عبدالملك الحوثي.. ذراع إيران في اليمن على خُطى نصر الله
عبدالجبار سلمان
منذ بروز عبدالملك الحوثي كقائد لميليشيا الحوثي في اليمن، بدا واضحاً أنه يسير على خطى حسن نصر الله، زعيم ميليشيا حزب الله في لبنان، بل يمكن القول إنه نسخة مكررة منه، سواء في خطاباته أو أسلوبه أو في تبني السياسات الإرهابية التي دمرت اليمن.
لقد استنسخ الحوثي تجربة حسن نصر الله بكل تفاصيلها، ليكون أداةً في يد إيران تعمل على زعزعة استقرار المنطقة، وإثارة الفوضى، وتقويض الهوية الوطنية للشعوب العربية.
من يتابع خطابات عبدالملك الحوثي يدرك بسهولة مدى تقليده لنصر الله، بدءاً من نبرات صوته وطريقة إلقائه للكلمات، وصولاً إلى حركات يديه وإشاراته المسرحية.
يكرر نفس الشعارات الرنانة حول المقاومة والمظلومية، مستغلاً قضايا الأمة الكبرى، وعلى رأسها قضية فلسطين، لتبرير أفعاله الإرهابية وإخفاء أجنداته الطائفية والمصالح الإيرانية التي يخدمها. هذه الشعارات لم تكن سوى ستار يتاجر به لاستقطاب الأنصار واستغلال العواطف الدينية والقومية لتحقيق أهدافه التخريبية.
كما فعل نصر الله في لبنان، سار الحوثي على نفس النهج الإجرامي في اليمن. أصبح أداةً رئيسية لتنفيذ المشروع الإيراني في المنطقة، وهو مشروع لا يعترف بالحدود أو الهويات الوطنية. حمل الحوثي على عاتقه مهمة تفكيك اليمن وضرب تاريخه العريق وهويته الثقافية، ليحوله إلى دولة تدور في فلك إيران.
لقد أعلن الحوثي الحرب على كل ما يرمز للهوية اليمنية، وقام بتدمير الآثار، والمناهج الدراسية، والمساجد، والمدارس، والمستشفيات، في محاولة لفرض أيديولوجية طائفية دخيلة على المجتمع اليمني. وكما دمر نصر الله الاقتصاد اللبناني، دمر الحوثي الاقتصاد اليمني، حيث أغرق البلاد في الفقر والجوع، واستولى على الموارد، وفرض الإتاوات على التجار، وابتز الصحفيين والناشطين والمغتربين وأسر المعتقلين.
لم يكتفِ الحوثي بخدمة أجندة إيران، بل جلب الدمار إلى اليمن، وأعاد البلاد عقوداً إلى الوراء. أشعل الحروب التي أرهقت الشعب اليمني، وقسم البلاد بين الشمال والجنوب، وأدى إلى انعدام الأمن وزيادة معدلات الجريمة. تفشى قطاع الطرق في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث أصبحت الهجمات على المغتربين والمسافرين مشهداً يومياً.
أجبر الحوثي آلاف الأسر على النزوح، ودمر المنازل والمساجد والمدارس وحتى المستشفيات، في جرائم ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. لم تسلم من أفعاله الشنيعة حتى الأبرياء، حيث استخدم الأطفال كوقود لحروبه، وزرع الألغام التي تهدد حياة اليمنيين لعقود قادمة.
تماماً كما فعل حسن نصر الله في لبنان من إذكاء للطائفية والعنصرية، اتبع عبدالملك الحوثي سياسة التفرقة بين أبناء اليمن، وزرع بذور الكراهية بين الطوائف والمذاهب. تبنى الحوثي مشروعاً طائفياً يعيد اليمن إلى عصور الجهل والتخلف، حيث تراجعت مظاهر التعليم والتنمية، وحل محلها خطاب الكراهية والاستبداد.
لقد أحال الحوثي اليمن إلى ساحة لصراع مميت، مستفيداً من الدعم الإيراني المادي والعسكري، لضمان استمرار مشروعه التخريبي. وبذريعة مواجهة “العدوان الخارجي”، قام بتحويل البلاد إلى ساحة حرب دائمة، لا رابح فيها سوى إيران، والخاسر الأكبر هو الشعب اليمني.
عبدالملك الحوثي هو بالفعل نسخة مشوهة من حسن نصر الله، يستنسخ نفس التجربة المدمرة التي قام بها نصر الله في لبنان، لكنه يفعل ذلك في اليمن، موطناً كان يوماً ما رمزاً للحضارة والتاريخ العريق. من خلال الإرهاب، والتدمير، وإذكاء الطائفية، وتقويض الهوية الوطنية، يسعى الحوثي إلى تحقيق أهداف إيران على حساب دماء اليمنيين ومستقبلهم. وما لم يتوحد اليمنيون لرفض هذا المشروع التخريبي، فإن البلاد ستظل تعاني من عصور الظلام التي فرضها الحوثي وأسياده في طهران.