|    English   |    [email protected]

مغامرات الحوثي أفق السلام بعيد

السبت 11 يناير 2025 |منذ 3 أيام
علي العقبي

علي العقبي

تستمر معاناة الشعب اليمني جراء حرب حوثية دخلت عامها العاشر في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة خلفت أعباء ثقيلة على كاهل المواطن اليمني حتى أصبحت حياته أكثر تعقيدا ومعيشته مليئة بالوجع وجحيم المعاناة بفعل استمرار الحرب التي تقودها هذه العصابة المجنونة التي ترفض أي مسار  نحو السلام سواء عبر الجهود الأممية أو الدولية

وعلى الرغم من التنازلات التي قدمتها الحكومة الشرعية من أجل التخفيف من معاناة الشعب اليمني وإيمانها بضرورة الاستقرار لليمن إلا أن الحوثي متمسك بموقفه الرافض والمتعنت لكل المفاوضات والحلول السياسية. وبهذا الموقف أصبح جليًّا للمجتمع الدولي من هو الطرف الذي لا رغبة له في السلام وإصراره على الاستمرار في مسار الحرب الطويل والمغامرة التي لا تبدو لها نهاية قريبة.

لقد أرهقت هذه الحرب الظالمة كل اليمنيين على جميع الأصعدة تعطلت الخدمات الأساسية، وانهارت البنية التحتية في العديد من المدن وتفاقمت الخسائر الاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة. ورغم المعاناة يصر الحوثي ومشروعه على تجاهل كل مبادرات السلام التي طرحتها الجهات الدولية من الأشقاء والأصدقاء لليمن، والتي وافقت عليها الحكومة اليمنية.

ومع بداية العام الجديد 2025 دشنوا تجديد تصعيدهم العسكري في جبهات مأرب وتعز. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد
 فقد اختاروا توسيع نطاقه في الذهاب إلى مغامرات عابرة للحدود، بإطلاق صواريخ على إسرائيل في محاولة لجذب الانتباه الدولي أن مشروع إيران يساند غزة وإحداث تدخلات خارجية تعمق الصراع الإقليمي. وهذا التصعيد لم يكن سوى بداية لسلسلة من السياسات التي تريد تحويل اليمن ساحة للعبث الدولي.

ردت إسرائيل وهي الدولة التي لا تعرف أي قوانين أو أخلاقيات للحروب ، والتي ترجمتها على مدار قرن من الزمن بجرائمها في فلسطين، وما تمارسه الآن في اليمن من غارات جوية واعتداء سافر على سيادة اليمن وهدم بنيته التحتية في الحديدة وصنعاء، إلا دليل على ذلك السفور الذي تتصف به دولة الاحتلال
وهو الرد المتوقع على شغب وصبيانية الحوثي الذي يحاول أن يشعر بكينونته كمراهق أحمق يرى أنه يجب أن يصنع بعض المغامرات التي تلفت الانتباه إليه، متجاهلًا بعقله المراهق أنه يجر اليمن إلى مربع قذر من الحروب الكفيلة بأن تقضي على ما تبقى من رمق الشعب الرازح تحت الحروب والمنهك من شدة الفقر  الذي صنعوه.

يدعي أنه يحرر أبناء غزة وشعب فلسطين بضرباته على إسرائيل التي لن تؤثر على أمنها بقدر ما ستعطيها الفرصة لتدمير اليمن وإبادة شعبه في الوقت الذي تواصل فيه تكثيف حملات اختطاف واسعة طالت العديد من المدنيين في عدة مناطق خاضعة لسيطرتها، ولم يسلم منها حتى النساء والأطفال. تتهم المختطفين بالتخابر مع أمريكا وإسرائيل بعد ضربات جوية استهدفت مواقع لهم في صعدة وعمران ومحافظات أخرى. وحملات عسكرية على المدنيين العزل في محافظة البيضاء.
تصر الجماعة على تبرير هذه الانتهاكات تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب" وهو تبرير لا يعدو كونه ستارا لقمع وترهيب المواطنين العزل فيما الإرهاب هو من أعمال الحوثية.

ومن التصعيد الحوثي مؤخراً تنفيذ حملات تجنيد وتعبئة عسكرية لتعزيز قوته  تحت شعار رفع الجاهزية القتالية، رغم أن الهدف الحقيقي لهذه الحملات هو تكريس سلطته القمعية على المناطق التي يحكمها بالقوة والإبقاء على حالة من الاستنفار المستمر.

أما على الصعيد الدولي يواصل الحوثيون استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر والعربي، وهي إحدى أساليبهم الملتوية لابتزاز الاقتصاد العالمي. في حين يدعون أن هذه العمليات جزء من "دعمهم للقضية الفلسطينية" والحقيقة تكمن في أنهم يخشون أي تهدئة أو وقف لإطلاق النار لأن ذلك سيؤثر على مصالحهم الاقتصادية التي يعتمدون فيها اليوم بشكل كبير على الأموال التي يجنونها من عمليات القرصنة.

وهذا التهديد المتواصل للملاحة التجارية في البحرين الأحمر والعربي قد أسهم في زيادة التكاليف والخسائر الاقتصادية على العديد من الدول وفي مقدمتها مصر التي شهدت انخفاضًا كبيرًا في إيراداتها من قناة السويس بلغت 60٪ من الخسائر وفقًا للتصريحات الرسمية.

وتصعيدهم المستمر في طريق الحرب لا يعيق فقط آمال السلام بل يزيد من تعميق الأزمة الإنسانية. ويبدو أن اليمنيين سيظلون عالقين في دوامة الحرب اللانهائية  بينما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل القوانين الدولية والإنسانية وتستغل معاناة الشعب كورقة ضغط لتحقيق أهدافها التي تخدم مشروع إيران في المنطقة.

وفي الوقت الذي كان اليمنيون يتطلعون بأمل إلى بداية جديدة في 2025 وجدوا أنفسهم أمام واقع أكثر تعقيدا فمن يرفعون شعار 'الحرب والموت' لا تهمهم حياة الشعب اليمني وسيواصلون إطالة الحرب وتدمير كل أمل لفرص السلام أو القبول بأي جهود تنهي المعاناة وتحقق الاستقرار لليمن.