برّان برس- حوار خاص:
قال مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب، سيف مثنى، إن النازحين في محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن)، يواجهون ظروفًا قاسية مع دخول فصل الشتاء، وفي ظل انخفاض التدخل من قبل شركاء العمل الإنساني في المحافظة.
وأضاف “مثنى” في مقابلة مصوّرة مع “برّان برس”، أن تدخل المنظمات منخفض جداً، خصوصاً في جانب المأوى والإيواء ولوازم التدفئة والغذاء، ولا يلبّي احتياجات العدد الهائل من النازحين وموجات النزوح المستمرّة إلى المحافظة.
اضغط هنـــــــــا لمشاهدة اللقاء المصور
مجتمع النازحين
وعن أعداد النازحين، أوضح “مثنى”، أن محافظة مأرب، تحتضن 2 مليون ومائتين ألف نازح من 14 محافظة يمنية يتوزّعون في مديريات مدينة مأرب ومأرب الوادي وحريب ورغوان، ومديريات جنوب وغرب المحافظة.
وبيَّن أن أكثر من 292 ألف أسرة نازحة بمأرب تسكن في 208 مخيم نزوح معتمد، متوسط عدد أفرادها بين 3-7 أفراد، فيما 86% من النازحين يسكنون خارج المخيمات في تجمعات سكنية في المدن والقرى.
وقال إن نسبة النازحين بمأرب تصل إلى 62% على مستوى اليمن، و76% من إجمالي النازحين بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها.
الإدارة والتنسيق
وفيما يتعلق بالإدارة والتنسيق، قال “سيف مثنى”، أن مخيمات النزوح في مأرب تشرف عليها السلطة المحلية، والمنظمات الدولية، وأبرزها المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، موضحًا أن “122 مخيم تدار من قبل الوحدة التنفيذية، فيما 87 مخيم يدار من قبل منظمات دولية تعمل في المحافظة”.
وتحدث عن آلية الوحدة لإدارة ودعم تجمعات النازحين الذين يتواجدون خارج المخيمات “من خلال تقسيم المديريات إلى قطاعات”، مضيفًا أن مديرية مدينة مأرب تضم 14 قطاعًا، كل قطاع يضم عدّة تجمعات. فيما تضم مديرية مأرب الوادي 9 قطاعات، إضافة إلى قطاعات أخرى في مديرية حريب جنوب المحافظة، ورغوان شمالًا.
احتياجات أساسية
في المقابلة، تحدث “مثنى”، عن “نداء الاستغاثة” الذي أطلقته الوحدة التنفيذية بمأرب لإنقاذ النازحين من موجات البرد والصقيع الشتوية التي تضرب المحافظة حاليًا، وسط افتقار الأسر النازحة لعوامل الصمود خصوصًا الأطفال والمسنّين.
وقال إن الوحدة تعمل على تغطية احتياج النازحين في المخيمات، وحشد الطاقات لتلبية احتياجاتهم الشتوية الملحّة.
وأضاف: “قمنا بمسوحات ميدانية لاحتياجات النازحين الشتوية سواء في المخيمات أو التجمعات الأخرى، ورفعنا بالاحتياج للكتل الفرعية المسؤولة عن العمل الانساني في المحافظة، والكتل عليها أن تحشد المشاريع وترفع الاحتياج إلى الكتل الوطنية على مستوى الجمهورية.
واستعرض أبرز الاحتياجات الشتوية الأساسية للنازحين وهي: "صيانة المأوى، ولوازم التدفئة، الحقائب الشتوية، الملابس الشتوية". إضافة إلى الأمن الغذائي الذي قال إنه “مهم جداً خاصة في الشتاء”.
وأكّد أن “هناك الكثير من الأسر لا تزال تسكن في مساكن لا تقي من البرد”. وأردف: “لا يزال لدينا أكثر من 80 ألف أسرة نازحة لا يوجد لديها أي تدخلات في جانب الأمن الغذائي”.
نداء استغاثة
جدد “مثنى”، التأكيد على أن احتياجات النازحين هذا العام أكبر من العام الماضي. ولهذا قال: "أطلقنا نداء استغاثة مبكر ورفعنا الاحتياج إلى الجهات المختصة والمنظمات الدولية والمحلية في المحافظة".
