  

حصل “برّان برس” على إحصائية تظهر مقتل أكثر من 20 زوجة على يد أزواجهن بمحافظة الضالع فقط خلال السنوات الأربع الماضية.

وفق الإحصائية، أصبحت هذه الحالات منظورة في محاكم المحافظة كما يلي: 9 قضايا في محكمة استئناف محافظة الضالع، وخمس في محكم قعطبة، وست قضايا في محكمة دمت، وقضية واحدة في محكمة جبن.

فيما قال مصدر قضائي لـ“برّان برس”، مفضّلًا عدم ذكر اسمه كونه غير مخوّل بالتصريح لوسائل الإعلام، إن عدد الزوجات اللاتي تعرضن للقتل على يد أزواجهن “أكبر من هذا العدد”.

أسباب اجتماعية

الاخصائي الاجتماعي الدكتور حافظ الحشيشي، تحدّث لـ“بران برس”، عن أسباب اجتماعية تدفع بعض الرجال لارتكاب جرائم قتل زوجاتهم. ومن أهمها “التفكك الأسري أو ضعف الروابط الأسرية، وكثر الخلافات الأسرية، وتعاطي المخدرات، وكذا عدم الالتزام بالقيم الدينية والاجتماعية، وتدهور المستوى التعليمي، وانتشار العادات والتقاليد السلبية وانتشار البطالة.

ومن الأسباب، وفق الأخصائي الحشيشي، “زيادة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية”، والتي قال إنها تعد “من الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة القتل، إضافة إلى الخيانة الزوجية التي تعرض حياتهن للخطر”.

ومن ضمن الأسباب أيضًا “اغتراب الأزواج لفترة طويلة”. وفق الدكتور الحشيشي، فإن هذا الأمر “يقلل من الروابط الأسرية بين الأزواج”.

أسباب اقتصادية

إلى جانب الأسباب الاجتماعية، تحدث البعض عن ضغوطات اقتصادية منها ارتفاع أسعار السلع، وانعدام الأعمال وأسباب الرزق، فضلًا عن تقتير بعض الأزواج على زوجته وأولاده ما يشعل المشاجرات بين الزوجين.

في حديث لـ“بران برس”، قالت والدة الضحيّة (م.ع)، إن ابنتها قتلت على يد زوجها. موضحة أنه كان تاجرًا مرموقًا وأفلس خلال فترة الحرب، ومع ازدياد مديونيته قرر أن يتخلص من أسرته كاملة وينتحر بعدها، إلا أن الجيران توافدوا ومنعوه من قتل بقية أفراد أسرته بعد أن أجهز على زوجته وولده.

الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي، أكد وجود حوادث قتل متعددة من هذا النوع وقيل إن سببها كان اقتصادي. 

وقال لـ“بران برس”، إن “عجز الزوج عن تلبية حاجات أسرته وتراكم الديون عليه، مع فقدان مصدر الدخل والوصول إلى حالة عجز كلي عن توفير لقمة العيش، يقابلها عفة نفس وأحيانا سوء تصرف لتدبير الوضع ولو مؤقتًا”.

يضاف إلى ذلك، وفق الشرعبي، “فقدان الثقة بالله وقطع خيط الرجاء بالرازق سبحانه وتعالى، والشروع في قتل الزوجة والأبناء ثم الانتحار”.

و“مثلما يكون العامل الاقتصادي سبب في تفكك أسر جراء طلب زوجات الطلاق من أزواجهن لعجزهم عن توفير حاجيات البيت أو حاجيات تعتبر من الكماليات، يحدث على الشق الآخر جراء عدم تقبل أزواج لذلك شروعهم بالقتل للزوجة، وأحيانًا مع أقارب لها والسبب اقتصادي”، وفق الباحث.

ولفت الباحث الشرعبي، إلى حالات أخرى لا علاقة لها بالفقر، وإنما، وفق رأيه، “لأسباب أخرى مثل اعتقاد الزوج بأن زوجته تبذر بماله أو تنفقه في أمور تجلب الضرر للزوج كأن تنفقه لمشعوذين بغية أن تصبح هي المسيطرة أو تمعنه عن الزواج بأخرى مما يغيض بعض أزواج ويفقدون السيطرة على أنفسهم ويشرعون بالقتل”. 

أسباب نفسية 

مصادر أخرى وأقارب ضحايا تحدثوا لـ“بران برس”، عن أسباب نفسية وراء عنف الأزواج ضد زوجاتهم، بما فيها الغيرة الشديدة عند بعض الأزواج، أو تعاطي المخدّرات، وعدم التوازن النفسي.

قال “ص.م”، إن أحد أشقائه كان يعاني من وسواس قهري، ويتهم زوجته بأنها على علاقه مع أخيه الثالث، وعندما زاد لديه هذا الوسواس أقدم على قتلهما (زوجته وأخيه).

أمين سر محكمة قعطبة، عبدالكريم الفقيه، قال لـ“بران برس”، إن العديد من القضايا من هذا النوع “سببها اتهامات وغيره زائدة، ووسواس غير مبرر يدفع الزوج للقتل”. 

