|    English   |    [email protected]

صواريخ حوثية للدعاية.. ومصالح تتقاطع مع إسرائيل

الجمعة 30 مايو 2025 |منذ يوم
عبدالرزاق قاسم

عبدالرزاق قاسم

يصر الحوثي على مواصلة عملياته الاستعراضية نحو إسرائيل، مع أنها لم تحقق أي نتيجة تذكر منذ تدشينها، ولم تؤثر إطلاقا في ميزان القوة العسكرية، أو تحد من جرائم الاحتلال الوحشية وحرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة.

وإلى جانب فشلها في تقديم أي حل لغزة، فقد تسببت الهجمات الحوثية من خلال الرد الإسرائيلي العنيف بخسائر بشرية فادحة في صفوف المدنيين، إلى جانب ما خلفته من دمار واسع طال أغلب المنشآت الحيوية والاقتصادية والخدمية.

ومع التفاوت الهائل في حجم وتأثير الهجمات -  لصالح إسرائيل بالطبع - من الواضح أن للطرفين مصلحة حقيقية في استمرار هذا النوع من الاشتباك، الذي يسير كما لو أنه محكوم بقواعد انضباط، وبرنامج عمل يحقق لكل طرف مصالحه المطلوبة.

وبعيدا عن التأثير الإيراني ومصلحة طهران التي تفوق مصلحة الحوثي من العمليات، فإنها تمنحه كذلك جملة من المكاسب، تصب في المقام الأول في تقوية وضعه الداخلي، وتخدم موقفه في الصراع مع اليمنيين، وهو ما يمثل بالنسبة له الهدف الرئيس والأهم.

حيث عمل الحوثي منذ اليوم لانخراطه في هذه العمليات على توظيفها كحملة دعاية واسعة، تهدف إلى تبييض صورته وتحسين سيرته، بأثر رجعي وللمستقبل، ما ينعكس إيجابا على قدرته في التحشيد ورفع أسهمه في التجنيد، وبالتالي تعزيز قدراته العسكرية لمواجهة اليمنيين.

كما أن هذه العمليات تعزز دوره ضمن منظومة المحور الإيراني، بما يؤهله للحصول على دعم مالي وتسليحي أكبر، وربما من جهات غير إيرانية، كما تشير تقارير دولية متواترة.

أما إسرائيل، فلا يظهر أنها منزعجة من هذه الهجمات المحدودة المخاطر؛ بل تبدو مستفيدة منها، إذ يمنحها الحوثي اليمن كساحة لاستعراض قدراتها العسكرية، وللتأكيد على أن لها ذراعا طويلة، بمخالب متوحشة، قادرة على الوصول لأي مكان، وهو ما يثبت مستوى الردع الذي تحرص على ترسيخه في المنطقة.

في الجانب السياسي، تفتح هذه الضربات لإسرائيل طريقا معبدة لتسويق روايتها بأنها تتعرض لحرب وجودية من قبل إيران وأذرعها، وبذلك تتخفف من الضغوط الدولية المطالبة بوقف حربها على غزة وجرائمها اليومية بحق سكان القطاع.

نحن، إذاً،  أمام حالة توافق غير معلن، تحقق لكل طرف فوائد تجعله حريصا على استمرارها، ليس بالضرورة أن تكون ناتجة عن تفاهمات، بل بدافع من مصلحة مشتركة فرضتها ظروف كل منهما، وبين هذا وذاك، ستبقى حياة ومصالح اليمنيين، عرضة لمخاطر هذا العبث الحوثي المدمر.