رغم هذا، قال إنه “إلى الآن لا توجد أي استجابة أو تدخلات سواء في مجال الحقائب الشتوية أو الأمن الغذائي، سوى تدخل نفذه مركز الملك سلمان لتغطية احتياج 2500 حالة”. مؤكدًا أنه “لا يزال الاحتياج كبير والفجوة كبيرة”.
ولفت إلى نداء الاستغاثة الذي أطلقته الوحدة العام الماضي لتلبية الاحتياجات الشتوية للنازحين، وحينها قال: “كانت الاستجابة بنسبة 25%، وبلغت الفجوة بين الاحتياج والتدخلات 75%”. مؤكدًا أن “المأساة لا تزال في تصاعد، وفجوة الاحتياجات تزاد أكثر وأكثر”.
فجوة كبيرة وغياب أكبر
رغم الوجود الكبير للنازحين في مأرب، وتزايد الحاجة للتدخلات الإغاثية والإنسانية، إلا أن المسؤول المحلي قال إن المنظمات والوكالات الدولية ليس لها “تواجد فعلي” في المحافظة.
ولهذا قال إن “هناك فجوة كبيرة جداً في التدخلات مقارنة بحجم الاحتياج”. فيما تحتج المنظمات بنقص التمويل بذريعة الأحداث والكوارث في البلدان الأخرى.
واعتبر “سيف مثنى”، وجود المكاتب الرئيسية للمنظمات الدولية في صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة دوليًا بقوائم الإرهاب، من العوائق التي تواجه العمل الإغاثي والإنساني للنازحين بمحافظة مأرب.
وقال إن “بقاء مكاتب المنظمات في صنعاء يفاقم معاناة النازحين". مضيفًا أن وجود تلك المكاتب في صنعاء تحت سيطرة الحوثي "يتيح لها العبث وعدم الالتزام بمعايير العمل الإنساني".
وجدد دعوة تلك المنظمات إلى فتح مكاتبها الرئيسية بمأرب، التي قال إنها تأوي 62% من النازحين في اليمن.
ودعا في الوقت ذاته الأشقاء في مركز الملك سلمان والجهات المانحة المنظمات إلى الاسراع في تقديم التدخلات لتخفيف معاناة النازحين في المحافظة.
تلاعب بالأرقام
وفي سياق حديثه عن تواجد المنظمات الدولية في صنعاء، أشار مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب، إلى تلاعب في أرقام النازحين والإضرار بآلاف الأسر المشرّدة في صحراء المحافظة.
وقال إن تلك المنظمات تعتمد في توزيع المساعدات على أرقام النازحين بالمحافظة في العام 2014، والتي كان حينها 800 ألف نازح، مضيفًا أنها استمرت في العمل بهذه الآلية وبهذا الرقم حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وبعدها، قال إن هذه المنظمات حدّثت هذه الأرقام بعد أن تم إقناع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا) والمنظمة الدولية للهجرة بإجراء مسح ميداني للنازحين في المخيمات وتتوصل إلى 292 ألف أسرة نازحة بمحافظة مأرب. ويأتي هذا في ظل استمرار موجات النزوح إلى المحافظة.
مساكن دائمة
شدد “سيف مثنّى”، على أهمية وضع حلول جذرية لمأوى النازحين بما يحفظ لهم كرامتهم وخصوصيتهم ويساعدهم على البقاء.
وقال إنه مع بداية 2024، وبالتعاون مع السلطة المحلية وفّرنا أراضي تمليك لبناء وحدات سكنية دائمة. وتم توفير 14 أرضية وسيكون المبنى السكني عمودي.
ولتعزيز هذا التوجه قال: اجتمعنا مع شركاء العمل الانساني وطلبنا منهم التوجه إلى توفير مباني عمودية سكنية للنازحين نظراً لشحة الأراضي.
وتحدث عن قانون العمل الانساني الذي يفرض على المنظمات والوكالات بعد 7 أو 8 سنوات تحويل عملها من المشاريع الطارئة إلى المشاريع المستدامة. وقال: نحن اليوم في العام الـ11 ولا زلنا في المشاريع الطارئة، مشيرًا إلى أن “هذا يفاقم الوضع الانساني للنازحين في المخيمات”.
ولفت إلى عرض فني لمأوى للنازحين قدمته الوحدة التنفيذية في العام 2021، وحددت خلالها نوعية المأوى المطلوب للنازحين، موضحًا أن الشركاء بدأوا في هذا العام بتلبية ما قدمناه في ذلك العرض.
