|    English   |    [email protected]

تهديدات الحوثيين على الملاحة البحرية وتداعيات الصراع اليمني على التجارة الدولية وأمن الممرات المائية

السبت 22 يونيو 2024 |منذ 5 أشهر
عبدالجبار سلمان

عبدالجبار سلمان

تشكل هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية تهديداً خطيراً على أمن وسلامة التجارة الدولية، خاصة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب. منذ اندلاع الصراع في اليمن في 2015، استهدفت جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، العديد من السفن التجارية والعسكرية، ما أثار قلق المجتمع الدولي وأدى إلى اتخاذ تدابير أمنية مشددة. بدأ الصراع في اليمن بعد استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتصاعدت الأعمال العسكرية مع تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس 2015. الحوثيون، الذين يسيطرون على جزء كبير من الساحل اليمني المطل على البحر الأحمر، استخدموا هذه السيطرة لتنفيذ هجمات بحرية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة والضغط على خصومهم. تعد منطقة باب المندب واحدة من أهم الممرات المائية في العالم، حيث يمر عبرها جزء كبير من التجارة الدولية، بما في ذلك النفط الخام. تؤدي هجمات الحوثيين إلى زيادة مخاطر الملاحة في هذه المنطقة، ما يتسبب في ارتفاع تكاليف التأمين والشحن، وقد يؤدي في حالات متطرفة إلى تحويل مسارات السفن إلى طرق أطول وأكثر كلفة. يحصل الحوثيون على دعم لوجستي وتكنولوجي من إيران، بما في ذلك تكنولوجيا الطائرات المسيرة والصواريخ. هذا الدعم يمكن الحوثيين من تنفيذ هجمات معقدة ومؤثرة. 

تتناول هذه الهجمات عدة أبعاد، منها الأبعاد الاقتصادية، الإنسانية، والسياسية.

فبالنسبة للأبعاد الاقتصادية،

1. تهديد الملاحة البحرية:

تعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تهديدًا كبيرًا للملاحة البحرية، خاصة في مضيق باب المندب، وهو أحد أهم الممرات البحرية الدولية. يعبر من خلاله نحو 10% من التجارة العالمية و4.8 مليون برميل نفط يوميًا. أي اضطراب في هذا الممر يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن وتأثيرات سلبية على أسعار النفط العالمية.

2. تأثيرات على الاقتصاد اليمني:

تؤدي هذه الهجمات إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في اليمن. يتم استهداف المنشآت النفطية والموانئ البحرية، مما يعوق عمليات التصدير والاستيراد. يعتمد الاقتصاد اليمني بشكل كبير على صادرات النفط، وأي تعطيل لهذه الصادرات يؤدي إلى تراجع الإيرادات الحكومية وتفاقم الأزمة الإنسانية.

وبالنسبة للأبعاد الإنسانية،

1. زيادة معاناة المدنيين:

تؤدي الهجمات البحرية إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن. يعتمد اليمنيون بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأي تعطيل في الملاحة البحرية يؤدي إلى نقص في الإمدادات الغذائية والدوائية. يزيد هذا من حدة المجاعة وانتشار الأمراض.

2. تفشي النزوح:

تؤدي العمليات العسكرية في مناطق قريبة من الموانئ إلى نزوح السكان المحليين. يجد المدنيون أنفسهم مضطرين للانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا، مما يزيد من العبء على البنية التحتية المحدودة في تلك المناطق ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

وبالنسبة للأبعاد السياسية،

1. تعقيد الصراع اليمني:

تعزز هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تعقيد الصراع اليمني. تسعى جماعة الحوثي إلى استخدام هذه الهجمات كورقة ضغط في المفاوضات السياسية، مما يعقد جهود السلام. تتسبب هذه الهجمات في تأجيج التوترات بين الحوثيين والتحالف العربي بقيادة السعودية، مما يعطل أي تقدم نحو حل سياسي.

2. التدخلات الدولية:

تجذب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر اهتمام القوى الدولية، خاصة تلك التي لها مصالح في تأمين الملاحة البحرية والتجارة العالمية. تتدخل هذه القوى بطرق مختلفة، سواء من خلال الدعم العسكري للتحالف العربي أو من خلال الجهود الدبلوماسية لاحتواء التهديدات وضمان استقرار الملاحة البحرية.

تتضمن هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية استخدام عدة وسائل، منها:

1. الألغام البحرية: زرع الألغام في المياه الدولية والممرات الملاحية الحيوية.

2. الزوارق المفخخة: استخدام زوارق مفخخة تستهدف السفن التجارية والعسكرية.

3. الصواريخ المضادة للسفن: إطلاق صواريخ تستهدف السفن من على السواحل اليمنية.

4. الطائرات بدون طيار: استخدام طائرات بدون طيار مزودة بعبوات ناسفة لمهاجمة السفن.

في المقابل استجابت القوى الدولية والإقليمية لهذه التهديدات من خلال عدة إجراءات، منها:

1. التعاون الدولي: تكثيف التعاون بين الدول المطلة على البحر الأحمر والدول الكبرى لضمان سلامة الملاحة، بما في ذلك تسيير دوريات بحرية مشتركة، وإطلاق عملية تحالف الازدهار وعملية أسبيدس.

2. تعزيز القدرات الدفاعية: توفير دعم تقني وعسكري لدول المنطقة لتعزيز قدراتها في التصدي للهجمات.

3. الضغط الدبلوماسي: ممارسة الضغوط على إيران لوقف دعمها للحوثيين، والدفع نحو حل سياسي للأزمة اليمنية.

وأخيراً، تشكل هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية تهديداً مستمراً لأمن التجارة الدولية وسلامة الممرات المائية الحيوية. يتطلب التعامل مع هذا التهديد تعاوناً دولياً مكثفاً وجهوداً مستمرة لتعزيز الأمن البحري وحل النزاع اليمني بطرق سلمية ودعم الشرعية اليمنية بكل الوسائل المتاحة الإقتصادية والعسكرية والسياسية لبسط سيطرتها ونفوذها على كامل الأراضي اليمنية.