|    English   |    [email protected]

تحليل | لماذا تقصف إسرائيل أهدافاً مدنية ومكررة؟ وكيف ينظر الحوثي لهذا المستوى من التصعيد؟

الجمعة 27 ديسمبر 2024 |منذ 22 ساعة
من القصف الاسرائيلي الأول لميناء الحديدة من القصف الاسرائيلي الأول لميناء الحديدة

برّان برس:

شن الاحتلال الإسرائيلي، مساء الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2024م، سلسلة غارات جوية على العاصمة اليمنية صنعاء، ومحافظة الحديدة، المطلة على البحر الأحمر غربي البلاد، الخاضعتين بقوة السلاح لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب،

وهذا الهجوم الإسرائيلي هو الرابع على اليمن خلال العام الجاري، لكنه الأوسع من بينها، رغم أنه لم يستهدف سوى أهداف مدنية مكررة، لا علاقة لها بالنشاط العسكري للحوثيين وقيادات الجماعة.

الصحفي والباحث اليمني في الشأن العسكري، عدنان الجبرني، كتب تحليلا تحت عنوان "لماذا تقصف إسرائيل أهدافاً مدنية ومكررة؟ وكيف ينظر الحوثي لهذا المستوى من التصعيد؟"، نشره عبر صفحته على منصة "إكس"، رصده "بران برس".

منظور الحوثي لغارات اسرائيل

"الجبرني" قال في تحليله إن الموجات الهجومية الإسرائيلية الأربع ضد الحوثيين "مكررة، وتأخذ شكلاً مهرجانياً يرافقه تصريحات متعجرفة"، مفسرا دوافع وغايات إسرائيل، لكن قبل ذلك سرد عدد من النقاط لمحاولة فهم منظور الحوثي لهذه الضربات، حد قوله.

يقول "الجبرني": "لا بد وأن الحوثي سعيد بأن الإسرائيلي بدأ انتقامه من حيث تأمل الجماعة وترغب وليس العكس، اذ أن استهداف مقدرات عامة تفيد الحوثي في التعبئة الداخلية والخارجية، وتعزيز المشروعية، ويجنبه العزل الشعبي المتوقع في حال أن إسرائيل بدأت انتقامها بكسر رؤوس قيادات الحوثي وقدرات الجماعة الخاصة والنوعية وليس الأهداف الحالية.

وهذا المستوى من الغارات الإسرائيلية، بحسب الباحث الجبرني، "لا تؤثر في قدرة الحوثي على إطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو تل أبيب، وبالتالي هذا يوفر عنصر استمرارية وندية للحوثي، تتيح له تسجيل نقاط تؤكد الهالة التي يسعى إليها".

وثالث النقاط التي سردها "الجبرني"، هي أن "الحوثي يمنح فرصة لترسيخ واختبار بروتوكولاته الجديدة في آليات "الدفاع السلبي" والأمن والحركة للقيادات والمقرات، ويتعلم ويدرس أسلوب الإسرائيلي فنياً، ويكتسب يقظة وفهم يمكنه من الاستفادة من درس حزب الله وسوريا عمليا".

وأخيرًا، يرى "الجبرني"، أن "الحوثي في هذه المنازلة المعقدة مع إسرائيل وما يبدو استعصاء محتملاً مقارنة بحزب الله مثلاً فإن ذلك يعد إثباتاً إضافيا لأهميته وجدواه بالنسبة لإيران، وتأكيد لصوابية خيارها وصحة قراءتها وقرارها الجريء سابقاً في نقل تكنولوجيا متقدمة إليه واعتماده كساحة صلبة توفر لطهران عمقاً وازناً تستفيد منه في الشدة عندما تخوض صراعاتها الإقليمية والدولية".

وأردف: "هذا المستوى من النظر للحوثي سبق وكتبت عنه خلال الشهور الماضية، والتحوّل الذي أقره سليماني عام ٢٠١٩ في تموضع ومكانة الحوثي ضمن المحور مستقبلاً".