فيما قالت الخبيرة النفسية والتربوية، آية جاد، لـ“بران برس”، إنّ “تعاطي المخدرات والطفولة القاسية، على رأس الأسباب التي تدفع الرجال لقتل زوجاتهم”.

أخصائي الأمراض النفسية والعصبية الدكتور صخر الشدادي، تحدّث لـ“بران برس”، عن أسباب ودوافع نفسية كثيرة تدفع الزوج لارتكاب هذا النوع من الجرائم، ومنها “إصابة الزوج بمشكله نفسيه أو باضطراب نفسي، وعدم مساعدته أو إخراجه من هذه المشكلة بشكل مبكر أو عرضه على مختص نفسي”.

إضافة إلى “دخول عمليه الشكوك أو الأوهام من قبل الزوج بزوجته، إما لتلف عضو من الأعضاء أو مشكله في الدماغ أو بسبب العادات والتقاليد التي تشجيع الرجل وتقنعه بأن له الحق في ضرب زوجته وتعذيبها إذا خرجت عن الطاعة”.

ومن الأسباب، وفق الأخصائي الشدادي، “شرب أو تناول بعض العقاقير أو العلاجات دون عرضها أو الرجوع إلى الطبيب مختص شرب الكحول أو الأشياء المخدرة”.

نزعة ذكورية

عن تزايد حالات قتل الزوجات، قال الباحث الاجتماعي الدكتور صلاح الحقب، لـ“بران برس”، إنها تحتمل جانبين: الأول: صحي، وهو زيادة منسوب الوعي لدى النساء بمسألة التكامل بين الزوجين، وليس التسلط والتبعية. 

فيما الجانب الثاني: كارثي، حيث يسلك كثير من الأفراد التقليد أو الحذر أثناء وجود المشاكل الأسرية، مما قد ينتج جريمة يرتكبها الزوج بحق زوجته بفعل التقليد أو تتبناها الزوجة ضد زوجها بفعل الحيطة والخوف.

ووفق الباحث الحقب، فإن “النزعة الذكورية في كثير من المناطق اليمنية لا زالت المهيمن الأوحد في العلاقة بين الزوجين، حيث يظهر الرجل كسيد بيده السلطة المطلقة. بينما تجد المرأة تابعةً له.  

وهذا كله، وفق صلاح الحقب، “نتيجةً لمجموعة من الأسباب، أهمها تركز مصادر الدخل المختلفة بيد الرجل في ظل وجود تجهيل متعمد للمرأة وإلزامها البيت”.

وإجمالًا، قال: “تظل نزعة التسيد والتسلط الذكوري هي علة المشكلة وسبب كل أنواع الاضطهاد والحرمان والتعسف والظلم الذي تتعرض له المرأة”. 

آثار نفسية

عن التأثير النفسي لهذه الجرائم على أسر الضحايا والمجتمع ككل، قال الأخصائي الشدادي، إن “أي إشكاليه في البنيه الأسرية أو في النواه الأسرية تشكل تأثيرًا سلبيًا أو إيجابيًا على بقيه على المجتمع”. 

وفي حالات قتل الزوجات، قال إن التأثير هنا يكون سلبيًا، ويحدث قلق وتخوف من ارتباط الأسر ببعضها نتيجة المخاوف على بناتهم أو الزوجات بأزواجهن. كما يسبب هذا، فقدان الأمان في الوسط الزوجي أو الأسري وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية من قبل الزوجات أو ربات الأسر، وانعدام الصبر أو التضحية لبناء الأسرة خوفًا من أن يأتي فتره فيحدث لها غدر أو قتل من الشريك”.

وهذا الأمر، وفق الشدادي، يحدث اهتزاز في الوسط الأسري والمجتمع بشكل عام، ويخفض عملية بناء الأسر وبناء المجتمعات، ويحوله إلى مجتمع غير قادر لتحمل مسؤوليه أو فقدان الرغبة لتحمل المسؤولية لبناء أسرة.

معالجات وتوصيات

للحد من هذه القضايا، شدد الأخصائي الشدادي، على ضرورة “حل الإشكاليات والخلافات الأسرية بطريقه سليمه وصحيحة”. إضافة إلى “العرض الدوري أو زياره المختص النفسي أو الأسري من بين حين وآخر” للأزواج المتأثرين نفسيًا. 

ونصح “الشدادي” بعدم “تزويج الأشخاص الذي يعانون من اضطرابات نفسيه وتركهم بدون أي انتباه أو متابعه”.

فيما أوصى بعض من قابلهم “بران برس” بضرورة التمهُّل وعدم التسرُّع والاستعجال في اختيار الزوج أو الزوجة، وتحديد الزوجة المناسبة، والزوج المناسب وفق أسلوب علمي وموضوعي وواقعية وصراحة بعيدًا عن الشكليات.

وشددوا على ضرورة مراجعة العلاقة بين الأزواج في ضوء قيم الاحترام المتبادل. وكذا نشر البرامج التوعوية ومنها توعية المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا بأبجديات الحوار وأسس التواصُل البناء بين أفراد الأسرة.

ونصحوا بتربية الأبناء على القيم والأخلاق والالتزام بالمبادئ منذ الصغر، وتعويدهم حسن معاملة الآخرين.

مواضيع ذات صلة