بران برس - وحدة التقارير:
“أصبحت مسؤولاً على مزارعه وأعطاني بيتاً وأتيت بأسرتي وساعدني بأشياء كثيرة"، بهذه العبارات بدأ النازح "محمد الحميري" حديثه لـ"برّان برس" عن مواطن في محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن) استقبله وأصبح سنداً له إثر نزوحه في العام 2016.
ويضيف "الحميري" 40 عاماً، والذي نزح من محافظة إب (وسط اليمن)، عن مأرب والتي وصلها ليتعرف على أحد أبنائها وهو "صالح فرحان بن جلال" الذي قال إنه “وفر له العمل والسكن، ثم السكن الخاص بأسرته التي أدركته في عمليه النزوح هرباً من الحرب التي شنتها جماعة الحوثي المصنفة عالمياً في قوائم الإرهاب".
وعن بداية عمله يقول النازح “الحميري” بأنه عمل في بئر ماء تعود ملكيته لـ“بن جلال” ، وذلك بسقي الأرض وتعبئة السيارات الخاصة ببيع المياه.
ومضى حديثه بالقول: "إنه بعد عام صار مسؤولاً مباشراً عن مزارع المضيف، ليعطيه بيتاً، لمّ شمل أسرته بالكامل".. مشيراً إلى ما أطلق عليه كرم أبناء مأرب الذي لا يمكنك أن تستغرب منه.
ويرى أن ما لقيه من “جميل ومعروف يستحق الشكر والتقدير ليس لصالح فرحان بن جلال الذي وفر له الملاذ والسكن الآمن فقط، بل لكل قبائل محافظة مأرب الذين قدموا للنازحين الكثير"، وفق تعبيره.
"بن جلال" نفسه لم يمانع من الحديث لـ"بران برس" عن قصة استضافته لـ“الحميري”، ويقول إن ما قام به هو “واجب تجاه أخ له، وسيقوم به لأي يمني من أي المحافظات".
وقال "إن الحميري وغيره هم أيضاً يقومون بواجبهم ويعملون ويجتهدون من أجل الحصول على قوتهم"، مضيفاً "أن كل النازحين حركوا عجلة الاقتصاد في مأرب، سواء في الزراعة أو التجارة، وأن مأرب أصبحت بفضل من قدم إليها مدينة كبيرة لها ثقل كبير على مستوى اليمن ودول الجوار".
واستطرد إلى موضوع آخر، أن "صمود مأرب يعود الفضل لأبنائها وكذلك لأبناء جميع المحافظات الذين قدموا أروحهم وارتوى ترابها بدمائهم" وقال "أصبحنا إخوة في الدم بعد أن كنا إخوة في الدين والوطن".
ومنذ العام 2015 بدأت أمواج النازحين تتدفق إلى مأرب من كل المحافظات اليمنية خاصة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما جعل تلك الأعداد تواجه تحديات كبيرة إلا أن المجتمع المستضيف كان عند قدر المسؤولية وعمل على تقاسم الأعمال والمساكن مع أعداد من أولئك الهاربين من حرب الحوثيين وتداعياتها الكارثية.
تكاتف
الشاب "عابد العباسي" 32 سنة، نازح من محافظة تعز، (جنوبي غرب اليمن) قال إنه وجد "حسن بن جلال" الذي قبله عاملاً في محل لبيع المواد الغذائية، ليستمر معه حتى اليوم.
وأضاف في حديث لـ“برّان برس”: "كنت وحيداً هنا، وحين تعرفت على حسن بن جلال، اشتغلت في "بقالة" مملوكة له، ثم استلمت منه مجمعاً تجارياً فيه البقالة ومحطة وذلك بمنطقة الحصون".
لم ينقطع عطاء “حسن بن جلال” لـ“العباسي” الذي قال إنه أعطاه بيتاً فتزوج وكون أسرة، وأصبح هو “كل شيء”، إذ استلم منه الأرض وبقالتين ومحطة أخرى، مضيفاً بالإشارة إلى "بن جلال" بأنه "كان يسافر ويعود وكل شيء في عهدتي".
وأشار إلى أنه هو الآخر استقدم عمالاً من منطقته، ممتناً على ما وجده من تكريم من أبناء مأرب خاصة بن جلال، الذي يقوله عنه "احتوانا وأعطانا، وهناك الكثير مثلي أصبحوا مع أسرهم يتقاسمون الرغيف مع أبناء المحافظة".
من جهته يعتبر "حسن بن جلال" ما قدمه هو نوع من التكاتف بأن يكون الجميع يداً واحدة، فلا بد من أن يسند بعضنا بعضا".
وقال "آل جلال خصصت أرضاً كمخيم للنازحين وأن هناك من أصبح يعمل في الأرض الزراعية أو التجارة ويسكنون في بيوت أعطيت لهم وهو واجب إنساني وديني".
مساعدة أرملة
إلى ذلك، تقول "أم عدي" وهي نازحة من محافظة صنعاء، وقدمت إلى مأرب بمعية زوجها الذي كان أحد أفراد الجيش الوطني، وبعد استشهاده لم تستطع الاستمرار مع أطفالها في منزل "إيجار" فبحث عن أرضية في مخيم الجفينة، فوجدت عن طريق أحد أبناء مأرب.
وقالت لـ"برّان برس"وجدت أرضية في "الجفينة" من أحد أبناء مأرب والذي ساعدني في بناء البيت وانتقلت للعيش فيه مع أسرتي وفيه وجدت نهم الجيران والإخوة".
وأضافت "تعرفت على أسر مأربية والتي فتحت لي مزارعها لآخذ ما يكفيني من الخضروات والبرتقال وكل ما يتم زراعته".
وتحتضن محافظة مأرب (شمالي شرق اليمن)، 2274453 نازحاً وبنسبة 73.67% من اجمالي النازحين في المحافظات المحررة، بحسب آخر إحصائية للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين وهي جهة حكومية.