استهداف المنشآت المدنية.. أدوار متبادلة بين الحوثي وإسرائيل
عبدالجبار سلمان
استهداف المنشآت المدنية في اليمن ليس ظاهرة جديدة؛ فهو نمط مستمر من العنف الذي تتبناه أطراف مختلفة، أبرزها ميليشيا الحوثي الإرهابية التي استخدمت هذا الأسلوب لتعميق معاناة الشعب اليمني.
ما يثير القلق اليوم هو أن إسرائيل تتبنى نفس النهج، وتستهدف منشآت حيوية لا علاقة لها بالأهداف العسكرية، مما يعمق مأساة اليمنيين ويضيف فصلًا جديدًا إلى سلسلة الجرائم المرتكبة ضدهم.
في 31 ديسمبر 2020، ضربت ميليشيا الحوثي الإرهابية مطار عدن الدولي مباشرة بعد هبوط طائرة مدنية كانت تقل مئات المسافرين اليمنيين.
كان الهجوم عنيفًا وعشوائيًا، وأسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال. وإصابة العشرات بجروح خطيرة، مما أدى إلى مآسٍ عائلية كبيرة. وتدمير البنية التحتية للمطار، بما في ذلك الصالات والمرافق الأساسية.
ما يجعل هذا الهجوم مروعًا هو أنه لم يكن في سياق معركة عسكرية أو دفاع عن النفس. بل كان هجومًا متعمدًا يهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الأبرياء.
هذه الحادثة ليست استثناءً، بل هي جزء من استراتيجية الحوثيين التي تسعى إلى تدمير كل ما يخدم المواطنين أو يخفف من معاناتهم. اليوم، يتكرر المشهد نفسه، لكن على يد إسرائيل، التي تستهدف المنشآت المدنية والبنية التحتية اليمنية.
هذا الاستهداف يشمل منشآت حيوية وخدمية، مثل محطات المياه والطاقة، التي يعتمد عليها المواطنون في حياتهم اليومية.
والمرافق الصحية والتعليمية، مما يزيد من تدهور الخدمات الأساسية في اليمن. وكذلك البنية التحتية للطرق والجسور، التي تعتبر شريانًا حيويًا لنقل الإمدادات والمساعدات. كما أن هذه الهجمات لا تصيب سوى المدنيين الأبرياء الذين يعانون بالفعل من ويلات الحرب المستمرة في البلاد.
ومن خلال ضرب هذه المنشآت، تعمق إسرائيل الأزمة الإنسانية في اليمن، التي تُعد واحدة من أسوأ الأزمات على مستوى العالم.
نتيجة لهذه الهجمات، يعاني الشعب اليمني من انهيار الخدمات الأساسية حيث ان القصف المستمر للمنشآت المدنية أدى إلى تدمير كبير في البنية التحتية، مما جعل الوصول إلى المياه النظيفة، الكهرباء، والخدمات الصحية أمرًا شبه مستحيل.
وكذلك زيادة عدد النازحين حيث ان استهداف الأعيان المدنية يدفع المزيد من الأسر إلى ترك منازلها، مما يفاقم أزمة النزوح الداخلي.
وأيضاً تعطيل الحياة اليومية حيث ضرب المرافق الخدمية يجعل حياة اليمنيين أكثر صعوبة، حيث يتعطل التعليم، والصحة، وحتى الحركة التجارية. وفقًا للقانون الدولي الإنساني، تُعد المنشآت المدنية مثل المستشفيات، المدارس، والمطارات محمية، ويُحظر استهدافها تحت أي ذريعة. ومع ذلك، فإن غياب المحاسبة الدولية يُشجع أطراف الصراع، سواء الحوثيين أو إسرائيل، على مواصلة هذا النهج المدمر.
ميليشيا الحوثي لا تزال تستخدم المنشآت المدنية كأهداف في حربها ضد الحكومة اليمنية والشعب.
وإسرائيل تتبع نفس النمط دون أي اعتبار للقوانين الدولية، مما يُعد خرقًا واضحًا لاتفاقيات جنيف.
إن المجتمع الدولي يقف أمام اختبار حقيقي تجاه هذه الجرائم. يجب أن يتحرك باتجاه محاسبة المسؤولين عن استهداف المنشآت المدنية، سواء كانوا جماعات إرهابية مثل الحوثيين أو دولًا كإسرائيل.
وكذلك حماية المنشآت الحيوية من خلال فرض رقابة مشددة على الأطراف المشاركة في النزاعات، ومنعها من استهداف البنية التحتية التي تخدم المواطنين. وأيضاً تعزيز المساعدات الإنسانية لمواجهة آثار هذه الهجمات، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة في اليمن.
ختاماً إن استهداف المنشآت المدنية في اليمن، سواء من قبل ميليشيا الحوثي أو إسرائيل، يعكس واقعًا مريرًا يتسم بالاستهتار بالأرواح البشرية والقوانين الدولية. هذه الهجمات لا تخدم سوى إطالة أمد الأزمة في اليمن وزيادة معاناة الشعب الذي يدفع الثمن الأكبر في كل مرة.
ما لم يتحرك العالم لوضع حد لهذه الانتهاكات، فإن دائرة العنف والدمار ستظل مستمرة، وستتضاعف خسائر اليمنيين على جميع المستويات.