|    English   |    [email protected]

معركة علنية مع الفساد.. كيف تفاعل اليمنيون مع صفقات الفساد "المهولة" التي كشفتها الحكومة اليمنية بمليارات الدولارات؟ (رصد خاص)

الثلاثاء 7 يناير 2025 |منذ يوم
القضاء اليمني يحقق بفساد مهول القضاء اليمني يحقق بفساد مهول

بران برس- وحدة الرصد:

مساء الأحد 5 يناير/ كانون الثاني 2025، أعلن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عن بدء إجراءات “منسقة مع الجهات المعنية لمحاربة الفساد، ومكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، وحماية المال العام، والمركز القانوني للدولة“.

وطبقًا لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” (رسمية)، فإن مجلس القيادة الرئاسي، بدأ هذه الإجراءات بعد تلقيه “تقارير من سلطات إنفاذ القانون، والأجهزة الرقابية والمحاسبية بشأن القضايا المنظورة أمامها”.

وشدد المجلس على “إحالة كافة القضايا المنظورة أمام الأجهزة الرقابية إلى السلطة القضائية لاتخاذ إجراءاتها وفقا للقوانين النافذة، ومتابعة المتهمين المتواجدين في الداخل عبر الأجهزة المختصة، والمتهمين خارج البلاد عبر الانتربول الدولي”.

وكشفت التقارير الرسمية، عن تحريك النيابة العامة، الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تتعلق بالفساد والاستيلاء على المال العام، وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب والإضرار بمصلحة الدولة، والتهرب الضريبي والجمركي.

ولاقى الإعلان عن هذه الإجراءات تفاعلاً شعبيًا واسعًا على منصّات التواصل الاجتماعي، شارك فيها سياسيون وصحفيون وناشطون يمنيون من مختلف الفئات والمكونات السياسية والفكرية، ويرصد “برّان برس“، جانبًا من هذه التعليقات.

فساد مقلق

المحامية اليمنية “هدى الصراري”، قالت إن هذا التقرير يكشف عن “حجم مقلق من وقائع الفساد والتجاوزات التي تورط فيها مسؤولون رسميون في الحكومة الشرعية“. 

وأضافت أنه “سلط الضوء على قضايا متعددة تتعلق بالاستيلاء على المال العام، التهرب الجمركي، التزوير، ونهب أراضي الدولة ، شركات حكومية خارج الرقابة، تسهيلات لشركات خاصة ، تعطيل العدالة”.

وشددت المحامية الصراري، على أن هذه الوقائع التي وصفتها بـ“الصادمة” تؤكد “ضرورة محاسبة المتورطين واسترداد الأموال المنهوبة. كما تعكس الحاجة إلى تفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية لوقف هذا النزيف المستمر في موارد الدولة”.

شرط المصداقية

من جانبه، قال نائب رئيس اللجنة الإعلامية بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وضاح بن عطية، إن “‏مكافحة الفساد لا بد أن تشمل كل الفاسدين بدون استثناء وهذا أهم عمل لمجلس القيادة الرئاسي”.

وأشار إلى أن ذلك “سيعزز من المصداقية أمام الناس لأن الفساد يؤثر على الجبهات العسكرية وعلى الحاضنة الشعبية ويمنح الحوثي فرصة للتمدد والبقاء”.

وقال: “في هذه المرحلة الفاصلة مهم جداً أن يجمع مجلس القيادة الرئاسي على تعديل القوانين التي تمنع محاكمة المسؤولين الفاسدين الكبار من المحاكمة، فلا حصانة لفاسد مهما كان منصبة أو موقعه أو منطقته“.

بداية صحيحة

فيما اعتبر الصحفي “أحمد الصباحي”، الخطوة بأنها “نقطة البداية الصحيحة لمكافحة الفساد وفضح أوكارها الذين يسترزقون من قوت الشعب”، واصفًا هذه الخطوة بأنها “رائعة“.

ودعا مجلس القيادة، إلى “الاستمرار في المحاسبة وتقديم المتهمين للعدالة واستعادة أموال الدولة المنهوبة، فهذا هو الطريق الصحيح لاستعادة مؤسسات الدولة من الفاسدين والانقلابيين الحوثيين على حد سواء”. 

وفي تدوينة أخرى، أكّد الصباحي، أن “الشفافية والمساءلة هما الأساس للنجاح والحفاظ على المال العام ولذلك ينبغي مساندة جهود مكافحة الفساد التي اعلن عنها مجلس القيادة الرئاسي وهدفها واضح وهو تعزيز سلطة القانون“.

واعتبرهما أيضًا “تأكيد على أن العدالة هي الطريق الوحيد للنهوض وتقديم نموذج أفضل في ظل المعركة الوطنية المستمرة ضد المليشيا الحوثية”.

