|    English   |    [email protected]

القبيلة والتفكير خارج الصندوق

الأربعاء 18 ديسمبر 2024 |منذ 3 أيام
الشيخ/ علوي الباشا بن زبع

الشيخ/ علوي الباشا بن زبع

القبيلة "العشائر" والدولة "الجيش" في كل مراحل الصراع في التاريخ اليمني كانا يشكلان ولا زالا ثنائي التحالفات او الصراعات الاكثر تأثيرا في مختلف المنعطفات التاريخية ، ونجد دائما انه حين تتوحد الدولة "الجيش" تتوحد القبيلة ويتوزعون القبائل الأدوار بين موالاة الدولة لصالح الوطن والضغط عليها لصالح القبيلة .

‏وحين تنقسم الدولة تنقسم القبيلة بين هذا الطرف وذاك ويتصارعون بعنف ويتصالحون في نهاية المطاف بعد ان تضع الحرب اوزارها . وذلك في تناغم طردي وعكسي شديد التعقيد ولكن تكون فيه القبيلة هي الاكثر قدرة على تجاوز الاحداث والعودة للتلاحم القبلي التقليدي من جديد وكأن شيئاً لم يكن بخلاف اطراف الدولة او اطراف العملية السياسية الذين يحتاجون الى وقت طويل لنسيان أثار الصراع وللعودة الى تطبيع الأوضاع والتعايش المجتمعي.

‏الحقيقة ان اليمن اشبه بطائر عملاق له جناحان الجيش والقبيلة وحين يفقد هذا الطائر العملاق احد جناحيه فانه لا يستطيع ان يطير ولن يقوى على الطيران باي حال من الاحوال وشواهد التاريخ اليمني معروفة..
‏الجيش بدون القبيلة لا حاضنة قتاليه له ولذلك تكون مهمته صعبة ومتعثرة والقبيلة بدون جيش لا نظام وانضباط يحكمها وان كانت قادرة على الاستمرار بدون الدولة ولكن بشكل اقل انضباطا وكبحا لنزعات التخريب التي تستهدف السكينة العامة.

‏الاهم او الخلاصة انه في كل مشاهد ما قبل وما بعد الحروب في اليمن تجد ان القبيلة ينخرطون في الصراعات بانقسام كبير ولكن محكوم بضوابط عرفية في غاية الدقة وتقوم على مبدأين الاول انهم يحكمون صراعاتهم باعتبارات معينة قائمة على مقولة عرفية ‏متوارثة تقول "عاد من بعد الحروب العوافي" اي انهم لا يفجرون في الخصومة ويحرصون على حفظ الاعتبارات فيما بينهم حتى مع خصومهم معتقدين ان ما صبح ابن عمك مساك وهكذا هم في انخراطهم في الازمات والحروب.

‏والقبائل في مسألة الخروج من الحروب وتبعاتها لديهم مرونة اكثر من المجتمع المدني او السياسي الذي يحتاجون غالبا بين أطراف الصراع ما بعد الحرب الى ما يسمى بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية فيما تجد ان القبيلة بمختلف أطرافها يطالبون بهذا في تعاطيهم مع الاخرين كحق ثانوي تجاه الغير اما فيما بينهم فانهم لا يحتاجون في اغلب الحروب الى هذا النوع من عمليات الانتقال فهم يلتقون ويتفاهمون ويذهبون الى قراهم صفا واحدا ويدعسون على كل المسائل المتعلقة بنتائج الصراع وطبعا بما فيها الثارات التي لها صبغة الصراع السياسي ذات الصلة بالشأن العام وامور الدولة يتوافقون على انها فتنة( وانهم انخرطوا فيها اضطرارا تحت جناح الدولة وليس بواجب  القبيلة ولذا فانهم لا يستجرون ثاراتها ويسارعون الى نسيانها و دفنها بخيرها وشرها لان بحثها يطول ولذلك لديهم مقولة قديمة دارجه يقولون" القبيلي وارث الدولة" بمعنى سرعة التكيف مع حالة ما بعد الحرب لعودة تلاحم القبيلة بنفس سرعة الانخراط في الحرب بداية وهذه ما يمكن ان نسميه القبيلة والتفكير خارج الصندوق اذا جاز التعبير.