وتابع: "وبالتالي فإن بقاء الحوثي فاعلاً في هذه اللحظة الصعبة التي تمر بها ايران ومحورها يمثل مدداً استثنائياً ومبهجاً سيدفع طهران إلى مزيد من الرهان على الحوثي وهو ما سيدفع الحوثي في المقابل الى ارخاء وسحب يده من مسارات اقليمية مرتبطة بالتسوية ووقف الحرب". 

دوافع وغايات إسرائيل

وبالنسبة لدوافع إسرائيل في نهج هذا المستوى من التصعيد ضد الحوثي ولماذا تستمر في، افترض الباحث العسكري "عدنان الجبرني"، عدة عوامل، أورد في تحليله الأهم منها بحسب تقديره.

وأول تلك العوامل، هي "ضرورة، ونقص جاهزية: سواء معلوماتياً أو لوجستياً"، مستدركا: "لكن تكرار الحوثي هجماته خلال الآونة الأخيرة يحرج المسؤولين الإسرائيليين، ولذلك يتقصدون في قصف البنى التحتية العامة بتكرار، مع تكثيف الجهد لجمع معلومات أكثر عن الحوثيين وطريقة استجابتهم".

وهذا يعني من وجهة نظر "الجبرني"، أن "إسرائيل ما تزال في طور تحضيري، وربما لم يقنعها ما لدى الاميركيين، وتجربتهم المتعثرة منذ عام".

أما العامل الثاني فيتمثل في "هدف الردع: وتهديد الحوثي تدريجياً لدفعه للتوقف بدافع خشية خسارته البنى المدنية التي توفر له الاعتراف والموارد"، مضيفًا: "وإذا كانت هذه غاية فعلية مفترضة فهي مؤشر على خطأ في الفهم للحوثي وعلى خطل الاسرائيلي وحلفائه، وسيكون اعتقادهم بأن هناك أثر نفسي على الحوثي وحاضنته من اشتعال الحرائق بخزانات الوقود إثر الغارات".

الباحث اليمني اعتبر هذا "اعتقاد خائب"، إلا أنه استدرك قائلاً: "لكن في المقابل فان أعمدة الدخان ومسمى المطار والموانئ يكون نافعا لدى جمهور الاحتلال ومواطنيه للقول إن جيشهم لم يقف عاجزاً ويقوم بعمله رداً على الصواريخ الحوثية".

وثالثاً، يأتي "التدريب"، ويعني وفق "الجبرني"، أن "إسرائيل تركز حالياً على تجريب عملي لقدراتها اللوجستية لمعركة بهذا البعد وتختبر مختلف تشكيلات الجيش النوعية، ومستوى الكفاءة التشغيلية".

كما تختبر اسرائيل "طريقة تنسيق العمليات في الجو للتغلب على المسافة البعيدة ومدى القدرة على المفاجأة أو انكشافها في المسافة التي تفصل الإقلاع من مطارات اسرائيل وبين زمن الوصول الى الأجواء في المناطق اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي والتنفيذ!، وكذلك تحديد حجم ومستوى المساعدة الامريكية المطلوبة وتحديد الثغرات التي تنقصهم".

وآخر تلك العوامل التي تحدث عنها "الجبرني"، هي "نموذج حزب الله"، مبينًا أن ذلك يعني "أن تستمر إسرائيل في الرد الاعتيادي على الهجمات بنسَق مماثل أو مقارب، مما يوحي بقواعد اشتباك، ثم في لحظة معينة تقرر خوض حرباً جادة بمستوى مفاجئ كما حدث لحزب الله خلال أسبوعين تحديدا، بين ١٧ سبتمبر وعملية البيجر حتى مقتل صفي الدين وبينهما تصفية نصر الله ومعظم الصف القيادي الأول والمراكز اللوجستية الحساسة. لكن هل يمكنهم ذلك! يحتاج هذا الامر الى نقاش منفصل".
 

مواضيع ذات صلة