تفكيك شبكيات الفساد

الكاتب “ياسر اليافعي”، علّق حول ما تضمّنه التقرير من حالات فساد شملت “مصافي عدن، كهرباء عدن، المنطقة الحرة، وهيئة أراضي وعقارات الدولة”، وقال إن هذه الجهات تتصدّر قائمة أبرز المؤسسات التي أُهدر فيها “مليارات الريالات وملايين الدولارات ضمن صفقات فساد مهولة، وفقًا لتقرير النيابة العامة”.

وقال: “فساد كهذا لم يُعطل التنمية في العاصمة عدن فحسب، بل عمّق أيضًا معاناة المواطنين بشكل كبير”. 

وتساءل: “هل سنرى قريبًا أسماء خلف القضبان يتم التحقيق معها ومحاسبتها واستعادة الأموال المنهوبة؟ وهل سنشهد تفكيكًا لشبكات الفساد في عدن، لا سيما تلك المرتبطة بشكل مباشر بملف نهب الأراضي والتصرف بها”.

وعبّر اليافعي، عن مخاوفه من “أن يكون كل هذا مجرد ذر للرماد في العيون، في ظل فسادٍ مهول لا يزال يفتك بالبلاد والعباد. وما كُشف حتى الآن ليس إلا غيضًا من فيض”.

وفي تدوينة أخرى، قال: “‏لفت انتباهي في التقرير الذي كشفت عنه النيابة العامة حول تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية فساد، من بينها قضايا تتعلق بالاستيلاء على المال العام، وتبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، والإضرار بمصلحة الدولة، والتهرب الضريبي والجمركي، قضية محافظ سابق يرفض المثول أمام القضاء رغم تجميد 27 مليار ريال من أرصدته“.

وأضاف: “27 مليار ريال تم حجزها، لكن السؤال: كم يبلغ إجمالي المليارات التي هربها هذا الشخص أو استثمرها بأسماء مختلفة؟، ويلكم من الله يا ظالمين، والشعب يموت جوعًا!، تقول من هو هذا المحافظ الفاسد والهارب”.

وتساءل اليافعي، عن المسؤول عن هذا الهدر، وقال: “لماذا لا يتم فضحهم على الأقل إن لم يتم محاكمتهم!”. وأضاف: “تخيلوا راح كل هذا المبلغ ولا شفنا سفينة ولا كهرباء، وطبعاً من وقع العقد ومن دفع حصلوا نسبتهم، ويعتقدون أن الحكاية انتهت بفلل او شقق بالقاهرة او دول أخرى”.

معركة علنية

الصحفي رماح الجبري، قال: “تعودنا أن نقرأ عن تقارير الفساد في تسريبات أو وثائق تحصل عليها الصحف الأهلية أو الحزبية المعارضة إلا أننا اليوم نقرأها في الصحف والوكالات الحكومية الرسمية ما يعني أن المعركة مع الفساد أصبحت علنية ورسمية ووطنية ومساندها واجب على الجميع“.

فيما اعتبر الإعلامي “صلاح الدين الأسدي، إحالة أكثر من 20 قضية فساد إلى القضاء خطوة تعزز الشفافية وتعيد ثقة المواطنين بالحكومة”، وقال: “أن محاربة الفساد ليست إجراءً قانونياً فحسب، بل معركة لاستعادة الدولة وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.

وأكّد أنه “لا يمكن بناء دولة حقيقية في ظل انتشار الفساد”، معتبرًا “دعم جهود المجلس الوطني واجب على كل وطني غيور”.

وأشار الإعلامي الأسدي، إلى أن “القضاء على الفساد هو السبيل لبناء اقتصاد قوي ومؤسسات عادلة تعمل لصالح الشعب، كما أن الفساد يضعف الدولة ويستنزف الموارد، ودورنا جميعاً دعم المجلس في هذه المعركة المصيرية”.

وكان "برّان برس" قد لخّص قضايا الفساد الـ20 التي أوردها التقرير، والتي بلغ إجمالي مبالغ الفساد التي أوردها لبعض القضايا أكثر من 2.2 مليار دولار وعشرات آلاف الفدانات من الأراضي تقدر قيمتها بملايين الدولارات.

وعقب الإعلان، توعد رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، "أحمد بن مبارك"، الإثنين 6 يناير/كانون الثاني 2025، باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تورطه في ممارسات فساد، وذلك عقب كشف تقارير رسمية عن قضايا فساد بمليارات الدولارات.

وقال “بن مبارك”، في تدوينة على منصة “إكس”، رصدها “برّان برس”، إن الحكومة ستواصل العمل على بناء نموذج لمؤسسات الدولة يقوم على سيادة القانون والعدالة، وسيتم محاسبة كل من يثبت ارتكابه للفساد أو تواطؤه معه.

وأكّد رئيس الحكومة أن “مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية تمثل أحد المسارات الرئيسية لبرنامج الإصلاح الشامل الذي تبنيناه منذ اليوم الأول”، مضيفًا: “أكدت على هذا الالتزام من خلال جعل أول زيارة رسمية لي للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة”.

مواضيع ذات صلة