|    English   |    [email protected]

حضور سياسي قوي وعميق في مواجهة تعقيدات الملف اليمني

الأربعاء 7 مايو 2025 |منذ يوم
سامي الكاف

سامي الكاف

في ظهوره الأخير على شبكة “بي بي إس” الأمريكية، قدّم نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين مصطفى نعمان، أداءًا يُعبّر عن مزيج من الحضور القوي والوعي السياسي العميق، كاشفًا عن إدراك واضح لتعقيدات الملف اليمني وتشابكاته الإقليمية والدولية.

لفت نظري إجاباته التي تميّزت بدقة المفردة ووضوح الرؤية، حيث لم ينجرف خلف التمنيات، بل قدّم مقاربة واقعية لما يحدث، خصوصًا في ما يتعلق بالحملة الجوية الأمريكية ضد الحوثيين. شدّد مصطفى على أن أي عملية عسكرية تفتقر إلى أهداف واضحة واستراتيجية شاملة تبقى قاصرة عن تحقيق نتائج حاسمة، موضحًا أن استنزاف الحوثيين من الجو وحده لن يفضي إلى استقرار أو تغيير فعلي ما لم يترافق مع وجود قوة برية منظمة قادرة على فرض سيطرة ميدانية.

كان لافتًا كذلك إدراكه العميق لمعضلة “الفراغ”، إذ أشار بوضوح إلى أن إضعاف الحوثيين دون وجود قوة حكومية جاهزة ومجهزة لملء الفراغ سيعيد إنتاج الفوضى، فاتحًا الباب أمام جماعات متطرفة مثل القاعدة وداعش لملء هذا الفراغ، وهو ما يُعيد الأزمة إلى نقطة الصفر وربما يزيد من تعقيدها.

أكثر ما برز في هذا الحوار - في تصوري - هو وعي مصطفى بمحدودية القوة العسكرية وحدها، ودعوته المتكررة لربط العمل العسكري بمقاربة تنموية وإنسانية تعيد الاعتبار للمواطنين في المناطق المحررة، مؤكدًا أن كسب الرهان لن يتحقق دون تحسين أوضاع الناس ومنحهم شعورًا حقيقيًا بالأمان والرعاية.

في مقابل كل ذلك، بدا مصطفى واضحًا في انتقاداته لضعف الإمكانيات الحكومية وغياب التنسيق بين القوى المناهضة للحوثيين، وهي إشارة تنم عن جرأة وشفافية وشجاعة في تشخيص الواقع دون تزييف أو مواربة.

بكلمات قليلة ولكن دقيقة، استطاع مصطفى نعمان أن يلخص معضلة اليمن الراهنة: صراع معقد لا يُحل بالشعارات ولا بالتدخلات الجزئية، بل يحتاج إلى مشروع وطني جامع مدعوم بإرادة دولية واضحة، مع مقاربة شاملة تعالج الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية على السواء.

بهذا الحضور القوي، يُعيد مصطفى نعمان التأكيد على أن القضية اليمنية، في جوهرها، تتطلب قيادة تمتلك الجرأة في الطرح والواقعية في الحلول، وهو ما مثّله بجدارة في هذا الظهور الإعلامي اللافت.