|    English   |    [email protected]

الحوثية والدروع البشرية

الأربعاء 30 أبريل 2025 |منذ 13 ساعة
سامي الكاف

سامي الكاف

لا يمثل اختباء قيادات وعناصر تابعة للمليشيا الحوثية بين المدنيين مجرد سلوك ميداني عرضي، بل هو جزء أصيل من استراتيجية ممنهجة تعتمدها هذه المليشيا للنجاة من الاستحقاقات العسكرية، وتحويل معركة استعادة الدولة إلى أزمة إنسانية مركّبة تبتز بها العالم.

في الواقع دأبت المليشيا الحوثية على الاحتماء بالأحياء السكنية، واتخاذ المنازل والمدارس والمستشفيات مواقع لتخزين السلاح والانطلاق منها، غير آبهة بما يترتب على ذلك من تحويل المدنيين - ولا سيما الأطفال والنساء - إلى دروع بشرية يدفعون حياتهم ثمنًا لحرب قذرة لم يختاروها. وما حدث مرارًا في أكثر من جبهة، يؤكد أن هذه الجريمة ليست سلوكًا طارئًا بل نهجًا ثابتًا في منظومة المليشيا الحوثية.

في هذا السياق، يتحول كل بيت أو حي أو قرية تسمح بوجود الحوثيين أو أسلحتهم إلى هدف مشروع عسكريًا وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، الأمر الذي ينبغي على المواطنين أن يدركوه جيدًا. فالتواطؤ مع هذا الواقع، سواء بالصمت أو بالخوف، يعني القبول الطوعي بتحويل الحياة اليومية إلى معركة مفتوحة لا ترحم أحدًا.

 إنّ المليشيا الحوثية، بعدم احترامها للأرواح المدنية، لا تسعى فقط إلى حماية عناصرها، بل تهدف إلى خلق صورة مشوهة للصراع أمام المجتمع الدولي، لإجهاض أي تحرك حاسم لاستعادة الدولة. ولهذا فإنّ مسؤولية التصدي لهذا السلوك الإجرامي لا تقع فقط على عاتق القوات المناهضة للحوثية، بل هي مسؤولية جماعية تبدأ من توعية المجتمعات المحلية بخطورة التحول إلى بيئات حاضنة للسلاح والإرهاب.

إنّ فضح هذه الجريمة المتكررة، وكسر حالة الابتزاز الإنساني التي تمارسها المليشيا الحوثية، مهمة وطنية وأخلاقية وإنسانية عاجلة، لا تحتمل التردد أو التجاهل. فالحفاظ على أرواح الأبرياء، وعلى حقهم في الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، يبدأ بالرفض القاطع لتحويلهم إلى دروع بشرية في معركة لا تقيم وزنًا للقيم ولا للقانون.