|    English   |    [email protected]

بران.. إرادة أقوى من الظروف

الاثنين 26 مايو 2025 |منذ يومين
الشيخ/ علوي الباشا بن زبع

الشيخ/ علوي الباشا بن زبع

في ذكراه الأولى، استطاع موقع "بران برس" أن يتربع على عرش الإعلام الإلكتروني اليمني في فترة قياسية أهنئ عليها أخي أ. محمد الصالحي وطاقمه على هذا الإبداع المتجدد، وهذا الصبر الجميل في مواجهة التحديات.

أغبط الصديق العزيز الصالحي، ابن مأرب وأحد رجالها المخلصين، فلديه إرادة أقوى من الظروف المحيطة به، فقد أطلق مؤسسة "بران برس" من الصفر وبتفكير طموح ومكلف، مع أني كنت أحد الذين نصحوه بأن يبدأ بالتدرج، ولكنه غامر كعادته، وخدمته إرادته في أن يقدم مؤسسة إعلامية إلكترونية متعددة الأهداف. استطاع في زمن قصير أن يجعلها رقماً في الإعلام الإلكتروني اليمني المتميز والهادف.

تذكرت المناسبة وعدت بالذاكرة إلى الزمن الماضي، قبل 15 عاماً، حين تسببا لي العزيزان أ. محمد الصالحي وزميله أ. أحمد عايض ببعض التهم السياسية والحنق من بعض الأجهزة الأمنية في صنعاء، حين أطلقا موقع "مأرب برس"، وكان هناك اتهام بأنني أقدم دعماً للموقع، مع أنني لم أدعم "مأرب برس" بريال يومها، ولم أدعم "بران برس" حالياً بفلس واحد، ليس لأني لا أرغب، ولكن لأنه ليس لدي من المال أو السلطة ما يمكنني من دعم أي مؤسسة إعلامية، لا في السابق ولا في الوقت الحالي. وآمل أن يأتي الوقت الذي أستطيع فيه، وحينها بالتأكيد سأفعل دون أي حساب لأي شيء، فأنا أُجل الإعلام ورجاله الذين يضحون ويكابدون من أجل وطن عزيز حاضر في ذاكرة الشعوب.

وبمناسبة الحديث عن الإعلام ومأرب، في عام 2010م جمعنا لقاء مقيل في صنعاء، كان فيه عدد من المسؤولين الشباب، منهم العميد عمار محمد عبدالله صالح، واللواء هاشم بن عبدالله الأحمر، والشيخ ياسر أحمد العواضي -رحمه الله-، والأستاذ خالد السودي، وعدد من الشخصيات العسكرية والقبلية الذين جاءوا للمقيل في استراحة بحي حدة. ولأول مرة التقيت العميد عمار صالح، وكان شاباً نبيهاً ومؤدباً، ينزل الناس منازلهم، ولكنه كان من النوع الذي يستهويه استفزاز من أمامه، ربما ليعرف عنه أكثر، وهذه طبيعة رجال المخابرات غالباً. 

ويومها، كان هذا الشاب يحكم قبضته على الأجهزة الأمنية والاستخبارية، وهو لا يزال في سن مبكرة، وكيلاً لجهاز الأمن القومي، أهم أجهزة المخابرات في أواخر عهد الرئيس صالح -رحمه الله-. وكما بدا لي، كانت مشاعر خليط من الإعجاب والارتياب يحملها الرجل تجاهي، حيث لم ألتقه في حياتي قبل ذلك اليوم. رحب الرجل باهتمام، وبدأ يسأل عن أحوالنا وعن مأرب، وكنت أجيب باقتضاب، حريصاً على أن تبقى الجلسة ودّية. وبطبيعته، انتقل للأسئلة المازحة: "شيخ علوي، مالك ما نشوفك؟ وإيش تسوي في مأرب؟" ومن هذا القبيل – بطبيعتهم، القادة من سنحان لا ينطقون الأسماء بدون ألقاب – إلى أن وصل عند "مأرب برس" وقال: "أنت تموّل موقع مأرب برس"، وتحدث عن مواقع أخرى. قلت له: "غير صحيح، وياريت معي إمكانيات، كنت مولتهم. وأنت ليش ما تدعمهم؟ أنصحك تدعمهم". فرد علي: "كانوا ناوين يعتقلوهم، وأنا ما سمحت". قلت له: "مش من صالحكم تعتقلوهم، هم قبائل ومن مأرب، با تتحنبوا، خلّوهم في حالهم".

وواصل بطريقته المازحة: "با نغلق مقرهم"، قلت له: "يا فندم، ماشي معهم مقر! لديهم لابتوب يكتبوا الأخبار والسيارة تمشي، ما به ما تغلق!" وضحكنا جميعاً من حكاية "اللابتوب". وتدخل الشيخ ياسر العواضي، فقطع الحديث، ربما شعر أني بدأت غير مرتاح من النقاش، وقال: "الفندم يمزح، وأنت من حقك تدعم من تريد، الشباب يستاهلوا الدعم"، وقال كلاماً زيناً، الله يرحمه. وعدنا في دردشة عامة وفُتنا على الموضوع.

الشاهد أن الإعلامي في بلادنا متهم ومُتَّهَم بأن لديه ولديه، فيما هو يحفر في الصخر ليُبقي على مؤسسته تعمل في ظروف قاهرة، وعلى حساب معيشة أسرته وراحة باله. إنها مهنة المتاعب والتهم، ولكنها من أهم الخدمات الجليلة للوطن.

الخلاصة:
الإعلام إرادة وعزيمة، أنت كإعلامي بحاجة إلى إرادة أقوى من الظروف والإمكانيات والفرص، إلى جانب أن الإعلام رسالة وقيم. وأحسب أن "بران برس" بمختلف نوافذه سيجسد هذا في مرحلة صعبة ومعقدة يمر بها الوطن الحبيب عامة، ومأرب خاصة. والله المعين والمستعان.