وعن هذا المشروع قال: "عملنا مع منظمة الهجرة مسحًا لتوفير حلول مستدامة للنازحين، ولا زلنا نعمل على ذلك المشروع ليتم رفعه وتنفيذه من أجل التحول من المشاريع الطارئة إلى المستدامة"، منوهًا إلى أنه حتى اليوم “لم يتم التحول”.
وأكد أنه “لا توجد أي استجابة من قبل المنظمات الدولية لدعم المشاريع السكنية المستدامة”. مجددًا دعوة المنظمات بسرعة “التحول إلى المشاريع المستدامة”.
هروب من المساءلة
ردًا أسئلة “برّان برس”، حول أسباب عدم التحوّل إلى التدخلات المستدامة، أوضح “مثنى”، أن “الكثير من المنظمات تصر على بقاء العمل الانساني في مأرب في مرحلة الطوارئ لتضمن عدم تعرضها للمسائلة القانونية؛ كون المساءلة والكثير من القوانين معطلة في مرحلة الطوارئ في بلدان العالم.
وذكر أن المنظمات تخشى إذا تحولت إلى مرحلة المشاريع المستدامة ستكون عرضة للمسائلة القانونية، وستكون ملزمة بتغيير الكثير من آليات عملها ونوعية تدخلاتها.
وتحدث عن النفقات التشغيلية للمنظمات التي قال إنها “كبيرة جداً” في عمل الطوارئ بسبب عدم تفعيل قانون المسائلة. موضحًا أن “ما يعلن عنه من ملايين الدولارات لمساعدة النازحين في مأرب لا يرى منه إلا القليل يتحقق.
الملاذ الأخير
حاليًا، قال “سيف مثنى”، إن المخيم أصبح “الملاذ الأخير الذي يتوجه إليه النازحون الذين سبق وأن اتجهوا إلى السكن في المدن والأرياف بعدما أنفقوا كل ما لديهم من أموال وممتلكات.
وأضاف أن “الكثير ممن سكنوا المدن والأرياف اتجهوا إلى المخيمات بعد عجزهم عن دفع تكاليف السكن”. مضيفًا أن “نزوح تلك الأسر إلى المخيمات يجعلنا أمام عمل طوارئ”.
وأكّد أهمية حصول هؤلاء على مساكن، لافتًا إلى “طبيعة المواطن اليمني ينفق ما لديه مقابل الحصول على سكن يليق به وبأسرته”.
وإجمالًا، قال إن الحديث اليوم عن حالة إنسانية كبرى، حالة نزوح مستمر طيلة 11 عام، ولا يزال مستمر حتى الآن.
تكافل مجتمعي
مع استمرار موجات النزوح وتراجع دور المنظمات وتزايد احتياجات النازحين، تحدث “مثنى”، عن التكافل المجتمعي بين المجتمع المضيف والنازحين، والذي قال إن له دور كبير في سد جزء من الفجوة الكبيرة الناجمة عن ضعف دور المنظمات الداعمة العاملة في المجال الانساني.
وقال إن كافة مديريات محافظة مأرب استقبلت نازحين من 14 محافظة يمنية. وتضاعف هذا العدد مع اجتياح جماعة الحوثي لعدد من المديريات جنوب وغرب المحافظة قبل عامين، والتي كانت تأوي نازحين، ما أدى إلى نزوحهم مرة أخرى مع المجتمع المضيف.
وعبّر عن شكره للمجتمع المضيف على حسن ضيافته، وتوفيره البيئة الملائمة والآمنة لاستقبال النازحين. مبينًا أن أكثر من 80% من مخيمات النازحين تقع في أراضي مملوكة لمواطنين من المجتمع المضيف.
وفي ختام حديث لـ“بران برس”، أكّد مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب، أن المرحلة تتطلب التكاتف، متحدثًا عن قصور كبير من قبل الحكومة تجاه الوحدة التنفيذية بمأرب التي تتبع رئاسة الوزراء.
وقال: لدينا كادر كبير جدًا يضم 900 متطوع، إلى جانب الكادر في المكتب الرئيس الذي يضم أكثر من 64 شخص. إضافة إلى أعضاء في المديريات يعملون بشكل طوعيًا بدون أي رواتب. معبرًا عن أسفه أن رئاسة الوزراء لم تعتمد أي موازنة تشغيلية للوحدة التنفيذية حتى الآن.