تجفيف منابع تمويل الحوثيين.. الطريق لإسقاط مشروعهم

عبدالجبار سلمان
منذ انقلابهم على الشرعية في اليمن عام 2014، تحوّل الحوثيون من مجرد جماعة متمردة إلى قوة تدميرية لا تأبه بمعاناة الشعب أو الدمار الذي لحق بالبلاد، ما دامت الأموال تتدفق إليهم. في فلسفتهم، السلطة تُنتزع بالقوة وتُحكم بالنار، وأي خسائر أخرى مهما بلغت لا تعني لهم شيئًا. لذلك، فإن قطع شريان إيراداتهم يمثل المفتاح الحقيقي لإسقاط مشروعهم وإنهاء طموحاتهم في حكم اليمن والسيطرة عليه.
لطالما اعتمد الحوثيون على مصادر تمويل متعددة، بدءًا من الدعم الإيراني مرورًا بفرض الضرائب والإتاوات على السكان والتجار، وصولًا إلى الاستيلاء على المساعدات الإنسانية، ونهب موارد الدولة، والانخراط في شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات.
هذه الموارد المالية الضخمة هي التي مكّنتهم من إدارة حربهم ضد الشعب اليمني والتحكم في المناطق التي يسيطرون عليها بقبضة من حديد. أحد أبرز مصادر التمويل يأتي عبر استغلالهم للضرائب والجمارك التي يفرضونها على البضائع القادمة إلى المناطق التي يحتلونها كميناء الحديدة على سبيل المثال، إذ أنشأوا منافذ جمركية غير قانونية تدر عليهم مليارات الريالات سنويًا.
كما أنهم لم يترددوا في فرض “المجهود الحربي”، وهي إتاوات تجبر الشركات وأصحاب المحلات وحتى المواطنين البسطاء على دفع أموال لتمويل عملياتهم العسكرية. إلى جانب ذلك، استغل الحوثيون المساعدات الإنسانية المقدمة للشعب اليمني، فقاموا بسرقتها أو إعادة بيعها في الأسواق لصالح خزائنهم، بينما يستمر ملايين اليمنيين في العيش تحت خط الفقر والجوع المدقع.
كما لجأوا إلى نهب موارد الدولة من النفط والغاز، واستخدموا عوائدها لتمويل حروبهم بدلًا من صرفها على تحسين الأوضاع المعيشية.
دخول تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية حيز التنفيذ يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه وحده لا يكفي لوقف تمددهم أو إنهاء تهديدهم. فطالما أن مصادر تمويلهم لا تزال مفتوحة، فإنهم سيواصلون شن الحروب وارتكاب الجرائم بحق اليمنيين دون رادع.
إن التعامل مع الحوثيين كطرف سياسي أو محاولة احتوائهم عبر المفاوضات لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة، بل إنه يمنحهم شرعية زائفة يستخدمونها لكسب الوقت وتعزيز نفوذهم. فالحوثيون ليسوا حركة سياسية لديها رؤية للحكم، بل تنظيم إرهابي يتبنى الفكر الطائفي ويمارس أبشع الانتهاكات، من قتل وتهجير وتعذيب وتجويع، ولا يمكن التعايش معه أو منحه فرصة للبقاء.
إذا كان إسقاط الحوثيين هو الهدف، فإن الوسيلة الأولى لتحقيق ذلك تكمن في تجفيف مصادر دخلهم. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدة إجراءات منها تشديد العقوبات المالية حيث ينبغي توسيع نطاق العقوبات المفروضة على الحوثيين، لتشمل الأفراد والشركات والكيانات التي تقدم لهم الدعم المالي، سواء داخل اليمن أو خارجه.
كما يجب استهداف شبكات تهريب الأموال التي يستخدمونها لنقل التمويل من إيران أو عبر طرق أخرى غير مشروعة. وكذلك مراقبة ووقف التدفقات النقدية فيجب فرض رقابة صارمة على التحويلات المالية التي تصل إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم، والتأكد من عدم استخدامها في تمويل أنشطتهم العسكرية.
وأيضاً قطع عوائد الضرائب والإتاوات فيمكن تحقيق ذلك عبر فرض مزيد من القيود على حركة التجارة الداخلية والخارجية، ومنع الحوثيين من الاستفادة من عائدات الضرائب غير المشروعة التي يفرضونها على التجار والمواطنين.
وكذلك وقف تهريب النفط والأسلحة فالحوثيون يعتمدون بشكل كبير على تهريب النفط لتمويل عملياتهم، ما يتطلب إجراءات دولية صارمة لمنع وصول شحنات النفط المهربة إليهم، وكذلك تشديد الرقابة على عمليات تهريب الأسلحة القادمة من إيران.
بالإضافة إلى دعم المقاومة الداخلية حيث ان الشعب اليمني هو المتضرر الأكبر من سيطرة الحوثيين، وهناك العديد من القوى الداخلية الرافضة لحكمهم، والتي تحتاج إلى دعم سياسي وعسكري لمواجهة سيطرتهم وتقويض نفوذهم من الداخل. الحوثيون لا يملكون مشروعا وطنيا، بل أجندة طائفية تخدم مصالح قوى خارجية على حساب اليمنيين.
استمرار تدفق الأموال إليهم يعني استمرار معاناتهم وإطالة أمد الحرب، بينما قطع مصادر تمويلهم هو الخطوة الأهم لإنهاء مشروعهم التدميري. يجب أن يكون الهدف واضحًا: لا تفاوض مع جماعة إرهابية، ولا شرعية لمن يمارس الإرهاب بحق شعبه، بل حصار مالي وعسكري ينهي قدرتهم على مواصلة القتال، ويعيد اليمن إلى مساره الطبيعي بعيدًا عن حكم الميليشيات.