|    English   |    [email protected]

تداعيات القرار الأمريكي على المشهد اليمني

الخميس 23 يناير 2025 |منذ أسبوع
عبدالجبار سلمان

عبدالجبار سلمان

في يناير 2021، صنفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جماعة الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية أجنبية. كان لهذا القرار أصداء واسعة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث رأى البعض أن الخطوة تأتي ضمن سياسة الضغط القصوى على إيران باعتبارها الداعم الرئيسي للحوثيين، فيما اعتبرها آخرون قد تزيد من تعقيد الوضع الإنساني في اليمن الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

لكن مع تولي الرئيس جو بايدن السلطة في فبراير 2021، قررت إدارته التراجع عن القرار، مبررة ذلك بأسباب إنسانية لتجنب تداعياته السلبية على إيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين. ورغم ذلك، ظلت فكرة إعادة التصنيف مطروحة على الطاولة في ظل استمرار التصعيد العسكري والهجمات الحوثية على أهداف مدنية في اليمن وخارجه. في خطوة دراماتيكية جديدة، ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أعلن يوم الأربعاء 22 يناير 2025 إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.

وفقًا للبيان الصادر عن البيت الأبيض، استند القرار إلى تصاعد أنشطة الحوثيين التي اعتُبرت تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي والدولي. أوضح البيان أن أنشطة الحوثيين باتت تمثل خطرًا على أمن المدنيين، سواء في اليمن أو في المنطقة المحيطة، بالإضافة إلى تهديدها لحركة الشحن البحري العالمي في البحر الأحمر، بما في ذلك استهداف سفن تجارية وأخرى حربية أمريكية. كما أكد البيان أن هذه الخطوة تهدف إلى حرمان الحوثيين من الموارد التي تمكنهم من شن هجماتهم.

وتعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين لمواجهة قدرات الحوثيين. وحماية أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

إن القرار الأمريكي لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية له عدة تداعيات على المشهد اليمني ومنها التأثير الإنساني : رغم أن الإدارة الأمريكية أكدت أن العقوبات ستستهدف الجماعة بشكل مباشر، إلا أن هناك مخاوف من أن القرار قد يؤثر سلبًا على الوضع الإنساني في اليمن.

المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعتمد بشكل كبير على الواردات، وأي قيود مالية قد تعرقل عمليات إيصال الغذاء والدواء. بالإضافة إلى التأثيرات السياسية والعسكرية : حيث قد يؤدي القرار إلى زيادة عزلة الحوثيين دوليًا وتعقيد مساعي السلام، حيث سيعتبر الحوثيون أنفسهم مستهدفين بشكل كامل من قبل القوى الدولية.

ومن الناحية العسكرية، قد يساهم القرار في تعزيز العمليات العسكرية ضد الجماعة سواء من التحالف العربي بقيادة السعودية أو من شركاء إقليميين ودوليين. وكذلك التصعيد الإيراني المحتمل : باعتبار الحوثيين أحد أبرز وكلاء إيران في المنطقة، من المتوقع أن يؤدي القرار إلى تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، مما قد ينعكس على الملف النووي الإيراني والمصالح الأمريكية في المنطقة.

بالإضافة إلى أمن الملاحة الدولية : فمن الناحية الأمنية، قد تعزز الخطوة الأمريكية وجودها العسكري في البحر الأحمر لتأمين حركة الشحن البحري، خاصة بعد تزايد الهجمات الحوثية على السفن التجارية وسفن التحالف. ختاماً إن إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية يعكس رغبة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب في اتخاذ موقف صارم تجاه الجماعة وأنشطتها الأرهابية، لا سيما تلك التي تهدد الملاحة الدولية وأمن المنطقة.

فعلى الصعيد الإقليمي، من المتوقع أن تلاقي هذه الخطوة ترحيبًا من السعودية والإمارات، اللتين طالما طالبتا بموقف دولي صارم ضد الحوثيين. أما على الصعيد الدولي، فقد تكون هناك ردود فعل متباينة، حيث قد تؤيد بعض الدول القرار، بينما تعرب أخرى عن مخاوفها من تداعياته الإنسانية والسياسية على الأزمة اليمنية.

ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: هل سيكون لهذا القرار أثر حقيقي في تقليص نفوذ الحوثيين، أم أنه سيزيد من تعقيد المشهد اليمني ويؤدي إلى مزيد من التصعيد الإقليمي ؟