|    English   |    [email protected]

اليمن.. وطنٌ يصرخ بين القيود والسجون

السبت 3 مايو 2025 |منذ 14 ساعة
كهلان الجرباني

كهلان الجرباني

لا شيء أقسى من أن تكون الكلمة جريمة، ولا شيء أفدح من أن يصبح القلم تهمةً تستوجب السجن أو القتل. في اليمن، غدا الحديث عن الحقوق مغامرةً محفوفةً بالموت، وصار الصمت هو النجاة الوحيدة التي لا تليق بأحرار هذا الوطن.

منذ سنوات، واليمن يعيش في ظل آلة قمعٍ لا تفرق بين معارضٍ وصحفيّ، ولا بين ناشطٍ ومواطنٍ بسيط. الصحافة، التي يُفترض أن تكون صوت الناس، أضحت في قبضة الترهيب، وأصبح الصحفيُّ في بلدي مشروع معتقل، أو حتى جثةً في مقبرةٍ نائية. لم يكن محمد المياحي، ولا نبيل السداوي، ولا ناصح شاكر سوى نماذج لأقلامٍ قُيّدت فقط لأنها حملت الحقيقة، وأبت أن تساوم على ضميرها.

ليس الصحفيون وحدهم من دفعوا الثمن. الناشطون الحقوقيون، والمحامون، وكل من يجرؤ على المطالبة بحرية التعبير، يواجهون حملات اختطاف وتعذيب لا تكاد تنتهي. مئات المعتقلين ما زالوا يقبعون في السجون السرية، بين زنازين مظلمة وجدرانٍ لا ترد إلا صدى صرخاتهم.

المرأة اليمنية، التي كانت في مقدمة الثورات، تواجه اليوم أبشع أشكال القمع. صار الاختطاف تهمةً جاهزةً لكل من تحاول رفع صوتها، وصار السجن نصيب كل من تجرؤ على الحديث عن حقوقها. الناشطة انتصار الحمادي لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، ممن تحولن إلى أرقامٍ في قوائم المعتقلات، لا لشيء، إلا لأنهن رفضن أن يُدفنَّ في صمت.

قد يبدو المشهد سيء، لكن الصوت الحر لم يُطفأ بعد. 
لا يزال هناك من يكتب، ومن يوثق، ومن يقاوم، رغم التهديدات والسجون والمشانق.

لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح: إلى متى؟

إلى متى سيظل العالم يتفرج على وطنٍ يُكتم أنفاسه بقبضة البطش؟

اليمن رغم كل شيء، لا يزال حياً، والحرية، رغم كل القهر، لا تزال مطلباً لن يُطمس. سنكتب، وسنصرخ، حتى يعلم الجلادون أن الحق لا يموت، حتى وإن سقط حاملوه شهداء أو أسرى.