تأثير حشد الميليشيات الطائفية والمرتزقة على الصراع في اليمن
عبدالجبار سلمان
يشهد اليمن منذ سنوات صراعاً داخلياً معقداً له أبعاد سياسية، اجتماعية وطائفية، تداخلت فيه عوامل محلية وإقليمية ودولية. ومن أبرز الفاعلين في هذا الصراع الحوثيين، الذين تلقوا دعماً واسعاً من إيران. إلى جانب الدعم المالي والعسكري، تشمل هذه المساعدات توظيف ميليشيات طائفية ومرتزقة من إيران وباكستان وأفغانستان. هذا الحشد الخارجي يؤثر بشكل مباشر على ديناميكية الصراع وتوازن القوى في اليمن.
إيران تلعب دوراً محورياً في الصراع اليمني من خلال دعمها للحوثيين. وتقدم إيران الدعم اللوجستي، المالي والعسكري، بالإضافة إلى التدريب والتسليح. كما أن إيران تستعين بميليشيات طائفية من العراق وسوريا ولبنان، وأيضاً بمرتزقة من باكستان وأفغانستان، لتعزيز صفوف الحوثيين. على الرغم من أن الحكومة الباكستانية تنأى بنفسها رسميًا عن النزاع في اليمن، إلا أن هناك تقارير تفيد بأن بعض المرتزقة الباكستانيين قد تم تجنيدهم للقتال في اليمن.
تعد باكستان واحدة من الدول التي يتواجد بها مرتزقة يتم استقدامهم للقتال في اليمن. هؤلاء المرتزقة، الذين يُغلب عليهم الطابع الطائفي، يتم تجنيدهم غالباً من قبل جماعات مرتبطة بإيران، نظراً للعلاقات الوثيقة بين بعض الفصائل الباكستانية وإيران. ومؤخراً أعلنت السلطات الباكستانية فقدان 50 ألفاً من مواطنيها خلال السنوات الماضية بعد وصولهم لزيارة المراقد الدينية المقدسة في العراق حتى تفاجأ الشارع اليمني بتداول فيديو يتحدث فيه شخص من الجنسية الباكستانية وهو يشارك في تظاهرة طائفية أقامها الحوثيون في صنعاء. وصرح الباكستاني إنه "يشارك اليمنيين مظاهراتهم المساندة لأهالي قطاع غزة، ولموقفهم في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية". كما ردد الشعارات الطائفية الحوثية، وطالب من حكومة بلاده مساندة غزة.
ووفقاً لذلك صرح وزير الأعلام اليمني معمر الإرياني وحذر من قيام الحرس الثوري الايراني بنقل الميليشيات الطائفية العابرة للحدود من الجنسيتين الباكستانية والافغانية والذين يصل تعدادهم إلى آلاف، الى مناطق سيطرة مليشيا الحوثي. وأضاف انه في ظل التقارير الميدانية التي تؤكد التنسيق القائم بين مليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية "داعش" و "القاعدة" برعاية إيرانية وإشراف كبار قيادات التنظيم التي تتخذ من ايران ملاذا آمنا لها. ان هذه الخطوة التي تعطي انطباعاً عن تطور لافت في وسائل الصراع وأساليب التحشيد المستمر وفقاً للنهج الطائفي الساعي لفرض المشروع الإيراني في اليمن عبر العناصر العابرة للحدود وبشتى الوسائل الممكنة.
أصبح الفيديو المتداول على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حديث الناس عن استقدام الحوثيين لمقاتلين اجانب مرتزقة ذو خلفيات طائفية ارهابية وتحويل اليمن لساحة صراع دموي مسلح متعدد الجنسيات، مما دفع الوزير الإرياني إلى التساؤل، "أي البلدان أقرب لقطاع غزة، لبنان وسوريا اللذان يمتلكان حدوداً مشتركة مع فلسطين، أم العراق الذي يبعد منها 300 كيلومتر، أم اليمن الذي يبعد 2000 كيلومتر ؟!"، ليجيب بأن ذلك يكشف عن "مفارقات واضحة تبيّن من جديد أن النظام الإيراني وميليشياته الطائفية العابرة للحدود لم ولن تشكل في أي مرحلة من المراحل خطراً حقيقياً على الكيان الإسرائيلي، وتستخدم قضية فلسطين ومأساة شعبها مجرد غطاء لعمليات الحشد والتعبئة". كما رأى أن هذه الدعاوي الحوثية ضمن محور إيران في المنطقة هي "أداة لتنفيذ سياساتها التدميرية التوسعية وتهديد أمن واستقرار الدول العربية ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة وتهديد المصالح الدولية".
إن وجود الميليشيات الطائفية والمرتزقة يعزز من القدرات القتالية للحوثيين، مما يساهم في تمديد أمد الصراع. هذه القوات المدربة تزيد من فعالية الهجمات وتعقيد عمليات التحالف العربي. كما ان استقدام الميليشيات الطائفية والمرتزقة يزيد من البعد الطائفي للصراع، مما يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع اليمني. هذا الانقسام يعزز من التشدد ويعقد جهود المصالحة والسلام. فوجود هذه الجماعات يساهم في تصعيد العنف ويزيد من معاناة المدنيين. كما أن التدخلات الخارجية تعرقل الجهود الدبلوماسية لحل النزاع بشكل سلمي.
إن الصراع في اليمن له تداعيات على الأمن الإقليمي، خاصة في ظل تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. تدخل الميليشيات الطائفية والمرتزقة يوسع من نطاق الصراع، مما يزيد من احتمالية انتقال العنف إلى الدول المجاورة، ويفاقم من أزمة اللاجئين. بالإضافة الى ان وجود الميليشيات الطائفية والمرتزقة يؤدي إلى تفاقم الانتهاكات الإنسانية في اليمن. تتزايد الهجمات العشوائية على المدنيين، وتتفاقم معاناة السكان نتيجة للحصار والاشتباكات المستمرة.
وأخيراً.. فإن حشد الميليشيات الطائفية والمرتزقة من إيران وباكستان وأفغانستان يؤدي إلى تعقيد الصراع في اليمن ويعزز من قدرات الحوثيين على الأرض. هذا التدخل الخارجي يعمق من الانقسامات الطائفية، يؤثر على الأمن الإقليمي ويزيد من حدة الأزمة الإنسانية. لذلك، فإن الحلول الدائمة للصراع في اليمن يجب أن تأخذ في الاعتبار دور هذه الميليشيات والتدخلات الخارجية لتحقيق سلام مستدام. يتطلب الأمر جهودًا دولية مكثفة لإيقاف تدفق المقاتلين الأجانب إلى اليمن والعمل على دعم مسار سياسي يحقق الاستقرار والسلام في البلاد.