
بران برس:
كشفت دراسات حديثة أن اللعب بالتراب قد يكون مفتاحًا لتقوية مناعة الأطفال والوقاية من الحساسية والأمراض المناعية، حيث يساعد التعرض المبكر للميكروبات المفيدة على تدريب الجهاز المناعي للتمييز بين العناصر الضارة وغير الضارة.
وأشارت الدراسات إلى الدور المحوري الذي يلعبه "الميكروبيوم المعوي" – وهي مجموعة الميكروبات النافعة التي تستوطن أمعاء الإنسان – في تطوير مناعة الطفل منذ لحظات ولادته، لا سيما إذا كانت الولادة طبيعية وتلاها رضاعة طبيعية.
ويتسع هذا التنوع الميكروبي مع انفتاح الطفل على البيئة المحيطة، ما يعزز قدرته على التمييز بين العناصر الضارة وغير الضارة.
ويعزز هذا الطرح ما يعرف بـ"فرضية الأصدقاء القدامى"، التي طوّرها البروفيسور غراهام روك انطلاقًا من "فرضية النظافة"، والتي تؤكد أن الانعزال المفرط عن الميكروبات التعايشية في الطبيعة قد يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي وزيادة التحسس.
وفي هذا السياق، كشفت دراسات ميدانية أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات ريفية أو يتعاملون مع حيوانات أليفة، يمتلكون تنوعًا ميكروبيًا أعلى في أمعائهم، وهو ما يرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بالحساسية.
في المقابل، يرتبط الإفراط في استخدام المضادات الحيوية بتراجع هذا التنوع وارتفاع معدل التحسس.
وفي فنلندا، أظهرت تجارب ميدانية أن الأطفال الذين لعبوا في تربة الغابات طوروا تنوعًا أكبر في بكتيريا الجلد وارتفع لديهم عدد الخلايا المناعية مقارنةً بأقرانهم الذين لعبوا على أسطح صناعية.
وفي دراسة سويدية حديثة نُشرت عام 2024، أكد الباحثون أن النمو في بيئات زراعية أو بالقرب من الحيوانات يعزز نمو البكتيريا النافعة ويقلل فرص الإصابة بالحساسية.
ورغم هذه النتائج الإيجابية، يحذر الخبراء من تعريض الأطفال لأماكن ملوثة قد تحتوي على مواد كيميائية أو طفيليات ضارة، مشددين على أهمية التفاعل الآمن مع الطبيعة.
كما أشاروا إلى أن العوامل الوراثية لا تزال تلعب دورًا مؤثرًا، إلا أن الانفتاح على البيئة الطبيعية يظل ركيزة أساسية لبناء مناعة صحية ومستقرة.